الأربعاء، 19 سبتمبر 2012

حامل الدعوة شخصية فاعلة ومؤثرة


حامل الدعوة شخصية فاعلة ومؤثرة 

        لقد خلق الله الناس على خصائص, وخيّرهم بخلال سيحاسبهم عليها, وشرع لهم من الدين ما ينظم عيشهم ويرفع شأنهم, ويجعلهم خلفاء الأرض بما التزموا واستقاموا , يعبدون الله لا يشركون به شيئا, ولا يرضون عن حكمه ونظامه بديلا , يؤثرون بالخير ولا يتأثرون بالشر فيطمئنون ويسعدون,  وقد خلق الله عز وجل الطاقات الحيوية في الإنسان مختلفة ومتفاوتة قوة وضعفا فيما  بينها في الشخص الواحد من جهة, وبين الناس فيما بينهم من جهة أخرى, فمن الناس من تظهر عنده غريزة التدين على النوع, أو البقاء على التدين, أو يظهر مظهر الشجاعة من حب البقاء على الكرم منها , أو مظهر نفع الغير من النوع على مظهر الجبن من حب البقاء, هذا في الشخص الواحد, ومع الآخرين تجد الاختلاف والتناقض والتفاوت على هذه الصور بل هو أكثر, ولما كانت الغرائز تتأثر وتتحرك بمثير خارجي كان للبيئة والمجتمع الأثر البالغ في التأثير على تحريك بعض المظاهر وطغيانها على غيرها فيكون للبيئة الأثر الأكبر من حيث نشوء الشخص وتحركه وتأثيره وتأثره, فالبيئة التي تتغنى بالكرم تصنع مثل حاتم الطائي, والبيئة التي تفخر بالفروسية والشجاعة والقسوة تصنع مثل عنترة وخالد بن الوليد, والبيئة التي يرضع فيها الأطفال حليب الإباء والعزّة والكرامة ورفض الضيم إذا بلغ الفطام فيها رضيع تخر له الجبابرة ساجدين, والبيئة التي تعيش نهضة ووعيا وتكون من خصائص تربتها المسؤولية عن الغير ويكون أساس مكوناتها عقيدة فكرية سياسية وقيادة فكرية يكثر فيها رجال الدولة والساسة البارعون فترى فيها مثل أبي بكر وعمر وعلي وابن عبد العزيز وعبد الرحمن الداخل ومحمد الفاتح والسلطان عبد الحميد .



المرأة بين أعلى درجات الرفعة في الإسلام وبين أسفل دركات الرأسمالية والأنظمة الوضعية

تمهيد:-

       تخرج علينا بين الفينة والأخرى, بعض الأقلام المسمومة, والأصوات المأجورة للغرب, الحاقد على الإسلام- كحضارة تعطي المرأة قدرها حق قدرها- لتنال تلك الأقلام والأصوات من رعاية الإسلام وحفظة للمرأة وتكريمه لها, -كجوهرة مكنونة مستورة لا ينالها احد ولو بطرفة عين ولا أكثر . وتحت عنوان :" المرأة في فلسطين معنفة - ضرب واهانة وجنس بالإكراه وحرمان من الميراث" نشرت وكالة معا الإخبارية تقريرا بتاريخ 25/6/2012م عن برنامج في لقاء حول هذه القضايا بما يشير إلى درجة الوحشية التي تعيشها المرأة في ظل أنظمة وضعية لا تراعي أدنى حقوق الإنسانية للمرأة, ولكن البرامج هذه فاتها ذكر الأسباب والمسببات, فلم تتطرق لتشخيص الداء على حقيقته وتبين أن سبب أي حال مترد هو سيطرة الأنظمة الوضعية, من ترقيعات  المبدأ الرأسمالي, والذي لا ينظر إلى المرأة أكثر من كونها سلعة تباع وتشترى وتستغل استغلالا قذرا , تلك النظرة الجائرة والمبنية على النظرة المستحقرة المستعبدة للمرأة, ولم تتطرق تلك البحوث واللقاءات إلى تشريعات الإسلام, ولا إلى تاريخ حكمه وتقديره للمرأة وكيف انه اعتبرها الأم وربة البيت والعرض الذي يجب أن يصان فلا يهان بل وتبذل الدماء رخيصة حتى يسلم الشرف الرفيع من الأذى فالإسلام وحده هو الذي حفظ المرأة واعتبرها عرضا وجعل ذلك هدفا من الأهداف العليا لصيانة المجتمع.

الدعاوات الكاذبة الخاطئة المتربصة :

    وان الناظر إلى كافة التحقيقات والدعوات في بلاد المسلمين إلى تحرير المرأة وإعطائها كامل حريتها وحقوقها وتحويلها كما المرأة في الغرب ما هي إلا دعوات لأهانتها واستعبادها واستحقارها على كافة الصعد اسريا ومجتمعيا في الحالة الفردية ومن ضمن الجماعة, وما قضية حقوق المرأة إلا دعوة ضد سترها والحرص عليها كما يحرص الإسلام  في تشريعاته وتوجيهاته وتنفيذ أحكامه وللرد على هذه الأصوات وبيان حقيقة الأمر والفرق بين حدود الإسلام وسمو أحكامه ورفعته للمرأة وبين امتهانها وإذلالها وإهلاكها في المبادئ الوضعية وما يدعو لها هؤلاء نعرض:

دور الإسلام المحوري المنقذ للمرأة والحامي والراعي لها مع بعض المقارنة مع بعض النظم الوضعية  :-

1-                     نظرة الإسلام للمرأة من مهدها وحتى لحدها ومدى الاهتمام بها وإحاطتها بكل رعاية وتقدير لا يقاربه ولا يشابهه ولا يدنو منه أي نظام في الدنيا بأسرها .
2-                     بعض الإحصاءات الواضحة الفاضحة والتي ترينا وكل مبصر إلى مدى الضنك والضياع والهلاك الذي تعيشه المرأة في ظل حكم غابت عنه شمس حكم الإسلام ونضيف على ذلك قياسا بين عيش المرأة في الأسرة الإسلامية على النزر لمجرد وجود المسحة الإسلامية  اليسيرة في أيامنا هذه والفرق مع عيشها في الغرب في ظل حكم شرعة الغاب.
3-                     الخلاصة .

** نظرة الإسلام للمرأة من مهدها وحتى لحدها

* لقد رعى الإسلام المرأة وأعطاها قدرها حق قدرها منذ مهدها فكانت وصية غالية وأمانة عظيمة ومأثرة إن أحسن الأهل رعايتها وأدو أمانة الله في حقها فقد وعدهم الله الجنة ونعيمها.. عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال"من عال ثلاث بنات يكفيهن ويرحمهن ويرفق بهن فهو في الجنة أو قال : معي في الجنة ". المصنف كتاب الأدب    . وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من كان له ثلاث بنات فصبر على لأوائهن وسرائهن وضرائهن أدخله الجنة بفضل رحمته إياهن ، قال رجل : وابنتان ؟ قال : وابنتان ، قال رجل : وواحدة ؟ قال : وواحدة . المصنف كتاب الأدب. وهذه ميزة للبنت حرص الإسلام عليها كل الحرص -بعدل معالجاته  واستقامة أحكامه- مقارنة بما كانت عليه الجاهلية فكان رحمة ما بعدها رحمة وهو لا زال على وصيته وصدق معالجاته في ظل جاهلية القرون التي ظهر فيها المبدأ الرأسمالي,  الذي أطلق الحريات مما أتاح بإطلاقه الفرصة لمزيد من الاعتداء والقتل في حق الأطفال من البنات في اعتداءات جنسية يشيب منها الولدان وتشمئز منها جاهلية الأولين من الناس. ما يشير بشكل واضح قاطع إلى مدى حاجة العالم أجمع إلى تشريعات الإسلام واستقامة أحكامه وتطبيق نظامه ,الأمر الذي يوجب على الحقوقيين وكل لجان تدعي الحرص والبكاء والدعوة لحفظ كرامة المرأة- بنتا وإنسانا لها الحق بالحياة الكريمة -أن يحملوا دعوة الإسلام وان يستنفروا في طلبه .

* ولقد رعى الإسلام المرأة شابة راشدة وجعلها نصف المجتمع وجعل لها حقها في العمل بما يمنع استغلال أنوثتها فرفع من قيمتها ولم يجعل ثغرة ترى فيها ضعفا بل أحاطها بالقوة والاحترام فحرم عليها أن تعمل عملا تأكل من خلاله بأنوثتها واعتبرها درة كريمة مصانة أحلها بكلمة الله ووفق أحكامه وتزف لبيت الزوجية بشكل راق مهيب لتصبح ربة بيت وأما وعرضا يحرس ويصان ويفتدى بالنفس والدم.

