الأحد، 15 مارس 2015

بذ ل المال ابتغاء وجه الله عز وجل لا يقل عن بذل النفس بل هما صنوان لا يفترقان.

بسم الله الرحمن الرحيم
بذ ل المال ابتغاء وجه الله عز وجل لا يقل عن بذل النفس بل هما صنوان لا يفترقان.
الحمد لله القائل في كتابه العزيز :( لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (92)ال عمران  القائل : ) وَلاَ يُنفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً وَلاَ يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴿121﴾ التوبة ويقول صلى الله عليه وسلم: " من أنفق نفقة في سبيل الله كتب له سبعمائة ضعف " .
ان بذل المال ابتغاء رضوان الله هو صنو بذل النفس فكما ان النفس تبذل رخيصة ابتغاء رضوان الله فان المال هو كذلك وان الله عز وجل قد قرن بذل المال مع بذل النفس  في صفقة البيع حيث قال جل من قائل : (۞ إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ۚ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ۖ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ ۚ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ ۚ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ ۚ وَذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (111) . وان ذكر المال بعد النفس فيه دلالة عظيمة لما للمال من أثر بالغ في اعزاز الدين ورفعته واعداد العدة وتحضير كل ما يلزم من نفقات لذلك. وانه والله لو كانت هذه الحاجة الضرورية الحتمية للمال في الزمن الماضي مؤكدة فانها في حاضرنا أشد وآكد وان بذل الانفس والاموال معا – عند الامة صاحبة الرسالة - هما كجناحي طائر فان كسر احد جناحيه وقع وان ضعف احد جناحيه انخض حتى يقع. فالمال عصب الحياة للدول والامم والدعوات فلا تقوم دعوة ولا تبتنى دولة ولا تحمل رسالة الا حاجة المال ركن اساسي في كل ذلك . وقد بذل الصحابة  المال ابتغاء رضوان الله وضربوا بذلك اروع الامثلة كما أخبر الصديق حين قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم :ماذا أبقيت لعيالك؟ قال : الله ورسوله . واعترف رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لأبي بكر ببذله وإنفاقه في سبيل هذا الدّين، فقال صلّى الله عليه وسلّم: (إنّ أمنّ النّاس عليّ في صحبته وماله أبي بكر، ولو كنت متّخذاً خليلاً لاتّخذت أبا بكر، ولكن أخوّة الإسلام ) ذكر البخاري رحمه الله في تاريخه من طريق الزهري قال أوصي عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه لكل من شهد بدراً بأربعمئة دينار ، فكانوا مائة رجل.
   وان من فضل الله تعالى على عباده ورحمته بهم، ان شرع لهم من الدين ما يقربهم اليه، ويوصلهم إلى مرضاته، ويكون سبباً في دخولهم الجنة والنجاة من النار، وكان مما شرعه لهم، وامرهم به: ان يفعلوا الخيرات، وينفقوا مما جعلهم مستخلفين فيه، تزكية لنفوسهم، وتطهيرا لاخلاقهم، وتنمية لاموالهم، فقال تعالى: { وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الحج: 77] وقال: {وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ } [الحديد: 7] ووعد سبحانه وتعالى فاعلي الخير بتوفية اعمالهم، ومضاعفتها لهم اضعافا كثيرة في وقت هم احوج ما يكونون إلى ذلك، فقال تعالى: {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ} [البقرة: 272] وقال تعالى {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً} [البقرة: 245]
وقد بين تعالى تلك المضاعفة اتم بيان، واوضحها اكمل ايضاح، وضرب لها مثلاً بما تعيه افهام الناس، وتدركه عقولهم، وتراه اعينهم، فقال: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ } [البقرة: 261]
وهكذا نبينا صلى الله عليه وسلم بين فضل الانفاق والتصدق في سبيل الله، وثماره وآثاره في عالم الغيب، وفي عالم الشهادة، ومما ورد من ألفضل في ذلك:
1
المضاعفة لصاحبه، فعن ابي هريرة رضي عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب ولا يقبل الله الا الطيب فان الله يقبلها بيمينه ثم يربيها لصاحبها، كما يربي أحدكم فلوه أي مهره حتى تكون مثل الجبل» متفق عليه.
