السبت، 24 ديسمبر 2016

حمل الدعوة فرض في كل الظروف لا بما توافقه الظروف..

بسم الله الرحمن الرحيم
حمل الدعوة فرض في كل الظروف وليس بما توافقه الظروف
       اننا واذ نحمد الله عز وجل أن كرمنا وشرفنا و كلفنا بحمل الدعوة , نكبر هذا فهو عند الله عظيم :
(وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33) فصلت
فحمل الدعوة عظيم  في المقام والاجر, الا انه عظيم في الجهد والبذل والمشقة وله أهليته وأهله – جعلنا الله جميعا أهلا لها وفينا أهليتها ما حيينا واجله اللهم الوارث منا- , ومن قبل هذا ومن بعده فان الدعوة عظيمة بمعية الله وتوفيقه لمن اصطفاهم لحمل دينه وتبليغ دعوته وتحت أي ظرف . ولذلك فان المسابقة في الخيرات في المنشط والمكره والعسر واليسر هي ثابت من ثوابت حمل الدعوة مهما تقلبت على حاملها الاجواء وذلك هو الفضل الكبير, يقول جل من قائل :
 ( ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ذلك هو الفضل الكبير ( 32 ) ) : قال أبو الدرداء : ..... سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرأ هذه الآية : " ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات " فقال : " أما السابق بالخيرات فيدخل الجنة بغير حساب ، وأما المقتصد فيحاسب حسابا يسيرا ، وأما الظالم لنفسه فيحبس في المقام حتى يدخله الهم ، ثم يدخل الجنة " ، ثم قرأ هذه الآية : " وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور " . وانه لاريب أن مقتضى الحال في حامل الدعوة ان يكون سابق بالخيرات فلا يؤدي الامانة باقتصاد وهو بعيد كل البعد عن ان يكون ظالم لنفسه وهو يسعى لإيجاد العدل والخير في امته وفي كل الانام. وانها والله لفرصة عظيمة وفضل وأي فضل أن يدخل المرء الجنة بغير حساب لان من نوقش الحساب فقد عذب . وكل هذا بحاجة منا الى الجهد كل الجهد ومن الوقت أعز الوقت لا فضلته ومن المال مما نحب فالله عز وجل يقول : ( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ) ال عمران .
   وهذا الحال الذي يجب ان يكون عليه حامل الدعوة ما يستوجب ان تكون الاستعدادات العقلية والنفسية قد رسخ فيها حب الله ورسوله والسبق في سبيل ذلك وتقديم ذلك على كل غال ونفيس فيما سواهما واستحضار تقديم الدار الاخرة على ما بين ايدينا من متاع زائل ودوام استحضار خشية الله وتقواه في السر والعلن وتعويد النفس على تقحم الصعاب والمكاره طمعا في جنب الله وابتغاء رضوانه ونجاح دعوته وبلوغا أعالي القمم .
( الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحدا إلا الله وكفى بالله حسيبا ( 39 ) )الاحزاب .
   وقد حذرنا الله عز وجل من نفوسنا الامارة بالسوء مصداقا لقوله ( إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي ۚ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ ) يوسف. فهي تميل للراحة والدعة وتؤثر السلامة وتنفر من النشاط والتعب وسريعا ما تمل وسوسة من الشيطان فيوهم النفس بطول موعد الحلقة مهما قصر, وبعد السفر في اداء مهمات الدعوة وانشطتها مهما قصرت المسافة وهي أي النفس امارة بالسوء بتخيل المعاذير واختلاقها هروبا إلى اقل التكاليف فمن متذرع بكذا او متذرع بكذا .. ونترك الامثلة لنفس كل واحد منا ليحاسبها وينظر في احوالها . يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه : (حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوها قبل أن توزنوا، فإن أهون عليكم في الحساب غداً أن تحاسبوا أنفسكم اليوم ، وتزينوا للعرض الأكبر، ( يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية ).وليكن كل البذل والجهد والاقبال على الله عز وجل وحمل دعوته رجاء رحمته ووجلا من حسابه وعذابه وقد مدح الله تعالى أهل طاعته بقوله:  (إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون، والذين هم بآيات ربهم يؤمنون، والذين هم بربهم لا يشركون، والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون، أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون)..عن عائشة رضي الله عنها قالت : (سألت رسول الله صلى الله عليه و سلم عن هذه الآية فقلت: أهم الذين يشربون الخمر ويزنون ويسرقون؟ فقال: "لا يا ابنة الصديق، ولكنهم الذين يصومون ويصلون، ويتصدقون، ويخافون ألا يتقبل منهم، أولئك يسارعون في الخيرات ) الترمذي وابن ماجه واحمد.