* وقد جعل لها حقا حتى في محاسبة رأس الدولة وتصويبه فقد حجت امرأة عمر بن الخطاب في تقدير المهور حتى قال مقالته العابرة للأجيال فقال( أخطأ عمر وأصابت امرأة) واللافت للنظر أن العبرة كانت بالحجة واحترام صاحبها بصرف النظر عن جنسه أو لونه فكان في السياق عمر علما باسمه ومنصبه وعلمه وقوة شخصية وامرأة  في السياق نكرة بغض النظر عن مكانتها وعن من هي وهذا تشديد لافت للنظر لمدى احترامها وتقديرها وتقديم رأيها على رأي أمير المؤمنين عمر بوجاهة الحق وقوة الحجة الدامغة وبصرف النظر عن من هي في حسبها ونسبها ومنصبها فأي امرأة تحاسب بالحق وتنطق بالحجة فهي الغالبة وتقطع قول كل خطيب ولو كان أمير المؤمنين أو ابن الأكرمين.

 *   لقد كانت المرأة ولازالت وصية نبينا صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع : عن سليمان بن عمرو بن الأحوص حدثني أبي أنه شهد حجة الوداع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمد الله وأثنى عليه وذكر ووعظ ثم قال: ( استوصوا بالنساء خيرا فإنهن عندكم عوان.... ألا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن)) سنن ابن ماجة. وقوله: " إن النساء شقائق الرجال ". عن أنس بن مالك ، قال : كان البراء بن مالك رجلا حسن الصوت فكان يرجز برسول الله صلى الله عليه وسلم ، فبينا هو يرجز برسول الله في بعض أسفاره إذ قارب النساء ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إياك والقوارير ، إياك والقوارير " . فأي رفق وأي تلطف ووصاية هذه فقد استحال نظيرها في الأمم وفي العامين. ( ( قد أبطل الإسلام كل ما كان عليه العرب والعجم من حرمان النساء من التملك أو التضييق عليهن في التصرف بما يملكن ، واستبداد أزواج المتزوجات منهن بأموالهن ، فأثبت لهن حق الملك بأنواعه والتصرف بأنواعه المشروعة ، فشرع الوصية والإرث لهن كالرجال ، وزادهن ما فرض لهن على الرجال من مهر الزوجية والنفقة على المرأة وأولادها وإن كانت غنية ، وأعطاهن حق البيع والشراء والإجارة والهبة والصدقة وغير ذلك . ويتبع ذلك حقوق الدفاع عن مالها كالدفاع عن نفسها بالتقاضي وغيره من الأعمال ، وأن المرأة الفرنسية لا تزال إلى اليوم مقيدة بإرادة زوجها في جميع التصرفات المالية ، والعقود القضائية ) )

  * كان بعض البشر من الإفرنج وغيرهم يعدون المرأة من الحيوان الأعجم أو من الشياطين لا من نوع الإنسان ، وبعضهم يشك في ذلك ، فجاء محمد - صلى الله عليه وسلم - يتلو عليهم قول الله تعالى : ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى ) الآية : وقوله : ( خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء وما في معناهما, وكان بعض البشر في أوربة وغيرها يرون أن المرأة لا يصح أن يكون لها دين ، حتى كانوا يحرمون عليها قراءة الكتب المقدسة رسميا ، فجاء الإسلام يخاطب بالتكاليف الدينية الرجال والنساء معا بلقب المؤمنين والمؤمنات ، والمسلمين والمسلمات . كان أول من آمن بمحمد خاتم النبيين - صلى الله عليه وسلم - امرأة ، وهي زوجه خديجة بنت خويلد - رضي الله عنها - وقد ذكر الله تعالى مبايعته - صلى الله عليه وسلم - للنساء في نص القرآن ثم بايع الرجال بما جاء فيها ، ولما جمع القرآن في مصحف واحد جمعا رسميا وضع عند امرأة هي حفصة أم المؤمنين ، وظل عندها من عهد الخليفة الأول أبي بكر الصديق إلى عهد الخليفة الثالث عثمان - رضي الله عنهم - فأخذ من عندها واعتمدوا عليه في نسخ المصاحف الرسمية التي كتبت وأرسلت إلى الأمصار لأجل النسخ عنها والاعتماد عليها .

 * ولقد كان بعض البشر يزعمون أن المرأة ليس لها روح خالدة فتكون مع الرجال المؤمنين في جنة النعيم في الآخرة - وهذا الزعم أصل لعدم تدينها - فنزل القرآن يقول : ( ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا ) ويقول : ( فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض ) الآية . وفيها الوعد الصريح بدخول الفريقين جنات تجري من تحتها الأنهار .
 * وكان بعض البشر يحتقرون المرأة فلا يعدونها أهلا للاشتراك مع الرجال في المعابد الدينية والمحافل الأدبية ، ولا في غيرهما من الأمور الاجتماعية والسياسية والإرشادات الإصلاحية ، فنزل القرآن يصارحهم بقوله تعالى : ( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض ) الآية . وقد عين عمر بن الخطاب الشفاء وهي امرأة قاضية للحسبة.
  * كان بعض البشر يحرمون النساء من حق الميراث وغيره من التملك ، وبعضهم يضيق عليهن حق التصرف فيما يملكن ، فأبطل الإسلام هذا الظلم وأثبت لهن حق التملك والتصرف بأنفسهن في دائرة الشرع ، قال الله تعالى : ( للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا ) وقال : ( للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن ) ونحن نرى أن دولة الولايات المتحدة الأميركية لم تمنح النساء حق التملك والتصرف إلا من عهد قريب في عصرنا هذا فيما يشير إلى ترقيعات النظام الرأسمالي الباهت ، وأن المرأة الفرنسية لا تزال مقيدة بإرادة زوجها في التصرفات المالية والعقود القضائية ، وقد منحت المرأة المسلمة هذه الحقوق منذ ثلاثة عشر قرنا ونصف قرن .

·    كان الزواج في قبائل البدو وشعوب الحضارة ضربا من استرقاق الرجال للنساء ، فجعله الإسلام عقدا ورباطا 
 وثيقا ؛ لقضاء حق الفطرة بسكون النفس من اضطرابها الجنسي بالحب بين الزوجين ، وتوسيع دائرة المودة والألفة بين العشيرتين ، واكتمال عاطفة الرحمة الإنسانية وانتشارها من الوالدين إلى الأولاد ، على ما أرشد إليه قوله تعالى : ( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ) .
القرآن ساوى بين المرأة والرجل باقتسام الواجبات والحقوق بالمعروف ، مع جعل حق رياسة الزوجية للرجل لأنه أقدر على النفقة والحماية بقول الله عز وجل في الزوجات : ( ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة وقد بين هذه الدرجة بقوله تعالى : ( الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم ) فجعل من واجبات هذه القيامة على الزوج نفقة الزوجة والأولاد لا تكلف منه شيئا ولو كانت أغنى منه ، وزادها المهر فالمسلم يدفع لامرأته مهرا مفروضا عليه بمقتضى العقد .

 * وكان أولياء المرأة يجبرونها على التزوج بمن تكره ، أو يعضلونها بالمنع منه مطلقا ، وإن كان زوجها وطلقها فحرم الإسلام ذلك ، والنصوص في هذا معروفة في كلام الله وكلام رسوله وسنته. و كان الرجال من العرب وبني إسرائيل وغيرهم من الأمم يتخذون من الأزواج ما شاءوا غير مقيدين بعدد ، ولا مشترط عليهم فيه العدل ، فقيدهم الإسلام بألا يزيدوا على أربع ، وأن من خاف على نفسه ألا يعدل بين اثنين وجب عليه الاقتصار على واحدة ، وإنما أباح الزيادة لمحتاجها القادر على النفقة والإحصان ؛ لأنها قد تكون ضرورة من ضرورات الاجتماع ولا سيما حيث يقل الرجال ويكثر النساء .

 * الطلاق قد يكون ضرورة من ضروريات الحياة الزوجية ، إذا تعذر على الزوجين القيام بحقوق الزوجية من إقامة حدود الله وحقوق الإحصان والنفقة والمعاشرة بالمعروف ، وكان مشروعا عند أهل الكتاب والوثنيين من العرب وغيرهم ، وكان يقع على النساء منه وفيه ظلم كثير وغبن يشق احتماله ، فجاء الإسلام فيه بالإصلاح الذي لم يسبقه إليه شرع ولم يلحقه بمثله قانون ، وكان الإفرنج يحرمونه ويعيبون الإسلام به ، ثم اضطروا إلى إباحته ، فأسرفوا فيه إسرافا منذرا بفوضى الحياة الزوجية وانحلال روابط الأسرة والعشيرة .

