الأحد، 4 نوفمبر 2012


بسم الله الرحمن الرحيم
محاسبة النفس ..!!
       ان قضية محاسبة النفس لهي على جانب عظيم, فهي من يقظة الواعيين المستيقنين بالدار الاخرة. المدركين لحجم الدنيا بجانب الاخرة فيعطون الاولى وزنها  والآخرة قدرها فهي خير وأبقى "وللآخرة خير لك من الاولى ",والذين يستعدون ليوم الحساب العظيم ويحسبون له حسابه , فمن ادرك انه متجه بقضاء مبرم نحو حساب نقاشه عذاب كما قالت ام المؤمنين عائشة ( من نوقش الحساب فقد عذب ) سارع وتدارس وتدارك بمحاسبته لنفسه في سعة من العيش من دنياه فيصلح ما افسد بتقصيره ,ويسرع بما أبطأ به عمله ويرمم ما صدعته ذنوبه ومعاصيه فيكون مستعدا ليوم صبحه يوم القيامة. ولما كانت الحقيقة ان كل بني آدم خطّاء كانت الحاجة الضرورية هي تتبع المرء لسقطاته وزلاته وعوراته, فاليوم عمل ولا حساب ويمكن ان نتلافى ونتدارك فنحاسب النفس نزجرها ونطوعها ونحملها ونرفعها فغدا حساب وأي حساب ولكن لات ساعة مندم فلا وقت لتدارك أي أمر, كيف لا وقد أعطانا ربنا عز وجل فرصة في الدنيا نحاسب بها أنفسنا  قال تعالى" ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا " وروى الحاكم وصححه والترمذي وحسنه عن شداد بن أوس رضي الله عنه قال " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت ، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني"وقال سيدنا عمر رضي الله عنه : "حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، وزنوها قبل أن توزنوا وتهيئوا للعرض الأكبر ". وكتب إلى أبي موسى : "حاسب نفسك في الرخاء قبل حساب الشدة "
      وان حساب النفس له أثران : أثر في الدنيا. وأثر في الاخرة: وأما الاثر في الدنيا فيظهر على استقامة العبد وفي رقي سلوكه وروعة انضباطه وهو ينزع نحو الكمال الانساني فتقل زلاته ولا تجد منه إلا الطيب من القول والفعل فيطيب للناس ذكره ويحبون الاقتداء به ويضربون الامثلة به ويستشهدون به في الخيرات...رغم انه ليس لهذا كان يسعى ويتفانى. وانه لعمر الحق ان كان هذا ما يدركه  كل فرد صالح يتمم نقصه بمحاسبة نفسه بتلويمها وديمومة تقويتها فان هذا لهو آكد في حق حملة الدعوة وهم الثلة الطلائعية ومقدمة الركب في قيادة الناس نحو الخيرات والتزام كل الطاعات وعلى رأسها الحكم بما انزله الله باستئناف الحياة الاسلامية .. ذلك ان حامل الدعوة هو محل لمحاسبة الناس ومحط انظارهم بما تقدم ليقودهم به حيث لا تعطي الناس قيادتها الا لورع تقي نقي, محل قدوة عطرالذكر قوي أمين ولا يتأتى هذا لاحد إلا اذا اتخذ من محاسبة النفس سجية يومية بل لحظيه يتمم بها نقائصه ويحيط بها أمره باستقامة وحراسة..وان الدور القيادي الطلائعي يلقي بظلاله على مقتضيات الاهلية من ديمومة اليقظة على الزلات والحرص على القوة في القدوة والمثال والإحاطة بكل الاسباب التي تقي من العثرات .. ولا سبيل الى كل هذا إلا  باثنتين وهما: النصيحة وديمومة المحاسبة للنفس وجلدها الى حد تطويعها لضمانة الاستقامة على مقياس القادة الابدال..ولله در القائل ( رحم الله من هدى اليّ عيوبي) فدرجة القبول والترحيب والشكر على من ينبهنا لعيوبنا هي درجة الشكر على الهدية وفي ذلك تطويع للنفس على مبدأ قبول النقد والمحاسبة من الغير وأما محاسبة النفس للنفس فهي آكد و أولى.
·        صور المحاسبة:
1.      محاسبة النفس على الصعيد الفردي في الالتزامات الاسلامية  وأثرها على النفس وعلى الركب ايجابا أو سلبا..
    ان الالتزامات الاسلامية من قيام بالواجبات وترك للمحرمات والحرص على المندوبات والقربات والحرص على ترك المكروهات والترفع عن بعض المباحات يحرص عليه أهل التقوى كل الحرص التزاما وطاعة لله وابتغاء رضوانه وطمعا بجنته وهروبا من زفير نيرانه و لا يتم ذلك إلا بمحاسبة النفس من قبل حملة الدعوة مرتين: مرة حرصا على النقاء وإخلاصا خالصا لله يقتضي التأكيد على المحاسبة في محاسبة فوق المحاسبة فيحاسب حامل الدعوة نفسه مرة اخرى وفق معيار يكون فيه اسبق الناس للقيام في الواجبات وترك المحرمات والبعد عن الشبهات ويكون اسبقهم في التنافس على القربات فيحز في نفسه ويؤرقه أن يسبقه الناس على حضور صلاة الجماعات ويستنفره ان تتجافى جنوب بعض الناس ممن لا يحملون الدعوة عن المضاجع ويصلون الفجر في جماعة وهو يرقد في فراشه, ويندى جبينه خجلا أن يرى الناس أو بعضهم يسبقونه في أي من الفضائل أو يفجر ان خاصم في حين ان خصمه من الناس يصفح ويسامح وانه والله لما تتفطر منه القلوب ويهتز له كيان النفس أن من بيننا ممن لا يحاسبون انفسهم ولا يأطرونها على الحق أطرا فيعاير به أصحاب الدعوة في بعض المناسبات أو المواقف مما يضطر الركب أن يقولها صريحة أن يا من تضرون بنا أعينونا من أنفسكم واكفونا شركم فانتبهوا لسلوككم و لنسلكم وذريتكم وزنوا سلوكهم وأحيطوهم بكل رعاية وهداية ولا تفجروا ان خاصمتم بل ادفعوا بالتي هي احسن فهو أقوم فهذا خلق يعلمكم به ربكم كي تكونوا منارات وعلامات تهتدي بها الناس في الظلمات ... وانه والله لا يليق بحامل الدعوة أن يكون وعاءا مليء بالخيرات فلا يتجانس معها ولا يحرص كل الحرص على محاسبة نفسه في الصغيرة قبل الكبيرة وفي اللمم قبل العظائم .. وليكن شعار المحاسبة هو على معيار نجعل فيه بيننا وبين الحرام سترة من الحلال فلا نكون على حدود الحرام حتى لا نقع فيه .