2
ان الصدقة تظل العبد يوم القيامة وتحول بينه وبين حر الشمس حينما تدنو من رؤوس الخلائق، فعن عقبة بن عامر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « كل امرئ في ظل صدقته حتى يقضى بين الناس» رواه أحمد والحاكم وصححه الالباني.
3
ان اجر الصدقة يقع مضاعفاً إلى سبعمائة ضعف يوم القيامة إلى اضعاف كثيرة، فعن ابي مسعود الانصاري رضي الله عنه قال: جاء رجل بناقة مخطومة فقال: هذه في سبيل الله، فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم «لك بها يوم القيامة سبعمائة ناقة كلها مخطومة» أخرجه مسلم.
4
ان الصدقة تطفئ غضب الرب وتدفع ميتة السوء، فعن انس رضي الله عنه قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم «ان الصدقة لتطفئ غضب الرب وتدفع ميتة السوء». أخرجه الترمذي وقال: حسن غريب.
5
واخبر النبي صلى الله عليه وسلم انه الصدقة تطرد الشياطين عن ابن آدم، وتفك عقدهم عنه، فعن بريدة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « لا يخرج احد شيئا من الصدقة حتى يفك عنها لحي سبعين شيطانا» أخرجه أحمد وابن خزيمة وصححه الحاكم والالباني.
6
والصدقة زكاة وطهرة للمسلم، فبها تزكو نفسه، ويرق قلبه، وتطيب روحه، ويرتفع عن اخلاق اصحاب الشح والبخل والأثرة وغيرها قال تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا } [التوبة: 103] .
7
وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم: ان الصدقة لا تنقص المال، بل تزده بما يحصل فيه من بركة الانفاق والعطاء، لان كثيراً من المحجمين عن الانفاق والتصدق يظنون ان الصدقة تذهب بالمال وتفنيه، او تنقصه، وهذا بسبب غلبة حب الدنيا على قلوبهم، فعن ابي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ما نقصت صدقة من مال..» الحديث أخرجه مسلم.
وهذا التحريض على الصدقة من قبل الشارع الحكيم ألهب حماس اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وجعلهم يتنافسون في هذا الميدان..وأي ميدان؟!!
يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ان نتصدق ووافق ذلك عندي مالاً، فقلت: اليوم اسبق أبا بكر، إن سبقته يوماً، قال: فجئت بنصف مالي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ما أبقيت لأهلك؟» قلت نصف مالي، قال فجاء أبو بكر بماله كله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ما أبقيت لأهلك؟» قال أبقيت لهم الله ورسوله!! فقلت: لا أسابقه إلى شيء أبداً» أخرجه أبو داود والترمذي وقال: حسن صحيح.
وكان عثمان رضي الله عنه من المنفقين اموالهم في سبيل الله، فعن عبدالرحمن بن خباب قال: شهدت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يحث على جيش العسرة، فقام عثمان فقال: يا رسول الله! على مائة بعير بأحلاسها واقتابها في سبيل الله ثم حض على الجيش، فقام عثمان فقال: يا رسول الله! علي ثلاثمائة بعير بأحلاسها واقتابها في سبيل الله قال: فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينزل على المنبر وهو يقول: « ما على عثمان ما فعل بعد هذه.. ما على عثمان ما فعل بعد هذه»
ايها الاخوة :
   ان  من العجب العجاب هو ان كل المال زائل الا ما تنفقونه ابتغاء رضوان الله فما عندكم ينفد وما عند الله باق  عَنْ عَائِشَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، قَالَتْأُهْدِيَ لَنَا شَاةٌ مَشْوِيَّةٌ ، فَقَسَّمْتُهَا كُلَّهَا إِلَّا كَتِفَهَا ، فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ ، فَقَالَ : " كُلُّهَا لَكُمْ إِلَّا كَتِفَهَا، رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ فِي الْجَامِعِ بِلَفْظٍ : أَنَّهُمْ ذَبَحُوا شَاةً ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " مَا بَقِيَ مِنْهَا ؟ " قَالَتْ : مَا بَقِيَ مِنْهَا إِلَّا كَتِفُهَا ، قَالَ : " بَقِيَ كُلُّهَا غَيْرَ كَتِفِهَا " ، وَقَالَ : حَسَنٌ صَحِيحٌ ، وَمَعْنَاهُ أَنَّهُمْ تَصَدَّقُوا بِهَا إِلَّا كَتِفَهَا .. وانظر الى قوله عزل وجل كيف جعل الانفاق في سبيله ركيزة التجارة معه عز وجل و التي لا تبور(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (11
ايها الاخوة :
لنعلم ان الانفاق في الواجبات لهو عند الله احب ومن ذلك الالتزام للدعوة كي تسير امورها على اكمل وجه واحسن حال مصداقا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل : (وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ...) فان كان حال المتصدقين على تلك العظمة فحال اهل الواجب أعلى قدرا وفي كل خير وفضل ...