  *جعل الإسلام عقدة النكاح بيد الرجال ، ويتبعه حق الطلاق لأنهم أحرص على بقاء الزوجية بما تكلفهم من النفقات في عقدها وحلها ، وكونهم أثبت من النساء جأشا وأشد صبرا على ما يكرهون ، وقد أوصاهم الله تعالى على هذا بما يزيدهم قوة على ضبط النفس وحبسها على ما يكرهون من نسائهم فقال : ( وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا )) على أن الشريعة تعطي المرأة حق اشتراط جعل عصمتها بيدها لتطلق نفسها إذا شاءت ، وأعطتها حق طلب فسخ عقد الزواج من القاضي إذا وجد سببه من العيوب الخلقية أو المرضية كالرجل ، وكذا إذا عجز الزوج عن النفقة . وجعلت للمطلقة عليه حق النفقة مدة العدة التي لا يحل لها فيها الزواج ، وذم النبي - صلى الله عليه وسلم - الطلاق بأن الله يبغضه للتنفير عنه إلى غير ذلك من الأحكام التي بيناها في تفسير الآيات المنزلة فيها
  * بالغ الإسلام في الوصية ببر الوالدين فقرنه بعبادة الله تعالى ، وأكد النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه حق الأم فجعل برها مقدما على بر الأب ، ثم بالغ في الوصية بتربية البنات وكفالة الأخوات ، بأخص مما وصى به من صلة الأرحام ، بل جعل لكل امرأة قيما شرعيا يتولى كفايتها والعناية بها ومن ليس لها ولي من أقاربها وجب على أولي الأمر أن يتولوا أمرها .

·    لقد أكبر الشرع الإسلامي المرأة وأكرمها كلما كبر سنها وقد جعل الجنة تحت أقدام الأمهات ولقد كان يكفيهن شرفا وكرامة أن يجعلها تحت أيديهن أو بوجاهتهن ولكن كانت الكرامة بوصف لا نظير له ولا يخطر على قلب بشر نعم ( الجنة تحت أقدام الأمهات ).. وإن الأمهات من الجدات في الإسلام لهن صدور البيوت وأحسن المجالس وأطيب الطعام وتقبيل الأيدي والرأس وحسن الخدمة وكبير الاحترام والتنعم وخفض الجناح والدعوة في السجود وبين السجدتين وفي أدبار الصلوات .. وانه لعمر الحق إن كانت المرأة يكرمها الآحاد من الأبناء أو الإخوة والأهل فإنها يكرمها العشرات وهي جدة في الإسلام بخلاف أنظمة الطاغوت من شرائع الغاب كالرأسمالية واضرابها فان مصير الجدات هي مأوي العجزة حيث الملل والقهر والضغط النفسي ولسان حالهن أنهن عالة على البيوت وتضيق ذرعا بهم الأبناء والأحفاد فلا يتناسبن مع ديكورات البيوت فليتقاعدوا من العيش الكريم حيث الحنان والتقدير والاحترام بل حقهن الحجز والحبس كالمجرمين والحجر كالمرضى السلبيين فهل من ظلم أشد وأظلم من هذا ؟؟!!! وجملة القول : أنه ما وجد دين ولا شرع ولا قانون في أمة من الأمم أعطى النساء ما الإسلام من الحقوق والعناية والكرامة.

هذه هي حقائق الإسلام في رعاية المرأة من مهدها إلى لحدها تشع نورا وتعلو وتشرئب فخارا وتفضح خزي الأنظمة الوضعية ودعاوي الناعقين المزينين لقبحها ممن يتسمون بلجان حقوق وكتاب ومفكرين ومنظّرين وان كثير من تلك المؤسسات تعمل لجهات دولية لتخريب الجيل وللإفساد ضمن أجندات دولية وفي هذا الصدد نقلت وكالة معا الإخبارية تقريرا عما قاله : بسام زكارنة رئيس نقابة العاملين في الوظيفة العمومية بتاريخ :1/7/2012م:  (إن بعض مؤسسات المجتمع المدني أوكار للموساد وللمخابرات العالمية هدفها تدمير المجتمع الفلسطيني وتفكيكه) وقال زكا رنه في بيان وصل "معا" "إن مسئولين إسرائيليين على تواصل مع هذه المؤسسات وتقودها بشكل مباشر من خلال بعض المسئولين فيها أو بشكل غير مباشر من خلال أجهزة مخابرات عالمية بحيث إن 100/80 من هذه المؤسسات يؤدي الدور بفعالية مطلقة ويساهم ببث الفتنة وسرقة أموال الشعب الفلسطيني".) وبين زكا رنه "إن دور هذه المؤسسات الأهلية تنحصر في البحث عن أي قضية داخلية وأثارتها مثل قضايا فساد وحقوق الإنسان والديمقراطية وهي مفبركة أو تم علاجها الابتعاد عن الفاسدين المتعاونين مع تلك الأجهزة بحيث لا تساهم في تقوية المجتمع وإنما تفتيته" http://www.maannews.net/arb/ViewDetails.aspx?ID=500178.

  وإننا فوق هذا فقد وجدنا في الجدول المرفق للهيئة المستقلة لحقوق الإنسان ( ديوان المظالم ) في مناطق السلطة الفلسطينية كيف أن عدد الاعتداءات وحتى القتل على خلفية شرف العائلة هو أقل بقليل بل فرق شاسع بينه وبين أي قضايا جنائية أخرى أو حتى ضحايا حوادث السير فلماذا  يكون هذا الاستهداف للتشهير بالمجتمع المحافظ الذي يكرم المرأة لتأثره بالإسلام تأثرا لا عيشا كاملا في دار الإسلام وفي دولة خلافة ومجتمع إسلامي يعد الحصن الحصين والحامي للمرأة ؟؟!!


    ** حقوق المرأة في الغرب بلغة الأرقام !

في تقريره السنوي الذي قام بإعداده فريق متخصص برصد أحوال المرأة في العالم الغربي، ذكر "معهد المرأة" في إسبانيا ـ مدريد، مجموعة من الإحصاءات المذهلة:
- في عام 1990م قدّم 130 ألف امرأة بلاغات بالاعتداء الجسدي والضرب المبرح من قبل الرجال الذين يعيشون معهن سواء كانوا أزواجاً أم أصدقاء .
-
ويقول أحد المحامين: إن الشكاوى بالاعتداء الجسدي والضرب المبرح بلغت عام (1997م) 54 ألف شكوى، وتقول الشرطة: إن الرقم الحقيقي عشرة أضعاف هذا العدد.
-
وفي عام 1995م خضع مليون امرأة لأيدي جراحي التجميل، أي بمعدل امرأة من كل 5 نساء يعشن في مدريد وما حولها.
-
كما أن هنالك بلاغًا يوميًّا عن قتل امرأة بأبشع الطرق على يد الرجل الذي تعيش معه.
ثانياً: الولايات المتحدة الأمريكية - في عام 1980م (1.553000) حالة إجهاض، 30 % منها لدى نساء لم يتجاوزن العشرين عاماً من أعمارهن، وقالت الشرطة: إن الرقم الحقيقي ثلاثة أضعاف ذلك.
-
وفي عام 1982 م (80%) من المتزوجات منذ 15 عاماً أصبحن مطلقات .
-
وفي عام 1984م (8 ملايين) امرأة يعشن وحدهن مع أطفالهن ودون أية مساعدة خارجية.
-
وفي عام 1986م (27%) من المواطنين يعيشون على حساب النساء.
-
وفي عام 1982م (65) حالة اغتصاب لكل 10 آلاف امرأة.
-
وفي عام 1995م (82) ألف جريمة اغتصاب، 80% منها في محيط الأسرة والأصدقاء، بينما تقول الشرطة : إن الرقم الحقيقي 35 ضعفاً.
- وفي عام 1997م بحسب قول جمعيات الدفاع عن حقوق المرأة : اغتصبت امرأة كل 3 ثوان، بينما ردت الجهات الرسمية بأن هذا الرقم مبالغ فيه في حين أن الرقم الحقيقي هو حالة اغتصاب كل 6 ثوان!
-
وفي عام 1997م ( 6 ) ملايين امرأة عانين سوء المعاملة الجسدية والنفسية بسبب الرجال، 70% من الزوجات يعانين الضرب المبرح ، و4 آلاف يقتلن كل عام ضرباً على أيدي أزواجهن أو من يعيشون معهن.
- 74%
من العجائز الفقراء هم من النساء، 85% من هؤلاء يعشن وحيدات دون أي معين أو مساعد.
-
ومن 1979 إلى 1985 م: أجريت عمليات تعقيم جنسي للنساء اللواتي قدمن إلى أمريكا من أمريكا اللاتينية، والنساء اللاتي أصولهن من الهنود الحمر، وذلك دون علمهن.
-
ومن عام 1980 إلى عام 1990م: كان بالولايات المتحدة ما يقارب مليون امرأة يعملن في البغاء.
-
وفي عام 1995م: بلغ دخل مؤسسات الدعارة وأجهزتها الإعلامية 2500 مليون دولار .
يشار إلى أن هذا التقرير السنوي المسمى بـ "قاموس المرأة" صدر عن معهد الدراسات الدولية حول المرأة، ومقره مدريد، وهو معهد عالمي معترف به .
ياسر جبر
07-30-2007, 04:02 PM
Domestic Violence is a Serious, Widespread Social Problem in America: The Facts.
العنف المدني , مشكلة اجتماعية منتشرة في أمريكا.