2.     على صعيد حمل الدعوة والقيام بتكاليفها على نحو فيه المسابقة والمسارعة والمنافسة والتفاني والتضحية ... ورجاء القبول
    ان حمل الدعوة فيه متطلبات كثيرة وتقوم كلياته على جزئيات كثيرة قد لا يأبه بها البعض ولا يعدونها بل يمرون عنها مرور الكرام فلا يحاسبون انفسهم عليها وقد يكثرون من التبرير والاستهانة بتركها وان هذا لهو بداية النقص ومدخل للخطر فقد يتهاون الواحد في عمل هنا أو هناك أو معلومة هنا أو هناك أو متطلب هنا او هناك ويبرر بما يحلو له وان التبرير يمحق الاعمال ويذهب بها وان من كثر تبريره كثر اعتذاره ومن كثر اعتذاره كثر تقصيره ومن كثر تقصيره سهل ضياعه ولا سبيل للنجاة من كل ذلك إلا بالمحاسبة الدقيقة الصارمة والتي يكون ثمرتها الشدة بالحق والتفاني والدقة والإتقان والمثابرة والصبر والحرص والقوة والتشديد على المعايير الدقيقة كميزان الذهب يزن بالذر لان الذر من الذهب ثمين وان أي عمل له مساس بالدعوة فهو أثمن من الذهب فيوزن بأدق من ميزان الذهب وعليه يكون الحساب .. عن عبد الله بن دينار أن أبا صالح السمان أخبره أن أبا هريرة ، قالإن الرجل ليتكلم بالكلمة ما يلقي لها بالا يهوي بها في نار جهنم ....).. ان محاسبة حامل الدعوة لنفسه لا يكون فقط على اسقاط الواجب فقط فلا يكون مثلا على التأخر عن الحلقة بل عن عدم التبكير لها وليس على عدم التحضير لها وعدم التفاعل بها بل على عدم التفوق في كل شيء متعلق بها وكذلك فان محاسبة النفس لا تكون على حضور درس عام او محاضرة جامعة بل تكون على التبكير والحشد لها ودعوة المعارف وترتيب حضورهم واخذ ردة فعلهم ودوام التواصل معهم, وكذلك فان محاسبة النفس لا تكون فقد على الاتصال بالناس لأجل كسبهم أو بالرأي العام لأجل بنائه بل تكون بأخذ كل الاسباب الممكنة للنجاح وكذلك الامر في توزيع الاصدارات فلا تكون محاسبة النفس على عدم توزيعها فقط ولا بتأنيب النفس وتخويفها وتوبتها من اهمال كمية صغيرة أو بوضعها على الرف يعلوها الغبار بل المحاسبة تكون للنفس على أداء مادتها و مراقبة بدو صلاح ثمرتها بترتيب زيارات بحسب ما تقتضيه الحاجة وما تقتضيه الغاية منها واخذ ردود الفعل عليها لدوم قياس المجتمع وتفاعله مع دعوتنا..نعم ان محاسبة النفس على اصولها تكون وفق هذه المعايير الدقيقة والتي تكفل وتضمن بناء النفسية على الاسراع والتفاني والمنافسة بإعطاء الدعوة القلوب والعقول والحرص كل الحرص طاعة لله وصفقة معه ( وفي ذلك فليتناف المتنافسون) (لمثل هذا فليعمل العاملون) وبهذا يكون حامل الدعوة قد بنى نفسه على قيم خاصة رفيعة تضمن بمشيئة الله الرقي بنا الى مستوى الصحابة الكرام رضي الله عنهم وعلى عزمات الصديقين منهم, ومن يطلب الدرجات العلى لا بد له من قفزاتها وعزماتها وهي لا تكون بمحاسبة النفس على اقل التكاليف ولا أيسرها ولا بأقل الكميات والأعمال ولا بالفروض دون المندوبات أو المحرمات دون المكروهات بل وبالوقوف على ما يليق وما لا يليق في المباحات...وبالأخذ بالعزيمة دون الرخصة فيما تقتضيه صلابة الدعوة ورسوخ شخصيتها اخلاصا خالصا لله وحده وصدقا مع رسوله واستبشارا ببيعكم الذي بايعتم مع ربكم .