ايها الاخوة ممن اتاكم الله من فضله ووسع عليكم في رزقه :
 ان الله منحكم فرصة وآتاكم فضلا حري بكم أن تدركوه فتتداركون امركم وابذلوا بسخاء تدخرونه  لأنفسكم  في يوم تطفؤ فيه صدقاتكم خطاياكم كما تطفؤ الماء النار ..  عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّهُ قَالَ : أَتَى فُقَرَاءُ الْمُسْلِمِينَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، ذَهَبَ أَهْلُ الأَمْوَالِ بِالدَّرَجَاتِ الْعُلَى وَالنَّعِيمِ الْمُقِيمِ يُعْتِقُونَ وَلا نَجِدُ مَا نُعْتِقُ ، وَيَتَصَدَّقُونَ وَلا نَجِدُ مَا نَتَصَدَّقُ ، وَيُنْفِقُونَ وَلا نَجِدُ مَا نُنْفِقُ ، قَالَ : " أَلا آمُرُكُمْ بِأَمْرٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ أَدْرَكْتُمْ بِهِ مَنْ قَبْلَكُمْ ، وَفُقْتُمْ بِهِ مَنْ بَعْدَكُمْ ؟ " قَالُوا : بَلَى ، قَالَ : " تُسَبِّحُونَ اللَّهَ ، وَتَحْمَدُونَهُ ، وَتُكَبِّرُونَهُ ، عَلَى إِثْرِ كُلِّ صَلاةٍ ثَلاثًا وَثَلاثِينَ " ، فَلَمَّا صَنَعُوا ذَلِكَ سَمِعَ الأَغْنِيَاءُ بِذَلِكَ ، فَقَالُوا مِثْلَ مَا قَالُوا ، فَذَهَبَ الْفُقَرَاءُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرُوهُ أَنَّهُمْ قَالُوا مِثْلَ مَا قُلْنَا , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ " .
أيها الاخوة ممن يبذلون للدعوة رغم عسرهم :
 اعلموا انه رب درهم سبق مئة الف درهم فلا تبتئسوا واعلموا ان الصفقة مع الله الكريم شرف وكرامة وربح  وتجارة لن تبور  : ففي الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال  :" سبق درهم مائة ألف درهم قيل: وكيف ذلك يا رسول الله؟ فقال:"رجل له درهمان أي لا يملك غيرهما فتصدق بأحدهما ورجل تصدق بمائة ألف من عَرْض ماله" ولقد نقل عن شيخنا المجدد العلامة تقي الدين النبهاني رحمه الله وجزاه عنا خير الجزاء ان احد الاخوة قال على مسمعه عن الانفاق العبارة المشهورة ( الجود من الموجود ) فصححه الشيخ قائلا : ( بل الجود من حر الجلود ) ليتضح المقصد من ذلك فلرب معسر يبذل للدعوة التزامها بحرارة ايمانه فلا يتذرع بقلة الموجود او كثرته بل ينفق من اعز ماله وأحبه على نفسه مصداقا لقوله عز وجل : (:( لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ )
ايها الاخوة جميعا :
يقول الله عز وجل : (وما لكم ألا تنفقوا في سبيل الله ولله ميراث السماوات والأرض لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى والله بما تعملون خبير) عن ابن عمر قال : كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم وعنده أبو بكر وعليه عباءة قد خللها في صدره بخلال فنزل جبريل فقال : يا نبي الله ! ما لي أرى أبا بكر عليه عباءة قد خللها في صدره بخلال ؟ فقال : قد أنفق علي ماله قبل الفتح قال : فإن الله يقول لك : اقرأ على أبي بكر السلام وقل له : أراض أنت في فقرك هذا أم ساخط ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا أبا بكر ، إن الله عز وجل يقرأ عليك السلام ويقول : أراض أنت في فقرك هذا أم ساخط ؟ فقال أبو بكر : أأسخط على ربي ؟ إني عن ربي لراض ! إني عن ربي لراض ! إني عن ربي لراض ! قال : فإن الله يقول لك : قد رضيت عنك كما أنت عني راض ، فبكى أبو بكر فقال جبريل عليه السلام : والذي بعثك يا محمد بالحق ، لقد تخللت حملة العرش بالعبي منذ تخلل صاحبك هذا بالعباءة ، ولهذا قدمته الصحابة على أنفسهم ، وأقروا له بالتقدم والسبق . وقال علي بن أبي طالب [ ص: 218 ] رضي الله عنه : سبق النبي صلى الله عليه وسلم ، وصلى أبو بكر وثلث عمر ، فلا أوتى برجل فضلني على أبي بكر إلا جلدته حد المفتري ثمانين جلدة ، وطرح الشهادة . فنال المتقدمون من المشقة أكثر مما نال من بعدهم ، وكانت بصائرهم أيضا أنفذ .) انتهى.  واننا ايها الرجال بين يدى هذه الفرصة  مرة ثانية تتكرر علينا في هذا الزمان فاغتنموا وبادروا وتنافسوا في بذل انفسكم واموالكم واوقاتكم قبل اقامة الدولة  حتى تفوزوا بقوله عز وجل : (أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى والله بما تعملون خبير ( 10 ) الحديد.
ايها الاخوة :
اننا في زمان الحاجة فيه للمال لتسيير امور الدعوة أشد مما كان عليه من سبقنا في تحمل مسؤولية الاسلام العظيم واننا وأيم الله على مهمة عظيمة ، نحمل أمانة الدين بغية إعزازه في دولة الخلافة الراشدة الثانية على مهاج النبوة والتي اظل زمانها وحان حينها وتكاد تبدأ أيامها قريبا ان شاء الله ... ومن غيرنا قد انفرد بما نسابق فيه  من خير عظيم ذي اثر عميم ..؟؟  اننا نعيش في ظل توحش الرسمالية وغلاء المعيشة وضيق الحال ونخص بالذكر دعوتنا التي اخذت عهدا على نفسها ان لا تقبل مالا من احد حتى تحافظ على صفائها ونقائها  ونحن اهل هذه الدعوة ورجالها فمن لها بعد الله الا ما نبذله من اموالنا ؟؟؟ !! فان قصرت باعنا قصرت بها اعمالنا وان بذلنا لها وتنافسنا في ذلك قويت شوكتا وتجاوزت دعوتنا صعابها وازماتها حتى تصل مبتغاها بعون الله واننا اليوم بأشد الحاجة لان نضاعف بذلنا ما استطعنا فمن زاد الربع زاد خيرا ومن زاد الثلث كان أفضل ومن ضاعف كان أعظم والله يضاعف لمن يشاء فلنري الله من بذلنا وعطائنا فالصفقة مع الله لعله يطلع علينا في احسن حال يرضيه عنا وفي أسرع اقبال عليه فيقبل علينا وينزل علينا نصرا طال انتظارنا له فنعقد البيعة ونرفع اللواء والراية .
(( وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (5) وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (6) الروم.

فاللهم خذ منا من أنفسنا وأموالنا ما يرضيك عنا وتقبل صفقتنا وقربنا منك وامنحنا  نصرك وعزتك في الحياة الدنيا قريبا ويوم يقوم الاشهاد . اللهم انصر دعوتنا واقم الخلافة بأيدينا وأقر اعيننا ببيعة أميرنا عن قريب انك أكرم مسؤول اللهم آمين آمين والحمد لله رب العالمين .

24 جمادى الأول -  1436 هـ الموافق 15/3/2015م