Nearly one-third of American women (31 percent) report being physically or sexually abused by a husband or boyfriend at some point in their lives, according to a 1998 Commonwealth Fund survey


تقريبا" ثلث النساء الأمريكيات , تعرضن لمضايقات جسدية أو جنسية من الزوج أو الصديق , خلال فترة من حياتهن. استطلاع 1998.


المصدر - منظمة الكومنولث
The Commonwealth Fund, Health Concerns Across a Woman’s Lifespan: 1998 Survey of Women’s Health, May 1999
------------------------------
Nearly 25 percent of American women report being raped and/or physically assaulted by a current or former spouse, cohabiting partner, or date at some time in their lifetime, according to the National Violence Against Women Survey, conducted from November 1995 to May 1996

تقريبا" 25 بالمائة من النساء الأمريكيات اغتصبن , و / أو تم الاعتداء عليهن جسديا" , من رفيق سابق أو حالي أو خلال إحدى المواعيد .


The Centers for Disease Control and Prevention and The National Institute of Justice, Extent, Nature, and Consequences of Intimate Partner Violence, July 2000
المصدر -المعهد الأمريكي للعدل .
-----------------------------------
خلال العام 200 تعرضت 588490 امرأة للضرب ( لعنف لم يؤدي لإصابات ) , من شريك الحميم ( المقرب ).


Bureau of Justice Statistics Crime Data Brief, Intimate Partner Violence, 1993-2001, February 2003
المصدر -مكتب العدل الأمريكي 



وتشير التقديرات إلى أن 18% من مجموع النساء في الولايات المتحدة الأمريكية تعرضن للاغتصاب وأن 1900 فتاة يوميا يتم اغتصابهن وهذه النسبة تشكل رقما كبيراً خاصة إذا نظرنا إلى أن نسبة العلاقات غير الشرعية مرتفعة جدا وأن أكثر من 5% من الزوجات يخن أزواجهن من باب المعاملة بالمثل.

علاوة على ذلك فإن 2% من حالات الاغتصاب المذكورة تكون من الأب أو أحد أفراد الأسرة.

وتشير مصادر أخرى إلى ارتفاع هذه النسبة إلى 22% من مجموع النساء في الولايات المتحدة الأمريكية اللائي يتعرضن لحوادث الاغتصاب وهذا يجعل الولايات المتحدة الأمريكية الدولة الأولى في العالم من حيث معدلات الاغتصاب الواقعة على النساء.

ونشير هنا أيضاً إلى أن ما مجموعه 47% من حالات الاغتصاب المذكورة كان يصاحبها اعتداء جسدي شرس وعنيف بالضرب ونحوه كما نشرت ذلك صحيفة اليو إس توداي

وهذه النسب المذكورة لا تشكل إلا ما تم الإبلاغ عنه من جرائم الاغتصاب وأما ما لم يتم تسجيله أو الإبلاغ عنه فإنه أكبر بكثير من الرقم المذكور وتشكل هذه الجرائم أكثر من عشرين ضعفا من مثيلاتها في كل من اليابان وإنجلترا وأسبانيا مع مراعاة أن الدول السابقة دول شعوبها غير متدينة بعكس الولايات المتحدة الأمريكية فإن شعبها متدين وبنسبة كبيرة.

وقد نشرت مجلة الطب النفسي الأمريكية تقارير تفيد بأن ما نسبته 42% من النساء العاملات في الولايات المتحدة الأمريكية يتعرضن للمضايقات والاعتداء الجنسي ومن أشهر القصص في هذا المجال قصة أحد أعضاء الكونغرس الأمريكي عندما قامت إحدى العاملات معه بشكايته لأنه قام بالتحرش بها جنسيا وبعد اشتهار أمره تقدمت أكثر 26 امرأة بشكاوى تفيد أنه مارس معهن التحرش.

كما نشرت منظمة التحالف الوطني المنزلي في أمريكا تقارير تفيد بأن أكثر من سبعة ملايين امرأة يتعرضن للضرب من قبل الأزواج ولا يقمن بإبلاغ الشرطة ويدخل مئات الآلاف منهن سنويا إلى المستشفيات لتلقي العلاج من آثار الضرب وهي حالات مختلفة بعضها خفيف وبعضها قوي جدا قد يصل إلى القتل.

وتشير تقارير ودراسات أخرى إلى أن 95% من ضحايا العنف العائلي هم من النساء وأن من بين كل أربعة حالات اعتداء على المرأة يكون الزوج هو المعتدي في ثلاثة حالات منها

     **الخلاصة:

1-    لقد رعى الإسلام المرأة في التشريع والتوجيه والتنفيذ من مهدها وفي شبابها إلى شيخوختها واعتبرها شقيقة الرجل لها دورا مهم ومفصلي على صعيد الأسرة والمجتمع واستقامتهما وارتفاع بنيانهما فهي أم وربة بيت وعنصر ايجابي فاعل . وقد منع بشكل قاطع النيل منها أو استغلال أنوثتها وجعلها عرضا يجب أن يصان تبذل الأرواح والمهج وتراق الدماء رخيصة لحمايتها. وقد أعطاها من الحقوق كما أعطى الرجل سواء بسواء إلا ما يختلفا فيه من ناحية فطرية شدة وبأسا وبسطة في الجسم أو ضعفا .

2-    لقد سجل التاريخ والحاضر بأن جميع المبادئ والتشريعات البشرية قد وضعت المرأة في أسفل الدركات ظلما واستهانة واستضعافا ولا زال الخط البياني يرتفع بأرقام قياسية في هضم حقوقها والاعتداءات عليها وما الترويج لحرية الغرب ومناداته بحقوق المرأة إلا ذرا للرماد في العيون وتزيفا للحقيقة المذهلة عن جرائمه.

3-    هناك دعاوى لا سيما في العالم الإسلامي من لجان حقوق ومؤسسات نسوية وكتاب ومفكرين للنيل من عفاف الأسرة المسلمة من اجل تدميرها وإشاعة الانحلال الذي يدعو له الغرب حتى تعم الفوضى الحاصلة في المجتمعات الغربية وتصبح مجتمعاتنا أسوء حالا وذلك من خلال دعوة المرأة لأخذ الأمر على عاتقها وتجاوز الرجل وحرمانه من القوامة على المرأة والتعامل معه بالندية لا بالمنافسة والتفاهم والمودة والرحمة التي دعا لها الإسلام وقد تبين أن الكثير من هذه المؤسسات  لها ارتباطات واضحة في النشوء والتمويل بالدول المعادية للإسلام لتحقيق مآربها وشرورها في بلاد المسلمين ضمن مخططات إعادة رسم المعادلة لتخدم بقاء الغرب جاثما على بلاد المسلمين ولا سيما بعد الثورات التي قامت في بلاد المسلمين من اجل قلعه وإعادة الاعتبار للإسلام كنظام شامل لكافة مناحي الحياة.

4-    هي دعوة نوجهها لكل عاقل في العالم ولكن من يحرص على المرأة كانسان مثلها مثل الرجل لها الحق في عيش وافر كريم بأن تنصب الدعوات والجهود لإعادة الاعتبار للنظام الاجتماعي في الإسلامعبر إقامة دولة الإسلام التي تجمي الأعراض وتثأر لها

وتطبق النظام الاجتماعي وكل الاسلام،،فالنظام الاجتماعي وحده لا يجدي ما دام الاسلام معطلا ولا حارس لهوالدعوة والمطالبة بتطبيقه لإحقاق الحق والعدل ولرفع مكانة المرأة إلى أعلى درجات الرقي الإنساني دون أي امتهان أو انتقاص أو عدوان.


((فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ ۖ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ ۖ)) سورة آل عمران


5/7/2012م

سعيد الأسعد – فلسطين.