3.     ليس من العيب جلد النفس وتعنيفها بشكل داخلي وتوسيع النطاق مع مراعاة عدم الاخلال
      ان فكرة محاسبة النفس والحاجة لتعنيفها وتقويم اعوجاجها وتقصيرها ومعالجة ابطائها عن الخيرات وعدم المنافسة والمسابقة والتفاني في المهمات وعدم الأخذ بالعزائم انما يقوم على ان صفقتنا هي مع الله وابتغاء رضوانه ولن نعصيه ولن نقصر في جنبه على ارضه وتحت سمائه وقد رزقنا من مائه وهوائه وأسبغ علينا نعمه ظاهرة وباطنة وأعظم من هذا فقد انقذنا من النار وقد كنا على شفا حفرة منها فجعلنا مسلمين وزاد في نعمته علينا بحمل الدعوة مع حزب التحرير فاتضحت لنا به فكرة الاسلام وطريقته وحملنا من خلاله الدعوة على بصيرة وفق منهج الاسلام في التغير فاستحقت كل هذه النعم الغامرة منا كل جهد ورمق وكل اخلاص ومسابقة وتضحية وتفان شكرا وإخلاصا لله فنحاسب انفسنا اشد المحاسبة حسابا عسيرا على هذا الاساس ومن هذا المنطلق ولنا خير مثال وقدوة في صحابة رسولنا الاكرم وهم يدركون ويضعون نصب اعينهم قول الله عز وجل ( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره)وقوله تعالى: " يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا ويحذركم الله نفسه " آل عمران : 30 ] وقوله تعالى : " واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه  " البقرة :  235 وقد استدل بذلك أرباب البصائر أن الله تعالى لهم بالمرصاد ، وأنهم سيناقشون في الحساب ، ويطالبون بمثاقيل الذر من الخطرات واللحظات ، فتحققوا أنهم لا ينجيهم من هذه الأخطار إلا لزوم المحاسبة وصدق المراقبة ومطالبة النفس في الأنفاس والحركات ، ومحاسبتها في الخطرات واللحظات .فمن حاسب نفسه قبل أن يحاسب خف في القيامة حسابه ، وحضر عند السؤال جوابه ، وحسن منقلبه ومآبه ، ومن لم يحاسب نفسه دامت حسراته ، وطالت في عرصات القيامة وقفاته ، وقادته إلى الخزي والمقت سيئاته . فحتم على كل ذي حزم آمن بالله واليوم الآخر أن لا يغفل عن محاسبة نفسه والتضييق عليها في حركاتها وسكناتها ، وخطراتها وخطواتها ، فإن كل نفس من أنفاس العمر جوهرة نفيسة لا عوض لها ، يمكن أن يشترى بها كنز من الكنوز لا يتناهى نعيمه أبد الآباد . فانقضاء هذه الأنفاس ضائعة أو مصروفة إلى ما يجلب الهلاك خسران عظيم هائل لا تسمح به نفس عاقلقال تعالى" يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد ) [ الحشر : 18 ] وهذه إشارة إلى المحاسبة على ما مضى من الأعمال ، وقال تعالى " وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون "النور : 31 ] والتوبة نظر في الفعل بعد الفراغ منه بالندم عليه ، وقال تعالى " إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون ) " الأعراف : 201 ] وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " إني لأستغفر الله تعالى وأتوب إليه في اليوم مائة مرة " وقالعمر " رضي الله عنه : " حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوها قبل أن توزنوا " . وقالمالك بن دينار " : " رحم الله عبدا قال لنفسه : ألست صاحبة كذا ألست صاحبة كذا ؟ ثم ذمها ثم خطمها ثم ألزمها كتاب الله تعالى فكان له قائدا " .  عن عمر بن الخطاب t أنه صعد المنبر يومًا فقال: « إني كنت أرعي الغنم لبني فلان علي قراريط وكنت كذا وكذا ، ثم بكي ونزل فقال له عبد الرحمن بن عوف: ما زدت علي أن أذريت لنفسك ، قال: إن نفسي حدثتني بالخلافة فأردت أن أؤدبها" وعن أنس بن مالك قالسمعت عمر بن الخطاب يوما – وقد خرجت معه حتى دخل حائطا - فسمعته يقول وبيني وبينه جدار ، وهو في جوف الحائط : " أمير المؤمنين !! بخ  بخ ، والله لتتقينّ الله أو ليعذبنّك " .قال الحسن البصري : " المؤمن قوّام على نفسه ، يحاسب نفسه لله عز وجل ، وإنما خفّ الحساب يوم القيامة على قوم حاسبوا أنفسهم في الدنيا ، وإنما شقّ الحساب يوم القيامة على قوم أخذوا هذا الأمر من غير محاسبة. ".وفي قوله الله تعالى" ولا أقسم بالنفس اللوامة " القيامة . قال الحسن البصري : " لا تلقى المؤمن إلا يعاتب نفسه : ماذا أردت بكلمتي ؟ ماذا أردت بأكلتي ؟ ماذا أردت بشربتي ؟ والفاجر يمضى قدما لا يعاتب نفسه ".وعن عطاء قال: " دخلتُ على فاطمة بنت عبد الملك بعد وفاة عمر بن عبد العزيز ، فقلت لها : يا بنت عبد الملك ، أخبريني عن أمير المؤمنين ، قالت : " أفعل، ولو كان حيّاً ما فعلت ! إن عمر رحمه الله كان قد فرغ نفسه وبدنه للناس ، كان يقعد لهم يومه ، فإن أمسى وعليه بقية من حوائج يومه وصله بليله ، إلى أن أمسى مساء وقد فرغ من حوائج يومه ، فدعا بسراجه الذي كان يسرج له من ماله ، ثم قام فصلى ركعتين ، ثم أقعى واضعاً رأسه على يده تتسايل دموعه على خده ، يشهق الشهقة فأقول : قد خرجت نفسه ، وانصدعت كبده ، فلم يزل كذلك ليلته حتى برق له الصبح ، ثم أصبح صائماً ، قالت: فدنوت منه. فقلت : " يا أمير المؤمنين ، رأيت شيئا منك البارحة ما رأيته قبل ذلك ، فما كان منك ؟ " قال: " أجل، فدعيني وشأني وعليك بشأنك " ، قالت: فقلت له : " إني أرجو أن أتعظ " ، قال: " إذن أخبرك، أني نظرت إليّ فوجدتني قد وليت أمر هذه الأمة صغيرها وكبيرها ، وأسودها وأحمرها ، ثم ذكرت الغريب الضائع ، والفقير المحتاج ، والأسير المفقود وأشباههم في أقاصي البلاد وأطراف الأرض ، فعلمت أن الله سائلني عنهم ، فخفت على نفسي خوفاً دمعت له عيناي ، ووجل له قلبي ، فأنا كلما ازددت لها ذكراً ازددت لهذا وجلاً ، وقد أخبرتك فاتعظي الآن أو دعي " .
     نعم يا حملة الدعوة بهذه النفسيات و العزمات وتلك الشهقات وبتلك المحاسبة العسيرة الشاقة على النفس تكون أهلية الرجال في اقتعاد ذرى المجد و بعد ان نكون قد أرينا الله من أنفسنا ما يرضيه عنا فيرى بكائنا على خطايانا وتقصيرنا الذي نتبعه ما يزيله أو يجبره ولعل الله يطلع على قلوبنا وإخلاصنا وإسراعنا وتفانينا ما ينصرنا به نصرا عزيزا تاقت له نفوسنا وترنو اليه ابصارنا وأفئدتنا تكون فيه عزة الاسلام على ايدينا ... اللهم اصنعنا على عينك واصطنعنا لنفسك وخذ منا ما يرضيك واجعلنا أهلا لموعودك بالنصر والتمكين والاستخلاف في الارض .

(وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ۖ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ) البقرة 281

(وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ) 123 البقرة
وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين.