الخميس، 6 سبتمبر 2012


"نداء حار إلى الأمة تجاه الثورات"

أيتها الأمة الكريمة:
       إننا نحمد الله ونشكره حيث أنعم علينا فجعلنا خير امة أخرجت لناس, وجعل صانع امتنا وبانيها هو خير الخلق رسولنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم خير ولد ادم, يتلوا آياته ويعلمنا الكتاب و الحكمة وان كنا من قبل لفي ضلال مبين؛ انحطاطا فكريا وانحلالا خلقيا, وتبعية سياسية, واقتتال وتناحر على سقط من المتاع زائل, فرفع الله شأننا وجعل فينا خاتمة الرسائل, يقول عز وجل :" هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين.الجمعة.  فقام البناء على حدثان عظيمان: الرسالة, وأهلها؛ فالرسالة الخاتمة التامة الشاملة للبشرية جمعاء حدث عظيم, والشعوب التي تكونت منها أمتها لاشك بأنه تكريم وتأريخ لحدث عظيم .
       ولقد صنعت الأمة وفق معيار ثابت على عقيدة الإسلام: عقيدة روحية سياسية, منها نظام حياتها وطراز عيشها فهي أساس فكرتها وطريقتها, تحملها على هذا النحو رسالة للعالمين, فلا تقوم الأمة إلا على فكرتها, ولن تستقيم وتبقى إلا على طريقتها, ولن تكون في مكانتها إلا إذا عاشت واستقامت وحكمت وحملت الإسلام كاملا في كافة مجالات الحياة على كافة الأصعدة داخليا وخارجيا, يقول عز وجل:"  كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله" آية 110 آل عمران  روى الترمذي عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول في قوله تعالى) : كنتم خير أمة أخرجت للناس) قال" : أنتم تتمون سبعين أمة أنتم خيرها وأكرمها عند الله ." وقال : هذا حديث حسن . وقال أبو هريرة:" نحن خير الناس للناس نسوقهم بالسلاسل إلى الإسلام" وقال مجاهد) : كنتم خير أمة أخرجت للناس على الشرائط المذكورة في الآية),وفي تفسير القرطبي قوله تعالى" : وكذلك جعلناكم أمة وسطا" المعنى : وكما أن الكعبة وسط الأرض كذلك جعلناكم أمة وسطا ، أي جعلناكم دون الأنبياء وفوق الأمم . والوسط : العدل ، وأصل هذا أن أحمد الأشياء أوسطها . وروى الترمذي عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالىوكذلك جعلناكم أمة وسطا قال : ( عدلا ) . قال : هذا حديث حسن صحيح . وفي التنزيل ": قال أوسطهمأي أعدلهم وخيرهم  وقال زهير
                         هم وسط يرضى الأنام بحكمهم ------ إذا نزلت إحدى الليالي بمعظم.
       ولو نظرنا فنلاحظ جليا أن الأمة التي صنعت على يد نبيها فأصبحت خير الأمم ولها تاريخ منارة في النهضة والقوة والعزة قد عمرت العالم القديم أو كادت وفتحت وسادت بالإسلام منطلقة من حقائقه الثابتة التي لا تتغير وهي :
1-   الإسلام هو عقيدة وأنظمة شاملة لكل مناحي الحياة, وهو رسالة وقضية لا بد أن تصل إلى مبتغاها في الظهور, مصداقا لقولة عز وجل " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) 3 المائدة وقولة :" ونزلنا عليك الكتاب تبياننا لكل شيء)89النحل . وقوله :(هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله )9 الصف, وقوله( قل أوحي إلي هذا القران لأنذركم به ومن بلغ)19 الأنعام وقوله :( قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون)29 التوبة وقوله صلى الله عليه وسلم:" عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله." كل هذه النصوص وغيرها تدل بوضوح على أن الإسلام فيه حكم لكل شيء ويجب أن يحكم في كافة أنظمة الحياة وهو رسالة خير وهدى للعالمين هي رحمة وبالسيف بين يدي لساعة.
2-   الفهم الصحيح للإسلام بمعناه الشمولي هو الضمانة لحسن تطبيقه من قبل دولة الخلافة وفق معاييره في الفهم والاجتهاد, وبناء الفروع على الأصول, والنظر في الوقائع المتجددة نظرا تشريعيا يقوم فيه العقل بتحديد الواقعة لفهم مناطها وتنزيل الحكم المطابق عليها, ما يضمن عدم الخلط في أحكامه, وتحقيقا لقاعدة الاستغناء في معالجاته, والحيلولة دون إدخال ما ليس من الإسلام إليه.
3-   الإسلام يقوم على عقيدة ومعالجات, ومنه دولة هي الضمانة والطريقة لتطبيقه, وإيجاده في الحياة, ومن خلالها تحمل الأمة الإسلامية رسالته للعالمين. ولا يجوز اخذ حكم واحد مهما قل أو كثر من غير الإسلام ويعد هذا جرما وإدخال على الإسلام ما ليس منه, عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" : من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردرواه البخاري ومسلم ، وفي رواية لمسلم" : من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد" .
4-   الدولة الإسلامية هي: رئاسة عامة لجميع المسلمين في الدنيا تقوم على تنفيذ أحكام الإسلام داخليا وتحدد على أساس الإسلام علاقتها بغيرها من منطلق حمل الدعوة الإسلامية, فهي إمارة عامة لجميع المسلمين تحكمهم بالإسلام ليس غير.
5-   الحكم في الإسلام له قواعده الشرعية, وله شكله الخاص والذي يتميز فيه عن غيره, حيث لا يكون الحكم إسلاميا إلا وفق قواعده وأحكامه.
6-   قواعد الحكم في الإسلام أربع: السيادة للشرع, السلطان للأمة, نصب خليفة واحد فرض على المسلمين, للخليفة وحده حق تبني الأحكام الشرعية للدستور والقوانين؛ فالحكم إن كانت السيادة فيه مشتركة بين الشرع وغيره من أحكام وضعيه تتهدم فيه قاعدة من قواعده, فيتهدم كله حيث جعل الشرع الحكم بالكفر الصراح في دولة الإسلام قضية مصيريه, تستوجب الخروج على الحاكم بالقوة إن أصر على تطبيق حكم واحد من غير الإسلام ؛ وفي حديث عبادة بن الصامت :"  وأن لا ننازع الأمر أهله إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان" , وهذه القاعدة القطعية تتناقض مع ما تقوم عليه الديمقراطية من جعل السيادة للشعب فتجعل حق التشريع للبشر من دون الله وما يشاع من دولة مدنية لا دينية تستبعد شرع الله من أن يكون له وجود أو أثر في التشريع والقضاء فكل الأمر فيه للبشر!!!!. وإننا نستهجن اشد الاستهجان وننكر على القائلين بالشراكة مع الأنظمة الوضعية الطاغوتية ممن يطرحون أو يدعون أنهم يطرحون الإسلام, فهل قصرت أحكام الله على استيعاب الحلول لكافة المشكلات أم أنكم تجدون في الطاغوت شفاء للعي أو السؤال؟؟!! فما لكم كيف تحكمون؟؟!!! بل إنكم أتيتم شيئا إدّا تكاد السماوات يتفطرن منه وتخر الجبال له هدا أن دعوتم لحكم الله شريكا وادعيتم غير الحق باطلا وزورا !!!!!!!!
        وأما  كون السلطان للأمة فقد جعل الشرع البيعة للإمام تكون من الأمة تعطيه عقدها باختيارها فيصبح بذلك أميرا للمؤمنين وبغير هذا فلا تنعقد له ولاية الأمر ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم :"ومن بايع إماما" وقوله :" فو ببيعة الأول فالأول.." فقد جعل الشرع البيعة حق للأمة, فيه سلطانها, تعطيه لمن تشاء, وأما ما يحصل اليوم من انتخابات لا يكون فيها الترشح والانتخاب على شرط البيعة للرئاسة لتطبيق الكتاب والسنة فهي ليست ولاية شرعية ولا تخلو بها أعناق المسلمين من البيعة الشرعية الواجبة تلك الأمانة في الأعناق وهي أمانة سلطانكم أيها المسلمون  وقد جعلها الله لكم حقا فأكرمكم وجعل لكم قدرا لتعطوا السلطان لمن يرضي الله فيكم يحكمكم بكتاب الله وسنة نبيه. إن من ثمار الثورات أيها المسلمون هي أن يعود لكم سلطانكم تنتزعونه ممن اغتصبه منكم على أن تؤدونه في حقه وابتغاء مرضاة الله وثباتا على الحق في كل الظروف, وان معية الله مالك الملك ونازع السطان ومانحه هي التي يجب أن تظل في قلوبكم, وعليها اعتمادكم واليها ترفعون أبصاركم فلتروا الله من أنفسكم خيرا وصدقا وحقا فتقيمون في سلطانه أحكامه, وتعيدون السيادة والبيعة على شريعته, ولا تخافوا في الله لومة لائم ولا تخافوا من ذي العرش إقلالا, بل إن نصركم لله يورثكم نصرا وعزا في الدنيا والآخرة إن كنتم توقنون.