3/11/2012م


الأربعاء، 19 سبتمبر 2012

حامل الدعوة شخصية فاعلة ومؤثرة


حامل الدعوة شخصية فاعلة ومؤثرة 

        لقد خلق الله الناس على خصائص, وخيّرهم بخلال سيحاسبهم عليها, وشرع لهم من الدين ما ينظم عيشهم ويرفع شأنهم, ويجعلهم خلفاء الأرض بما التزموا واستقاموا , يعبدون الله لا يشركون به شيئا, ولا يرضون عن حكمه ونظامه بديلا , يؤثرون بالخير ولا يتأثرون بالشر فيطمئنون ويسعدون,  وقد خلق الله عز وجل الطاقات الحيوية في الإنسان مختلفة ومتفاوتة قوة وضعفا فيما  بينها في الشخص الواحد من جهة, وبين الناس فيما بينهم من جهة أخرى, فمن الناس من تظهر عنده غريزة التدين على النوع, أو البقاء على التدين, أو يظهر مظهر الشجاعة من حب البقاء على الكرم منها , أو مظهر نفع الغير من النوع على مظهر الجبن من حب البقاء, هذا في الشخص الواحد, ومع الآخرين تجد الاختلاف والتناقض والتفاوت على هذه الصور بل هو أكثر, ولما كانت الغرائز تتأثر وتتحرك بمثير خارجي كان للبيئة والمجتمع الأثر البالغ في التأثير على تحريك بعض المظاهر وطغيانها على غيرها فيكون للبيئة الأثر الأكبر من حيث نشوء الشخص وتحركه وتأثيره وتأثره, فالبيئة التي تتغنى بالكرم تصنع مثل حاتم الطائي, والبيئة التي تفخر بالفروسية والشجاعة والقسوة تصنع مثل عنترة وخالد بن الوليد, والبيئة التي يرضع فيها الأطفال حليب الإباء والعزّة والكرامة ورفض الضيم إذا بلغ الفطام فيها رضيع تخر له الجبابرة ساجدين, والبيئة التي تعيش نهضة ووعيا وتكون من خصائص تربتها المسؤولية عن الغير ويكون أساس مكوناتها عقيدة فكرية سياسية وقيادة فكرية يكثر فيها رجال الدولة والساسة البارعون فترى فيها مثل أبي بكر وعمر وعلي وابن عبد العزيز وعبد الرحمن الداخل ومحمد الفاتح والسلطان عبد الحميد .



المرأة بين أعلى درجات الرفعة في الإسلام وبين أسفل دركات الرأسمالية والأنظمة الوضعية

تمهيد:-

       تخرج علينا بين الفينة والأخرى, بعض الأقلام المسمومة, والأصوات المأجورة للغرب, الحاقد على الإسلام- كحضارة تعطي المرأة قدرها حق قدرها- لتنال تلك الأقلام والأصوات من رعاية الإسلام وحفظة للمرأة وتكريمه لها, -كجوهرة مكنونة مستورة لا ينالها احد ولو بطرفة عين ولا أكثر . وتحت عنوان :" المرأة في فلسطين معنفة - ضرب واهانة وجنس بالإكراه وحرمان من الميراث" نشرت وكالة معا الإخبارية تقريرا بتاريخ 25/6/2012م عن برنامج في لقاء حول هذه القضايا بما يشير إلى درجة الوحشية التي تعيشها المرأة في ظل أنظمة وضعية لا تراعي أدنى حقوق الإنسانية للمرأة, ولكن البرامج هذه فاتها ذكر الأسباب والمسببات, فلم تتطرق لتشخيص الداء على حقيقته وتبين أن سبب أي حال مترد هو سيطرة الأنظمة الوضعية, من ترقيعات  المبدأ الرأسمالي, والذي لا ينظر إلى المرأة أكثر من كونها سلعة تباع وتشترى وتستغل استغلالا قذرا , تلك النظرة الجائرة والمبنية على النظرة المستحقرة المستعبدة للمرأة, ولم تتطرق تلك البحوث واللقاءات إلى تشريعات الإسلام, ولا إلى تاريخ حكمه وتقديره للمرأة وكيف انه اعتبرها الأم وربة البيت والعرض الذي يجب أن يصان فلا يهان بل وتبذل الدماء رخيصة حتى يسلم الشرف الرفيع من الأذى فالإسلام وحده هو الذي حفظ المرأة واعتبرها عرضا وجعل ذلك هدفا من الأهداف العليا لصيانة المجتمع.

الدعاوات الكاذبة الخاطئة المتربصة :

    وان الناظر إلى كافة التحقيقات والدعوات في بلاد المسلمين إلى تحرير المرأة وإعطائها كامل حريتها وحقوقها وتحويلها كما المرأة في الغرب ما هي إلا دعوات لأهانتها واستعبادها واستحقارها على كافة الصعد اسريا ومجتمعيا في الحالة الفردية ومن ضمن الجماعة, وما قضية حقوق المرأة إلا دعوة ضد سترها والحرص عليها كما يحرص الإسلام  في تشريعاته وتوجيهاته وتنفيذ أحكامه وللرد على هذه الأصوات وبيان حقيقة الأمر والفرق بين حدود الإسلام وسمو أحكامه ورفعته للمرأة وبين امتهانها وإذلالها وإهلاكها في المبادئ الوضعية وما يدعو لها هؤلاء نعرض:

دور الإسلام المحوري المنقذ للمرأة والحامي والراعي لها مع بعض المقارنة مع بعض النظم الوضعية  :-

1-                     نظرة الإسلام للمرأة من مهدها وحتى لحدها ومدى الاهتمام بها وإحاطتها بكل رعاية وتقدير لا يقاربه ولا يشابهه ولا يدنو منه أي نظام في الدنيا بأسرها .
2-                     بعض الإحصاءات الواضحة الفاضحة والتي ترينا وكل مبصر إلى مدى الضنك والضياع والهلاك الذي تعيشه المرأة في ظل حكم غابت عنه شمس حكم الإسلام ونضيف على ذلك قياسا بين عيش المرأة في الأسرة الإسلامية على النزر لمجرد وجود المسحة الإسلامية  اليسيرة في أيامنا هذه والفرق مع عيشها في الغرب في ظل حكم شرعة الغاب.
3-                     الخلاصة .

** نظرة الإسلام للمرأة من مهدها وحتى لحدها

* لقد رعى الإسلام المرأة وأعطاها قدرها حق قدرها منذ مهدها فكانت وصية غالية وأمانة عظيمة ومأثرة إن أحسن الأهل رعايتها وأدو أمانة الله في حقها فقد وعدهم الله الجنة ونعيمها.. عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال"من عال ثلاث بنات يكفيهن ويرحمهن ويرفق بهن فهو في الجنة أو قال : معي في الجنة ". المصنف كتاب الأدب    . وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من كان له ثلاث بنات فصبر على لأوائهن وسرائهن وضرائهن أدخله الجنة بفضل رحمته إياهن ، قال رجل : وابنتان ؟ قال : وابنتان ، قال رجل : وواحدة ؟ قال : وواحدة . المصنف كتاب الأدب. وهذه ميزة للبنت حرص الإسلام عليها كل الحرص -بعدل معالجاته  واستقامة أحكامه- مقارنة بما كانت عليه الجاهلية فكان رحمة ما بعدها رحمة وهو لا زال على وصيته وصدق معالجاته في ظل جاهلية القرون التي ظهر فيها المبدأ الرأسمالي,  الذي أطلق الحريات مما أتاح بإطلاقه الفرصة لمزيد من الاعتداء والقتل في حق الأطفال من البنات في اعتداءات جنسية يشيب منها الولدان وتشمئز منها جاهلية الأولين من الناس. ما يشير بشكل واضح قاطع إلى مدى حاجة العالم أجمع إلى تشريعات الإسلام واستقامة أحكامه وتطبيق نظامه ,الأمر الذي يوجب على الحقوقيين وكل لجان تدعي الحرص والبكاء والدعوة لحفظ كرامة المرأة- بنتا وإنسانا لها الحق بالحياة الكريمة -أن يحملوا دعوة الإسلام وان يستنفروا في طلبه .

* ولقد رعى الإسلام المرأة شابة راشدة وجعلها نصف المجتمع وجعل لها حقها في العمل بما يمنع استغلال أنوثتها فرفع من قيمتها ولم يجعل ثغرة ترى فيها ضعفا بل أحاطها بالقوة والاحترام فحرم عليها أن تعمل عملا تأكل من خلاله بأنوثتها واعتبرها درة كريمة مصانة أحلها بكلمة الله ووفق أحكامه وتزف لبيت الزوجية بشكل راق مهيب لتصبح ربة بيت وأما وعرضا يحرس ويصان ويفتدى بالنفس والدم.

* وقد جعل لها حقا حتى في محاسبة رأس الدولة وتصويبه فقد حجت امرأة عمر بن الخطاب في تقدير المهور حتى قال مقالته العابرة للأجيال فقال( أخطأ عمر وأصابت امرأة) واللافت للنظر أن العبرة كانت بالحجة واحترام صاحبها بصرف النظر عن جنسه أو لونه فكان في السياق عمر علما باسمه ومنصبه وعلمه وقوة شخصية وامرأة  في السياق نكرة بغض النظر عن مكانتها وعن من هي وهذا تشديد لافت للنظر لمدى احترامها وتقديرها وتقديم رأيها على رأي أمير المؤمنين عمر بوجاهة الحق وقوة الحجة الدامغة وبصرف النظر عن من هي في حسبها ونسبها ومنصبها فأي امرأة تحاسب بالحق وتنطق بالحجة فهي الغالبة وتقطع قول كل خطيب ولو كان أمير المؤمنين أو ابن الأكرمين.

 *   لقد كانت المرأة ولازالت وصية نبينا صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع : عن سليمان بن عمرو بن الأحوص حدثني أبي أنه شهد حجة الوداع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمد الله وأثنى عليه وذكر ووعظ ثم قال: ( استوصوا بالنساء خيرا فإنهن عندكم عوان.... ألا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن)) سنن ابن ماجة. وقوله: " إن النساء شقائق الرجال ". عن أنس بن مالك ، قال : كان البراء بن مالك رجلا حسن الصوت فكان يرجز برسول الله صلى الله عليه وسلم ، فبينا هو يرجز برسول الله في بعض أسفاره إذ قارب النساء ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إياك والقوارير ، إياك والقوارير " . فأي رفق وأي تلطف ووصاية هذه فقد استحال نظيرها في الأمم وفي العامين. ( ( قد أبطل الإسلام كل ما كان عليه العرب والعجم من حرمان النساء من التملك أو التضييق عليهن في التصرف بما يملكن ، واستبداد أزواج المتزوجات منهن بأموالهن ، فأثبت لهن حق الملك بأنواعه والتصرف بأنواعه المشروعة ، فشرع الوصية والإرث لهن كالرجال ، وزادهن ما فرض لهن على الرجال من مهر الزوجية والنفقة على المرأة وأولادها وإن كانت غنية ، وأعطاهن حق البيع والشراء والإجارة والهبة والصدقة وغير ذلك . ويتبع ذلك حقوق الدفاع عن مالها كالدفاع عن نفسها بالتقاضي وغيره من الأعمال ، وأن المرأة الفرنسية لا تزال إلى اليوم مقيدة بإرادة زوجها في جميع التصرفات المالية ، والعقود القضائية ) )

  * كان بعض البشر من الإفرنج وغيرهم يعدون المرأة من الحيوان الأعجم أو من الشياطين لا من نوع الإنسان ، وبعضهم يشك في ذلك ، فجاء محمد - صلى الله عليه وسلم - يتلو عليهم قول الله تعالى : ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى ) الآية : وقوله : ( خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء وما في معناهما, وكان بعض البشر في أوربة وغيرها يرون أن المرأة لا يصح أن يكون لها دين ، حتى كانوا يحرمون عليها قراءة الكتب المقدسة رسميا ، فجاء الإسلام يخاطب بالتكاليف الدينية الرجال والنساء معا بلقب المؤمنين والمؤمنات ، والمسلمين والمسلمات . كان أول من آمن بمحمد خاتم النبيين - صلى الله عليه وسلم - امرأة ، وهي زوجه خديجة بنت خويلد - رضي الله عنها - وقد ذكر الله تعالى مبايعته - صلى الله عليه وسلم - للنساء في نص القرآن ثم بايع الرجال بما جاء فيها ، ولما جمع القرآن في مصحف واحد جمعا رسميا وضع عند امرأة هي حفصة أم المؤمنين ، وظل عندها من عهد الخليفة الأول أبي بكر الصديق إلى عهد الخليفة الثالث عثمان - رضي الله عنهم - فأخذ من عندها واعتمدوا عليه في نسخ المصاحف الرسمية التي كتبت وأرسلت إلى الأمصار لأجل النسخ عنها والاعتماد عليها .

 * ولقد كان بعض البشر يزعمون أن المرأة ليس لها روح خالدة فتكون مع الرجال المؤمنين في جنة النعيم في الآخرة - وهذا الزعم أصل لعدم تدينها - فنزل القرآن يقول : ( ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا ) ويقول : ( فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض ) الآية . وفيها الوعد الصريح بدخول الفريقين جنات تجري من تحتها الأنهار .
 * وكان بعض البشر يحتقرون المرأة فلا يعدونها أهلا للاشتراك مع الرجال في المعابد الدينية والمحافل الأدبية ، ولا في غيرهما من الأمور الاجتماعية والسياسية والإرشادات الإصلاحية ، فنزل القرآن يصارحهم بقوله تعالى : ( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض ) الآية . وقد عين عمر بن الخطاب الشفاء وهي امرأة قاضية للحسبة.
  * كان بعض البشر يحرمون النساء من حق الميراث وغيره من التملك ، وبعضهم يضيق عليهن حق التصرف فيما يملكن ، فأبطل الإسلام هذا الظلم وأثبت لهن حق التملك والتصرف بأنفسهن في دائرة الشرع ، قال الله تعالى : ( للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا ) وقال : ( للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن ) ونحن نرى أن دولة الولايات المتحدة الأميركية لم تمنح النساء حق التملك والتصرف إلا من عهد قريب في عصرنا هذا فيما يشير إلى ترقيعات النظام الرأسمالي الباهت ، وأن المرأة الفرنسية لا تزال مقيدة بإرادة زوجها في التصرفات المالية والعقود القضائية ، وقد منحت المرأة المسلمة هذه الحقوق منذ ثلاثة عشر قرنا ونصف قرن .