        وأما كون الإمام واحدا فلما روي عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما " وفي ذلك دلالة على وحدة البلاد وجريمة تقسيمها إلى دول مستقلة بل عليكم أيها المسلمون الحرص على تطبيق هذا الحكم حرصكم على سلامة صفحات أعناقكم, فتعيدوا به الاعتبار لوحدتكم, وتعودون جسدا واحدا وأمة واحدة سياسيا واقتصاديا وعسكريا فتعودون مرهوبي الجانب أعزاء أقوياء بربكم كما كنتم.
        وكذلك فقد جعل الشرع الدولة في الإسلام تسير على دستور واحد في التبني يكون للإمام وحده- بعد نقاشه من قبل مجلس الأمة وعرض الأدلة واستشارة أهل العلم- فيكون القرار للإمام وحده؛ وذلك من مقتضى الإمارة في الشرع ومما وقع في إجماع الصحابة (أمر الإمام يرفع الخلاف) (للإمام أن يحدث من الاقضية بقدر ما يحصل من مشكلات).
 بهذه القواعد تنتظم أركان الحكم في الإسلام: من وحدة المرجعية والسيادة, ووحدة الحكم, وحسم الدستور وحفظه من التناقض والتموج, كل هذا مع حفظ حق الأمة في السلطان. وبغير هذه القواعد أو بنقصانها لواحدة فان الحكم يختل فيختل انتظام عيش الأمة بالإسلام. ولله الحمد أن جعلنا على شريعة منه نتبعها, ومحجة بيضاء مغنية مستغنية نحملها, فيها حكم ما بيننا بالقسط والعدل, فعار وشنار وجرم واستكبار على آيات الله أن يخرج نفر من المسلمين من بينهم يجعلون الشرع احد مصادر الدستور!!!!!! فهل لهذا الحد هانت عليكم أحكام ربكم فساويتم بين الطهر والنجاسة؟!! والزواج والمثلية والزنا؟؟!! والربا والبيع؟؟!! والستر والعري ؟؟!! فاتقوا الله وتوبوا إلى ربكم توبة نصوحا عسى أن يغفر لكم إن كنتم تعقون ولاياته تذعنون.
        وأما من جهة شكل الحكم وتفاصيل جهازه فقد جعل الشرع كل ذلك وفق أحكام شرعية غاية في الدقة والنظم لكي يظل الإسلام صافيا نقيا لا يختلط بغيره في الحكم, فلا يشابهه غيره, ولا تشوبه شائبة,  فشكل الحكم خلافة بالبيعة, وليس ملكيا ولا إمبراطوريا ولا وراثيا ولا جمهوريا برلمانيا ولا رئاسيا ولا ديمقراطيا ولا اتحاديا بل هو نظام خلافة الحكم فيه مركزي والإدارة لا مركزيه, وللخليفة معاونون وللبلاد وولاة وعمال وقضاة وجيش ومجلس للأمة تشارك من خلاله بالرأي وتحاسب وتنتخب وتستشار وترفع الشكوى, وهكذا فكل هذه التفاصيل قد جاءت الأحكام الشرعية بادلتها محددة لها تحديدا يجعلها طرازا خاصا لم تعرف البشرية له مثيلا في الانتظام والتنسيق والانسجام, وعلى نحو يحقق الحكم الراشد المعمّر, يعمر البلاد بالخير والعدل والفضل, ليس فيه حصانة لأحد فوق احد, بل الجميع سواسية القوي هو الضعيف أمام القضاء حتى يؤخذ الحق منه, والضعيف هو القوي حتى يؤخذ الحق له, والخليفة لا يأخذ إلا كفافا من الرزق يحول بينه وبين سؤال الناس من الحاف, فهل تجد هذا في غير الإسلام ؟!! يجلس رأس الدولة بين يد القاضي هو وخصمه ليس له ميزة عنه ينادى باسمه مجردا عن الألقاب والمفاخر فهل  تجد هذا في غير الإسلام ؟ وهكذا وغيره مما قل أو كثر من مميزات عندما يراها الناس واقعا عيانا يدخلون في الإسلام أفواجا.  وعليه فان الإسلام في استغناء عن دولة مدنية علمانية, وديمقراطية كافرة كاذبة, بل إن أنظمته وأحكامه- أي الإسلام- تعلوا على كل ذلك علوّ الطهر عن النجاسات, وعلوّ الكرم عن البخل, وعلو الحرام على السحت, فشتان ما بين الحق والضلال, والنور والظلمات, وهيهات أن تدنو الظلمات من النور, أو تختلط بها ما دامت السماوات ..!!!!
أيتها الأمة الكريمة:
       لقد حبانا الله برسالة السماء عشنا بها -والعالم يشهد- ردحا طويلا من الزمن , تاريخ طويل وقرون عديدة بتراث تشريعي لا نظير له, ضرب أمثلة غاية في الروعة, تحققت بتطبيقه الأهداف العليا لصيانة المجتمع, مع حفظ حقوق الفرد بما ينسجم مع حق الجماعة من غير حيف أو تجاوز, فكان حفظ الدين والعقل والنسل والنفس والمال في كافة عصور الخلافة وأيامها التي  تميزت بكل معاني الرفعة والنهضة حكما وأنظمة وعلاقات, وعفت الحكام فعفت الرعية, وحصل الرخاء الاقتصادي في فترة وجيزة من عمر الأمة الإسلامية, في ظل حكم الإسلام, حتى أن أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز يأمر بالبحث عن الفقراء فلا يجد, ويأمر بوضع القمح على رؤوس الجبال حتى لا يجوع طائر في بلاد المسلمين, وهذا عمر بن الخطاب لا يأكل حتى يشبع آخر مسلم في المدينة, ويخشى الله ويتقه في بغلة قد تتعثر في ارض العراق إن  لم تمهد لها الطريق . ألم يخاطب خليفة المسلمين السحاب ليحط بالخيرات أنى شاء بأمر الله ليعود الخراج إلى أيد تعدل بوضعه مواضع الحق؟ فهل سمع العالم بهذا من قبل ؟ ثم ألم تكن دولتا وامتنا تتقدم العالم في العلم والطب والفلك والصناعات في الوقت الذي تعاني منه أوروبا من فيضانات النجاسات والظلمات ؟ ويخاف ملك من ملوكهم من الساعة التي صنعها المسلمون فظن أن بها جني؟!!  وتستجير فرنسا بخليفة المسلمين ليحرر ملكها فيوفّى لها, وتدفع أمريكا الجزية وكذلك روسيا؟ نعم هذا هو تاريخ امتنا الطويل الزاخر المشرق فهل إلى عود حميد من جديد؟
أيتها الأمة الكريمة:
        لم يكن تاريخ امتنا زاخرا عقودا وقرونا صدفة ولا مجرد طفرة, بل هي أسباب ومسببات, واستجابة لأمر الله وعيشا وحكما وحملا لرسالته عن تفان وإقدام, نصرنا الله فخضعت لنا أعناق الجبابرة, واتتنا الدنيا صاغرة ونحن عنها راغبون, نطلب الآخرة برضا الله ونسعى لها سعيها فنحوز خيري الدنيا والآخرة, فالقضية هي حقائق ثابتة تخلوا من استجداء الشرق والغرب, ويستحيل معها اخذ أي حكم أو نظام من غير نظام الله تحت أي ظرف, هي حقائق يتمايز فيها الإسلام بفكره ووجهة نظره ومقياس أعماله وأهدافه وقضيته ومثله الأعلى عن كل ما هو غيره . فلا نقبل شفاعة في حد من حدود الله, بل نقطع الشريف كما الضعيف, ويغضب نبينا عندما يرى احد أصحابه يتصفح بصحائف من التوراة فيقول)  : أمتهوكون فيها يا ابن الخطاب ، فو الذي نفسي بيده ، لقد جئتكم بها بيضاء نقية .. ، والذي نفسي بيده ، لو كان موسى حيا ما وسعه إلا أن يتبعني.(  فكيف بمن يدعو اليوم من بين أظهرنا للعيش بأنظمة وضعية ديمقراطية ومدنية علمانية...؟!!! لقد كان خليفة المسلمين يجهز جيشا عرمرما يقوده بنفسه ليحرر امرأة من اسر العدو لان قدوته رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نصر عرض امرأة فأجلى يهود بني قينقاع عن بكرة أبيهم من المدينة, وكذلك نصر خزاعة على بكر وكان من بركاتها فتح مكة. نعم هي امة تنتصر لبعضها, وينفر إمامها لصرخة بعيدة تستغيث به, فنعمت أعرافها, و لقد كنا يجير أدنانا على أعلانا, وتتكافؤ دماؤنا وأموالنا وأعراضنا, لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى, وسلمان من آل بيت نبينا, كل ذلك  بالإسلام العظيم. إننا وايم الله ننظر لهذه الأيام بحقائقها فننكر عيشنا بعد أن تنكبت امتنا عن شرائط خيريتها, وتفرقت إلى شعوب بقوميات ووطنيات ما انزل الله بها من سلطان, فولي أمرنا حكام وكلاء بل عملاء وعبيد لعدونا, يحكمون امتنا بالجبت والكفر والطاغوت, يسرقون الأموال ويقترفون المحرمات ويضعون لها قوانين ودساتير, فاحلوا الربا والخمور والزنا والعري والاختلاط, ومنعوا السياسة في الدين, يسجنون عباد الله ممن يقولون ربنا الله, فيضعون الأغلال والإصر عليهم..حكام تجتمع قممهم العربية وما تسمى إسلامية لبيع البلاد وخيانة عباد الله, فمكنوا يهود من بلاد المسرى, وسمحوا بل تآمروا على احتلال العراق وتدميره, وأفغانستان وتدميره, والشيشان وذبحه, الم تعش الأسر في بعض بلادنا في المراحيض العامة ؟! ألم تفرض على المصلين من كبار السن بطاقات خاصة للمساجد وتمنع منها الشباب؟!ألم تجوع الناس وتحفى وتعرى في القرن العشرين ومطلع واحد وعشرين في الصومال وغيرها ؟؟ ألم تقتل الحدود المصطنعة فرحة البدء بالصوم والفطر عند المسلمين؟ وتحيل الحج إلى جحيم؟ كما تقتل وتمنع تلك الحدود الناس- ظلما وعدوانا وحرمانا- من أدنى الحقوق في السفر والتنقل إلى سائر بلاد المسلمين من أقربها لأقربها وأقصاها إلى أقصاها؟ حتى صدق في حالنا قول ربنا :( ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار ) وقول نبينا:(يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها فقال قائل ومن قلة نحن يومئذ قال بل أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم).
أيتها الأمة الكريمة:
      لقد كان انهيار حضارتنا وانحطاطنا وتمزقنا هو ضالة عدونا, فكان الصراع عنيفا وجولاته طويلة بيننا كأمة ودولة وحضارة وبين الكفر بشتى ألوانه من جهة, وقد أدرك الكافر أن سر قوة المسلمين هو في ثروتهم المبدئية, والتي اشتملت على ثروة تشريعية, فصنعت ثروة تاريخية ونهضة مميزة, فانقض الكافر بخيله ورجله وخبرائه بغزوه الفكري والثقافي لبلاد الإسلام, للقضاء على الإسلام كحضارة ورسالة وسياسة وأنظمة, لتفقد الأمة نور العقيدة من القلوب, وأثرها في العيش وبناء الأجيال, وتزول من كونها عقيدة سياسية وقيادة فكرية للعالم, وبفعل فترة الضعف التي مرت بالمسلمين لا سيما الضعف في فهم الإسلام, إضافة لبعض الغشاوات فقد تأثر المسلمون بالغزو الثقافي والفكري, حيث أنشئت أحزاب ومدارس, وظهرت دعاوات للقومية والمذهبية وللفكر الغربي, تأثرا بالثورة الصناعية وخلطا بين الحضارة والمدنية, ما ادي إلى التراجع الفكري والثقافي عند المسلمين, إضافة إلى المكر السياسي والتحالفات الأوروبية ضد الدولة الإسلامية ,باعتبارها معصم الوحدة والقوة في المسلمين, ما أدى إلى القضاء عليها تزامنا مع حالة الانهيار الفكري والثقافي في المسلمين, ففقد المسلمون بذلك وحدتهم ونهضتهم وحتى سيادتهم على بلادهم, وتحولت بلادهم إلى مستعمرات للكافر ,فقسمت ونهبت خيراتها, ودنست مقدساتها, وأصبحت شذر مذر,  انتقصت من أطرافها بل من قلبها وأحشائها.
        وللحقيقة والتأريخ فقد ظلت الأمة في دياجير الفوضى والتخبط ومحكومة بالتسلط عشرات السنين, وفي منتصف القرن العشرين كان بفضل من الله ونعمته أن قيض لهذه الأمة مجموعة من علماء فلسطين, تحركوا بمرهف إحساسهم ليدرسوا الحال الذي وصات له الأمة, فتوصلوا لأسبابه, واجمعوا على أن لا حل ولا مخرج إلا بجهد طلائعي يقودون أمتهم من خلاله إلى بر الأمان, والى العود الحميد للإسلام وفق حكمه وأمره, وبناءا على الدراسات والتشخيص الدقيق والتمحيص والبحث الدقيق العميق للإسلام ومعالجاته و لما آلت إليه ظروف المسلمين, تبين لهذه الثلة أن قضية المسلمين هي إلغاء الحكم بالإسلام وإنشاء أنظمة على ما يشتهي الغرب وحسب وجهة نظره وضمن سياساته في تمزيق البلاد وإذلال العباد ونهب الخيرات , وتبين لهؤلاء العلماء أن لا مناص لهم شرعا من إنشاء حزب ليقوم بهذه التبعات كجهد جماعي لا يتم الواجب إلا به, والتزاما بما أوجبه الله في قوله (ولتكن منكم امة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون) 104 آل عمران, فقاموا بإنشاء حزب التحرير, وقد كان هذا الحدث مفصليا وتاريخيا في واقع التحول والحيوية التي دبت في المسلمين, وقد تركزت أعمال الحزب على تثقيف الأمة فرديا وجماعيا ومخاطبتها بما أنيط بها للدخول في عملية فهم مبدئها للعيش به وتطبيقه, ومن خلال كشف خطط الكافر المستعمر وما يحيكه ضد المسلمين, وتبني مصالح المسلمين في عدة قضايا استطاع الحزب أن يصنع رأيا عاما في المسلمين على ضرورة إسقاط الأنظمة الحالية, وإعادة نظام الإسلام للحكم واستئناف الحياة الإسلامية بإقامة الخلافة من جديد و بمفهومه الشمولي الجذري, والذي يتمايز عن غيره من الأنظمة, ولا يقبل الخلط مع أحكامها وأنظمتها ودساتيرها, وحتى في شكل الحكم وطريقة نشر المبدأ , ولقد أدركت الأمة بهذا الجهد ألطلائعي المبارك بان لا مناص لها مما هي فيه, ولا مخرج إلا بإعادة الاعتبار للإسلام كمبدأ ومنه الدولة, فيجب أن تسقط الأنظمة التي أقصت الإسلام ليعود الإسلام للوجود من جديد, فتعود للعقيدة حرارتها في عيش الناس وعلاقاتهم باعتبارها أساس الدستور, وتنسج مواده منبثقة من أحكامها, في كافة مجالات الحياة فتصوغ المجتمع والجيل من جديد, وترسم للعالم خرائطه, وللتاريخ أبوابه وفصوله, كما كانت من عهد قريب .
أيتها الأمة الكريمة:
        إن الحقيقة الناطقة تقول: بان الإسلام هو الأصل والفصل والحكم به, والعيش في ظلال أنظمته والعيش لحمله هو سبب وجودنا كأمة, وسبب بقائنا وسر سعادتنا, فهل لعاقل مبصر أن يتجاوز الحقيقة ويقبل باستبدال الذي هو أدنى بالذي هو خير ؟!!!