·    كان الزواج في قبائل البدو وشعوب الحضارة ضربا من استرقاق الرجال للنساء ، فجعله الإسلام عقدا ورباطا 
 وثيقا ؛ لقضاء حق الفطرة بسكون النفس من اضطرابها الجنسي بالحب بين الزوجين ، وتوسيع دائرة المودة والألفة بين العشيرتين ، واكتمال عاطفة الرحمة الإنسانية وانتشارها من الوالدين إلى الأولاد ، على ما أرشد إليه قوله تعالى : ( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ) .
القرآن ساوى بين المرأة والرجل باقتسام الواجبات والحقوق بالمعروف ، مع جعل حق رياسة الزوجية للرجل لأنه أقدر على النفقة والحماية بقول الله عز وجل في الزوجات : ( ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة وقد بين هذه الدرجة بقوله تعالى : ( الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم ) فجعل من واجبات هذه القيامة على الزوج نفقة الزوجة والأولاد لا تكلف منه شيئا ولو كانت أغنى منه ، وزادها المهر فالمسلم يدفع لامرأته مهرا مفروضا عليه بمقتضى العقد .

 * وكان أولياء المرأة يجبرونها على التزوج بمن تكره ، أو يعضلونها بالمنع منه مطلقا ، وإن كان زوجها وطلقها فحرم الإسلام ذلك ، والنصوص في هذا معروفة في كلام الله وكلام رسوله وسنته. و كان الرجال من العرب وبني إسرائيل وغيرهم من الأمم يتخذون من الأزواج ما شاءوا غير مقيدين بعدد ، ولا مشترط عليهم فيه العدل ، فقيدهم الإسلام بألا يزيدوا على أربع ، وأن من خاف على نفسه ألا يعدل بين اثنين وجب عليه الاقتصار على واحدة ، وإنما أباح الزيادة لمحتاجها القادر على النفقة والإحصان ؛ لأنها قد تكون ضرورة من ضرورات الاجتماع ولا سيما حيث يقل الرجال ويكثر النساء .

 * الطلاق قد يكون ضرورة من ضروريات الحياة الزوجية ، إذا تعذر على الزوجين القيام بحقوق الزوجية من إقامة حدود الله وحقوق الإحصان والنفقة والمعاشرة بالمعروف ، وكان مشروعا عند أهل الكتاب والوثنيين من العرب وغيرهم ، وكان يقع على النساء منه وفيه ظلم كثير وغبن يشق احتماله ، فجاء الإسلام فيه بالإصلاح الذي لم يسبقه إليه شرع ولم يلحقه بمثله قانون ، وكان الإفرنج يحرمونه ويعيبون الإسلام به ، ثم اضطروا إلى إباحته ، فأسرفوا فيه إسرافا منذرا بفوضى الحياة الزوجية وانحلال روابط الأسرة والعشيرة .

  *جعل الإسلام عقدة النكاح بيد الرجال ، ويتبعه حق الطلاق لأنهم أحرص على بقاء الزوجية بما تكلفهم من النفقات في عقدها وحلها ، وكونهم أثبت من النساء جأشا وأشد صبرا على ما يكرهون ، وقد أوصاهم الله تعالى على هذا بما يزيدهم قوة على ضبط النفس وحبسها على ما يكرهون من نسائهم فقال : ( وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا )) على أن الشريعة تعطي المرأة حق اشتراط جعل عصمتها بيدها لتطلق نفسها إذا شاءت ، وأعطتها حق طلب فسخ عقد الزواج من القاضي إذا وجد سببه من العيوب الخلقية أو المرضية كالرجل ، وكذا إذا عجز الزوج عن النفقة . وجعلت للمطلقة عليه حق النفقة مدة العدة التي لا يحل لها فيها الزواج ، وذم النبي - صلى الله عليه وسلم - الطلاق بأن الله يبغضه للتنفير عنه إلى غير ذلك من الأحكام التي بيناها في تفسير الآيات المنزلة فيها
  * بالغ الإسلام في الوصية ببر الوالدين فقرنه بعبادة الله تعالى ، وأكد النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه حق الأم فجعل برها مقدما على بر الأب ، ثم بالغ في الوصية بتربية البنات وكفالة الأخوات ، بأخص مما وصى به من صلة الأرحام ، بل جعل لكل امرأة قيما شرعيا يتولى كفايتها والعناية بها ومن ليس لها ولي من أقاربها وجب على أولي الأمر أن يتولوا أمرها .

·    لقد أكبر الشرع الإسلامي المرأة وأكرمها كلما كبر سنها وقد جعل الجنة تحت أقدام الأمهات ولقد كان يكفيهن شرفا وكرامة أن يجعلها تحت أيديهن أو بوجاهتهن ولكن كانت الكرامة بوصف لا نظير له ولا يخطر على قلب بشر نعم ( الجنة تحت أقدام الأمهات ).. وإن الأمهات من الجدات في الإسلام لهن صدور البيوت وأحسن المجالس وأطيب الطعام وتقبيل الأيدي والرأس وحسن الخدمة وكبير الاحترام والتنعم وخفض الجناح والدعوة في السجود وبين السجدتين وفي أدبار الصلوات .. وانه لعمر الحق إن كانت المرأة يكرمها الآحاد من الأبناء أو الإخوة والأهل فإنها يكرمها العشرات وهي جدة في الإسلام بخلاف أنظمة الطاغوت من شرائع الغاب كالرأسمالية واضرابها فان مصير الجدات هي مأوي العجزة حيث الملل والقهر والضغط النفسي ولسان حالهن أنهن عالة على البيوت وتضيق ذرعا بهم الأبناء والأحفاد فلا يتناسبن مع ديكورات البيوت فليتقاعدوا من العيش الكريم حيث الحنان والتقدير والاحترام بل حقهن الحجز والحبس كالمجرمين والحجر كالمرضى السلبيين فهل من ظلم أشد وأظلم من هذا ؟؟!!! وجملة القول : أنه ما وجد دين ولا شرع ولا قانون في أمة من الأمم أعطى النساء ما الإسلام من الحقوق والعناية والكرامة.

هذه هي حقائق الإسلام في رعاية المرأة من مهدها إلى لحدها تشع نورا وتعلو وتشرئب فخارا وتفضح خزي الأنظمة الوضعية ودعاوي الناعقين المزينين لقبحها ممن يتسمون بلجان حقوق وكتاب ومفكرين ومنظّرين وان كثير من تلك المؤسسات تعمل لجهات دولية لتخريب الجيل وللإفساد ضمن أجندات دولية وفي هذا الصدد نقلت وكالة معا الإخبارية تقريرا عما قاله : بسام زكارنة رئيس نقابة العاملين في الوظيفة العمومية بتاريخ :1/7/2012م:  (إن بعض مؤسسات المجتمع المدني أوكار للموساد وللمخابرات العالمية هدفها تدمير المجتمع الفلسطيني وتفكيكه) وقال زكا رنه في بيان وصل "معا" "إن مسئولين إسرائيليين على تواصل مع هذه المؤسسات وتقودها بشكل مباشر من خلال بعض المسئولين فيها أو بشكل غير مباشر من خلال أجهزة مخابرات عالمية بحيث إن 100/80 من هذه المؤسسات يؤدي الدور بفعالية مطلقة ويساهم ببث الفتنة وسرقة أموال الشعب الفلسطيني".) وبين زكا رنه "إن دور هذه المؤسسات الأهلية تنحصر في البحث عن أي قضية داخلية وأثارتها مثل قضايا فساد وحقوق الإنسان والديمقراطية وهي مفبركة أو تم علاجها الابتعاد عن الفاسدين المتعاونين مع تلك الأجهزة بحيث لا تساهم في تقوية المجتمع وإنما تفتيته" http://www.maannews.net/arb/ViewDetails.aspx?ID=500178.

  وإننا فوق هذا فقد وجدنا في الجدول المرفق للهيئة المستقلة لحقوق الإنسان ( ديوان المظالم ) في مناطق السلطة الفلسطينية كيف أن عدد الاعتداءات وحتى القتل على خلفية شرف العائلة هو أقل بقليل بل فرق شاسع بينه وبين أي قضايا جنائية أخرى أو حتى ضحايا حوادث السير فلماذا  يكون هذا الاستهداف للتشهير بالمجتمع المحافظ الذي يكرم المرأة لتأثره بالإسلام تأثرا لا عيشا كاملا في دار الإسلام وفي دولة خلافة ومجتمع إسلامي يعد الحصن الحصين والحامي للمرأة ؟؟!!


    ** حقوق المرأة في الغرب بلغة الأرقام !

في تقريره السنوي الذي قام بإعداده فريق متخصص برصد أحوال المرأة في العالم الغربي، ذكر "معهد المرأة" في إسبانيا ـ مدريد، مجموعة من الإحصاءات المذهلة:
- في عام 1990م قدّم 130 ألف امرأة بلاغات بالاعتداء الجسدي والضرب المبرح من قبل الرجال الذين يعيشون معهن سواء كانوا أزواجاً أم أصدقاء .
-
ويقول أحد المحامين: إن الشكاوى بالاعتداء الجسدي والضرب المبرح بلغت عام (1997م) 54 ألف شكوى، وتقول الشرطة: إن الرقم الحقيقي عشرة أضعاف هذا العدد.
-
وفي عام 1995م خضع مليون امرأة لأيدي جراحي التجميل، أي بمعدل امرأة من كل 5 نساء يعشن في مدريد وما حولها.
-
كما أن هنالك بلاغًا يوميًّا عن قتل امرأة بأبشع الطرق على يد الرجل الذي تعيش معه.
ثانياً: الولايات المتحدة الأمريكية - في عام 1980م (1.553000) حالة إجهاض، 30 % منها لدى نساء لم يتجاوزن العشرين عاماً من أعمارهن، وقالت الشرطة: إن الرقم الحقيقي ثلاثة أضعاف ذلك.
-
وفي عام 1982 م (80%) من المتزوجات منذ 15 عاماً أصبحن مطلقات .
-
وفي عام 1984م (8 ملايين) امرأة يعشن وحدهن مع أطفالهن ودون أية مساعدة خارجية.
-
وفي عام 1986م (27%) من المواطنين يعيشون على حساب النساء.
-
وفي عام 1982م (65) حالة اغتصاب لكل 10 آلاف امرأة.
-
وفي عام 1995م (82) ألف جريمة اغتصاب، 80% منها في محيط الأسرة والأصدقاء، بينما تقول الشرطة : إن الرقم الحقيقي 35 ضعفاً.
- وفي عام 1997م بحسب قول جمعيات الدفاع عن حقوق المرأة : اغتصبت امرأة كل 3 ثوان، بينما ردت الجهات الرسمية بأن هذا الرقم مبالغ فيه في حين أن الرقم الحقيقي هو حالة اغتصاب كل 6 ثوان!
-
وفي عام 1997م ( 6 ) ملايين امرأة عانين سوء المعاملة الجسدية والنفسية بسبب الرجال، 70% من الزوجات يعانين الضرب المبرح ، و4 آلاف يقتلن كل عام ضرباً على أيدي أزواجهن أو من يعيشون معهن.
- 74%
من العجائز الفقراء هم من النساء، 85% من هؤلاء يعشن وحيدات دون أي معين أو مساعد.
-
ومن 1979 إلى 1985 م: أجريت عمليات تعقيم جنسي للنساء اللواتي قدمن إلى أمريكا من أمريكا اللاتينية، والنساء اللاتي أصولهن من الهنود الحمر، وذلك دون علمهن.
-
ومن عام 1980 إلى عام 1990م: كان بالولايات المتحدة ما يقارب مليون امرأة يعملن في البغاء.
-
وفي عام 1995م: بلغ دخل مؤسسات الدعارة وأجهزتها الإعلامية 2500 مليون دولار .
يشار إلى أن هذا التقرير السنوي المسمى بـ "قاموس المرأة" صدر عن معهد الدراسات الدولية حول المرأة، ومقره مدريد، وهو معهد عالمي معترف به .
ياسر جبر
07-30-2007, 04:02 PM
Domestic Violence is a Serious, Widespread Social Problem in America: The Facts.
العنف المدني , مشكلة اجتماعية منتشرة في أمريكا.


Nearly one-third of American women (31 percent) report being physically or sexually abused by a husband or boyfriend at some point in their lives, according to a 1998 Commonwealth Fund survey


تقريبا" ثلث النساء الأمريكيات , تعرضن لمضايقات جسدية أو جنسية من الزوج أو الصديق , خلال فترة من حياتهن. استطلاع 1998.


المصدر - منظمة الكومنولث
The Commonwealth Fund, Health Concerns Across a Woman’s Lifespan: 1998 Survey of Women’s Health, May 1999
------------------------------
Nearly 25 percent of American women report being raped and/or physically assaulted by a current or former spouse, cohabiting partner, or date at some time in their lifetime, according to the National Violence Against Women Survey, conducted from November 1995 to May 1996

تقريبا" 25 بالمائة من النساء الأمريكيات اغتصبن , و / أو تم الاعتداء عليهن جسديا" , من رفيق سابق أو حالي أو خلال إحدى المواعيد .