       إننا ندرك الحقيقة بان شدّة الظلم ومرّ العذاب والقهر وضياع الأموال والأنفس والثمرات, وشدة المصائب على تنوعها, والتي حلت بالمسلمين بعد ضياع الحكم بالإسلام, وتسلط الأنظمة الجبرية على رقاب المسلمين, هذه الحقيقة تنتج وتوجب حقيقة التغيير الحتمي, فمهما قلبنا أبصارنا في السماء, وفكرنا في المخارج, فلن نجد إلى خروج من سبيل إلا سبيل التغيير الحقيقي الحتمي الجذري الشامل, وما الثورة المباركة التي تشهدها امة الإسلام في مشرقها ومغربها, وفي مصرها وشامها ويمنها, وما يغلي في دمائها, إلا هي ثورة على الواقع وأسبابه, وهي رصيد مما جمعته الثلة الواعية الطلائعية من جهد الأمة المباركة, والتي نشأت أواسط القرن العشرين لتقود الأمة إلى التحرير, ولقد بذلت الأمة ولا زالت من الدماء والأموال للخروج من هذا الواقع وأسبابه ومسبباته للعودة إلى العيش الكريم, وانه لن يكون إلا بما صلح به أمر هذه الأمة من أولها, وهذا والله لهو قدرها المحتوم, مهما ضللها المضللون, من علمانيين أو علمانيين في الوسط ( الإسلاميون المعتدلون), وعلماء السلاطين, ونفر من الظالمين المرتهنين للغرب, فلن تصل الأمة إلى غاية مسعاها إلا برفع الصوت عاليا في كل جنباتها (أن لا مشروع لنا ولا هدف لنا إلا استئناف  الحياة الإسلامية وعلى طريق رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم) وتجدون هذا صريحا في دعوة حزب التحرير منشورة في معظم بقاع الأرض وعلى كل لسان, فهو الرائد الصادق الذي لا يكذب أهله, وهو من أول يوم- قام فيه قائمه منذ ستين عاما قيام النذير العريان- ينادي: أن يا امة الإسلام: لا حل ولا أمل إلا بإسقاط النظام, والحكم بالإسلام, ولقد -والله- ,- ويشهد الله -انه قد بذل فيكم الجهد وصدقكم النصح؛ فثقف الملايين ولا يزال, وأجمل وفصًل للجماهير ولا يزال, وسيظل إن شاء الله قائما بالحق حتى يصل بأمه إلى خير الدنيا والآخرة وسعادة الدارين . واعلموا أن لا خيار لثورتكم المباركة إلا خيارين اثنين لا ثالث لهما: فإما أن تقطفون ثمرتها انتم, أو تكون الثمرة لعدوكم وانتم وإياهم على فرسي رهان . فأما ثمرتكم فهي والله واضحة قد جلّاها الشرع وملأت الدنيا وزخر بها التاريخ ووعد بها الله, وبشّر بها رسول الله, وهي أمانة في الأعناق وهي اسئيناف الحياة الإسلامية من جديد بإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة بالطريق الانقلابي الشامل على طريقة رسول الله,  بإعطاء النصرة من قبل القوى في قطر أو أكثر بما يوفر المنعة الشرعية لحزب التحرير, ليباشر وفق مخطوط شرعي واضح المعالم وبخطوات شرعية لتمام الأمر وقطف الثمرة . وأما ثمرة عدوكم فهي ترقيعات من دساتير غربية طاغوتية في أشكال الدولة المدنية العلمانية من فتات الغرب وقاذوراته تهلك الحرث والنسل, وتفسد الأجيال والمجتمعات, كما هو حاصل لدي الغرب وماثل للعيان, وتئن منه المجتمعات الغربية وتثور عليه, وما ثورة   (ول ستريت) وأصداؤها العالمية إلا خير دليل .
أيتها الأمة الكريمة:
نناديكم بحرارة تنبع من أعماق ثلاثة:
    * من عمق العقيدة وحرارتها: والتي حولت العبيد إلى سادة والأوغاد إلى قادة والجاهلية إلى نهضة .. العقيدة التي رفعت ذكر الأمة في العالمين, وجعلتها امة كريمة وسطا بين الأمم, وخير امة أخرجت للناس, حرارة العقيدة التي فتحنا بها آفاق الأرض نعمرها بعدل الإسلام, وبنور أنظمته واستقامة حكمه, تلك العقيدة ونورها الذي ملآ القلوب راحة والعقول قناعة والنفوس اطمئنانا بتفسيرها لمعنى الوجود, وجوابها عما قبل الحياة وعما بعدها, وتنظيم علاقات الإنسان جميعها تنظيما كفيلا بسعادة  الدنيا والآخرة برحمة الله وفضله, وإنه والله قد أوتيتم بذلك أيها المسلمون كنوز الأرض وعز الدنيا وحكم العالم حتى قال قائلهم : (حكمت فعدلت فأمنت فنمت يا عمر) ...أبالجاهلية أم بالإسلام ؟؟؟؟ وحتى قال ربعي بن عامر لمن حكموا العالم قبل جولة الإسلام: (جئنا لنخرج العباد من عبادة العباد لعبادة رب العباد ...) كل ذلك يوم أخذنا بميثاق الكتاب, وحركتنا عقيدة الإسلام بحرارتنا الصاهرة الدافعة الرافعة, نعم تلك العقيدة التي صهرت الشعوب وحررتهم من نزاعات الوطنية وطينها, والقومية وعصبيتها, واختلاف الألسن والألوان وعنصريتها, والنزوات وشياطينها, وجعلتهم أخوة ووحدة ولحمة وجسدا واحدا, واحدة مشاعرهم وأفكارهم ونظامهم وقضيتهم, ورسالتهم وغاية غاياتهم واحدة, يؤثر الأخ أخاه ولا يبيت أهل عرصة وفيهم امرئ جائع, يجير بعضهم على بعض, يهتم أقصاهم بوجع أقصاهم, ويجير أدناهم على أعلاهم, يسيرون في بلادهم المترامية الإطراف لا تخاف ظعينهم إلا الله .
     *  نناديكم بحرارة تاريخ مشرق بالنور تاريخ عز وانتصارات, تاريخ تحول فيه الناس من الضياع واليتم والمذلة, إلى القوة والاستقرار والعزة, ومن تبع إلى علماء ورجال دولة, ومن كيانات هزيلة إلى دولة عظمى تشتبك مع قطبي العالم الفرس والروم في آن واحد فتهزم كليهما, وتنتزع الصدارة لوحدها ..., جيوش الفتح تصل الصين شرقا وأسوار فينا في قلب أوروبا غربا, ولم تكلفهم اندونيسيا إلا جهد التجار لتفتح على مصراعيها. نعم حق لها أن يكون تاريخها مشرق, فلا يكلف تأديب المتربصين بخيلهم ورجلهم إلا جهد من الشام ؛ الشام الذي يشهد ثورة جامحة ليعود كما كان قلب الأمة النابض, وعرينا للإسلام شامخ وقطب الرحى في المسلمين من جديد ومنطلق العزة ومحطم المآمرات وهازم الأعداء بإذن الله, أو جهد الشام ومصر الكنانة لتحصل الكفاية لتحرير فلسطين من الصليبين كما كان, وتسحق التتار في عين جالوت, وتذل نابليون فيرجع خائبا هاربا ذليلا في ثياب امرأة ...  وتستجير فرنسا بخليفة المسلمين لتحرير ملكها وتدفع أمريكا وروسيا للمسلمين الجزية, بلادنا تضاء بمصابيح الزيت وأوروبا مظلمة, بلادنا تتوزع فيها المياه بطرق علمية, وأوروبا تغرق شوارعها مياه عادمة, بلادنا تعيس وحدة العقيدة ونور العلم وتقدما وازدهارا, وأوروبا تعيش صراعاتها القومية وتسلط رجال الدين وترهاتهم التي ملأت الدنيا ..نعم و الله انه تاريخ يفوح بالحرارة التي يجب أن تنبعث فيكم أيها المسلمون من جديد, فتتحركوا وتندفوا وتزمجروا وتطردوا عدوكم وأدواته وعماله وعملائه وكل خيلهم ورجلهم وأفكارهم, ولتعيدوا الاعتبار لدينكم وتعيدوا الاتصال بتاريخكم المجيد من جديد .
     * نناديكم بحرارة وعد الله وبشرى رسوله بالاستخلاف في الأرض بخلافة راشدة على منهاج النبوة, وبحرارة تاج الفروض وسبب العزة, وطريقة النهضة والسعادة, فرض إعادة الخلافة الإسلامية من جديد, والتي يرتعد منها ولذكرها أعداؤنا, ويبذلون كل البذل مجتمعين ومتفرقين للحيلولة دون عودتها, وهاهم مع تحرك الأمة وثورتها على الأنظمة الجبرية فإنهم يسخرون كل قواهم للحيلولة دون انتقال الأمة إلى عصر الخلافة الراشدة بوضع البدائل عنها لتظل الأمة تحت نيرهم, وفي ظل استعبادهم, فيبثون سموم الدولة المدنية العلمانية, والدعوة الخبيثة للديمقراطية, والعدالة الاجتماعية كل هذا من جهة, و من جهة أخرى يصفون الدعوة لإقامة الخلافة بالرجعية والتطرف, وقد استعملوا لكل هذا أدواتهم وعملائهم بشتى الأطياف والانتماءات الحركية!!!!! فاعلموا أيها المسلمون: بأن كل واحد منكم على ثغرة من ثغور الإسلام فلا يؤتين من قبله, ولا تخذلن أحدكم قضيته من قبله, ولنقم لله قانتين, ونرفع عن كاهلنا كل الدعاوات التآمرية, والتي هي بديل عن مشروع الأمة الحضاري التاريخي, مشروع العصر الجديد والبداية لحقبة تاريخية جديدة من عمر الدنيا ألا وهو عصر الخلافة الراشدة على منهاج النبوة, فكونوا أيها الحاضرون من هذا الجيل حاضر الأمة المشرق, وأصحاب هذه العهدة, وأهل هذه المهمة تؤدونها وتقومون بواجبها بكل جدارة وإصرار, متوكلين على الله رب العالمين, لتكتبوا في صحائف من نور, وعلى منابر من نور, قدام عرش الرحمن. ( لمثل هذا فليعمل العاملون)

  3/جمادى الآخر 1433ه الموافق 24/4/2012م.  سعيد الأسعد – فلسطين.