The Centers for Disease Control and Prevention and The National Institute of Justice, Extent, Nature, and Consequences of Intimate Partner Violence, July 2000
المصدر -المعهد الأمريكي للعدل .
-----------------------------------
خلال العام 200 تعرضت 588490 امرأة للضرب ( لعنف لم يؤدي لإصابات ) , من شريك الحميم ( المقرب ).


Bureau of Justice Statistics Crime Data Brief, Intimate Partner Violence, 1993-2001, February 2003
المصدر -مكتب العدل الأمريكي 



وتشير التقديرات إلى أن 18% من مجموع النساء في الولايات المتحدة الأمريكية تعرضن للاغتصاب وأن 1900 فتاة يوميا يتم اغتصابهن وهذه النسبة تشكل رقما كبيراً خاصة إذا نظرنا إلى أن نسبة العلاقات غير الشرعية مرتفعة جدا وأن أكثر من 5% من الزوجات يخن أزواجهن من باب المعاملة بالمثل.

علاوة على ذلك فإن 2% من حالات الاغتصاب المذكورة تكون من الأب أو أحد أفراد الأسرة.

وتشير مصادر أخرى إلى ارتفاع هذه النسبة إلى 22% من مجموع النساء في الولايات المتحدة الأمريكية اللائي يتعرضن لحوادث الاغتصاب وهذا يجعل الولايات المتحدة الأمريكية الدولة الأولى في العالم من حيث معدلات الاغتصاب الواقعة على النساء.

ونشير هنا أيضاً إلى أن ما مجموعه 47% من حالات الاغتصاب المذكورة كان يصاحبها اعتداء جسدي شرس وعنيف بالضرب ونحوه كما نشرت ذلك صحيفة اليو إس توداي

وهذه النسب المذكورة لا تشكل إلا ما تم الإبلاغ عنه من جرائم الاغتصاب وأما ما لم يتم تسجيله أو الإبلاغ عنه فإنه أكبر بكثير من الرقم المذكور وتشكل هذه الجرائم أكثر من عشرين ضعفا من مثيلاتها في كل من اليابان وإنجلترا وأسبانيا مع مراعاة أن الدول السابقة دول شعوبها غير متدينة بعكس الولايات المتحدة الأمريكية فإن شعبها متدين وبنسبة كبيرة.

وقد نشرت مجلة الطب النفسي الأمريكية تقارير تفيد بأن ما نسبته 42% من النساء العاملات في الولايات المتحدة الأمريكية يتعرضن للمضايقات والاعتداء الجنسي ومن أشهر القصص في هذا المجال قصة أحد أعضاء الكونغرس الأمريكي عندما قامت إحدى العاملات معه بشكايته لأنه قام بالتحرش بها جنسيا وبعد اشتهار أمره تقدمت أكثر 26 امرأة بشكاوى تفيد أنه مارس معهن التحرش.

كما نشرت منظمة التحالف الوطني المنزلي في أمريكا تقارير تفيد بأن أكثر من سبعة ملايين امرأة يتعرضن للضرب من قبل الأزواج ولا يقمن بإبلاغ الشرطة ويدخل مئات الآلاف منهن سنويا إلى المستشفيات لتلقي العلاج من آثار الضرب وهي حالات مختلفة بعضها خفيف وبعضها قوي جدا قد يصل إلى القتل.

وتشير تقارير ودراسات أخرى إلى أن 95% من ضحايا العنف العائلي هم من النساء وأن من بين كل أربعة حالات اعتداء على المرأة يكون الزوج هو المعتدي في ثلاثة حالات منها

     **الخلاصة:

1-    لقد رعى الإسلام المرأة في التشريع والتوجيه والتنفيذ من مهدها وفي شبابها إلى شيخوختها واعتبرها شقيقة الرجل لها دورا مهم ومفصلي على صعيد الأسرة والمجتمع واستقامتهما وارتفاع بنيانهما فهي أم وربة بيت وعنصر ايجابي فاعل . وقد منع بشكل قاطع النيل منها أو استغلال أنوثتها وجعلها عرضا يجب أن يصان تبذل الأرواح والمهج وتراق الدماء رخيصة لحمايتها. وقد أعطاها من الحقوق كما أعطى الرجل سواء بسواء إلا ما يختلفا فيه من ناحية فطرية شدة وبأسا وبسطة في الجسم أو ضعفا .

2-    لقد سجل التاريخ والحاضر بأن جميع المبادئ والتشريعات البشرية قد وضعت المرأة في أسفل الدركات ظلما واستهانة واستضعافا ولا زال الخط البياني يرتفع بأرقام قياسية في هضم حقوقها والاعتداءات عليها وما الترويج لحرية الغرب ومناداته بحقوق المرأة إلا ذرا للرماد في العيون وتزيفا للحقيقة المذهلة عن جرائمه.

3-    هناك دعاوى لا سيما في العالم الإسلامي من لجان حقوق ومؤسسات نسوية وكتاب ومفكرين للنيل من عفاف الأسرة المسلمة من اجل تدميرها وإشاعة الانحلال الذي يدعو له الغرب حتى تعم الفوضى الحاصلة في المجتمعات الغربية وتصبح مجتمعاتنا أسوء حالا وذلك من خلال دعوة المرأة لأخذ الأمر على عاتقها وتجاوز الرجل وحرمانه من القوامة على المرأة والتعامل معه بالندية لا بالمنافسة والتفاهم والمودة والرحمة التي دعا لها الإسلام وقد تبين أن الكثير من هذه المؤسسات  لها ارتباطات واضحة في النشوء والتمويل بالدول المعادية للإسلام لتحقيق مآربها وشرورها في بلاد المسلمين ضمن مخططات إعادة رسم المعادلة لتخدم بقاء الغرب جاثما على بلاد المسلمين ولا سيما بعد الثورات التي قامت في بلاد المسلمين من اجل قلعه وإعادة الاعتبار للإسلام كنظام شامل لكافة مناحي الحياة.

4-    هي دعوة نوجهها لكل عاقل في العالم ولكن من يحرص على المرأة كانسان مثلها مثل الرجل لها الحق في عيش وافر كريم بأن تنصب الدعوات والجهود لإعادة الاعتبار للنظام الاجتماعي في الإسلامعبر إقامة دولة الإسلام التي تجمي الأعراض وتثأر لها

وتطبق النظام الاجتماعي وكل الاسلام،،فالنظام الاجتماعي وحده لا يجدي ما دام الاسلام معطلا ولا حارس لهوالدعوة والمطالبة بتطبيقه لإحقاق الحق والعدل ولرفع مكانة المرأة إلى أعلى درجات الرقي الإنساني دون أي امتهان أو انتقاص أو عدوان.


((فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ ۖ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ ۖ)) سورة آل عمران


5/7/2012م

سعيد الأسعد – فلسطين.