       ان الحاجة الماسة للمسارعة وترك المعاذير والحذر من الهوى ومن النفس الامارة بالتقصير والتواني واخذ اقل التكاليف وايسرها لهي حاجة تتطلبها تبعات حمل الدعوة فتقوى وتحقق انجازاتها على كافة الصعد بهمة عالية وبنشاط دائم وهي حاجة لنا لأنفسنا ايضا تكون نورا امامنا بين يدي الله رب العالمين . ان الدعوة وتبعاتها تحتاج منا كل جهد وبذل وكل نفس وحركة وسكنة وتحتاج منا تقديم امور الدعوة على العادات والتقاليد وان تكون وفوق المعاذير الحقيقية والمختلقة وعلى نحو يكون فيه مقام الدعوة في مركز التنبه ولها كل الاعتبار حتى تنال القبول الحسن من الله عز وجل فتبلغ الدعوة بذلك غاياتها.
   ان نفسية الشاب حامل الدعوة قد نشأت على العزيمة وعلى الاولويات وتقديم حب الله ورسوله على ما سواهما وحامل الدعوة يجعلها في مقدمة اولويته كفرض عظيم وتكليف من رب العالمين تدور حوله المصالح وتترتب على اساسه المناسبات والاولويات . فالأصل هكذا وهو ان حامل الدعوة يعطيها حقها بحقها مهما تغيرت وتبدلت احواله في حله وأسفاره وفي شبابه وهرمه وفي عزوبيته وبعد زواجه وفي مدرسته وجامعته وعمله في حريته وفي سجنه وفي سعته وضيقه وأثرة عليه . أليست الدعوة هي حاجة الدين والدنيا و حاجة لنا نبرئ بها ذمتنا عند الله عز وجل كي نخرج من بحر الآثام العميق الذي يعيشه الناس بسبب خلو اعناقهم من بيعة خليفة فيما يربو عن التسعة عقود ؟ !!!! السنا في حالة شغل دائم لنعيد الحياة الاسلامية من جديد ؟
  ان مرتبة حمل الدعوة وهي اصطفاء من الله عز وجل لها اعتبار فوق كل اعتبار فحمل الدعوة بكل مستلزماته من دراسة وتثقيف وزاد وكل تكاليف من نشر ومحاسبة وامر بمعروف ونهي عن المنكر واتصال حي وبناء راي عام وتجميع القوى المعنوية والمادية كل ذلك يكون تحت كل ظرف وفوق كل اعتبار ما دام الامر ضمن الطاقة البشرية لا العرفية والوجاهية فلا يمنعن حامل الدعوة من الحق خجل او وجل ولا اعراف او تقاليد ولا يكون في مرتبة حامل الدعوة من ينفق الاموال والساعات الطوال وكثرة الاسفار لدنيا يصيبها او لمتاع من الدنيا زائل , وليس من شيمة حامل الدعوة ان كان الامر متعلقا في حمل الدعوة فسرعان ما تقصر باعه وتضيق اوقاته وتضعف حيلته فيزهد في الباقيات الصالحات فهي خير مردا وخير ثوابا وخير أملا  (وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى ۗ وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَرَدًّا) مريم (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا) الكهف ... وان مما يؤلم القلب أن الحقيقة تكشف أن حال من جعل الدنيا في قلبه ومجمع علمه وما جرت عليه الاعراف وكثرت به الاعذار والمبررات فتأخذ من حامل الدعوة بالغ اهتماماته فيخاطر ببقائه في حالة الاصطفاء الى حالة الاصطفاف وهذه والعياذ بالله فتنة واي فتنة ومنزلق من الشيطان الرجيم القاعد بكل صراط  ﴿قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (16) ثُمَّ لَآَتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ (17)﴾الاعراف . فهل نعي على هذا التهديد العريض؟؟

     انه ينبغي لنا أن نصد تهديد الشيطان بنور هدانا الله به واليه الله عز وجل حيث قال : (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَىٰ رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ (60) أُولَٰئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ (61)المؤمنون ويقول (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا ۖ وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ (90) الانبياء ويقول : (( أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون ( 61 ) المؤمنون
    فالخفة والنشاط والمسارعة والهمم العالية والقوة في كل الظروف وفوقها هي سجايا حملة الدعوة وهي ديدن أصحابها وهي لازم لا تؤدى على خير وجه الا بها. وفي هذا المقام نذكر حديث عبادة بن الصامت وكيف بايع الصحابة رسول الله على السمع والطاعة في كل الظروف وفوقها عَنْ جُنَادَةَ بْنِ أَبِي أُمَيَّة ، قَالَ : دَخَلْنَا عَلَى عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وَهُوَ مَرِيضٌ ، فَقُلْنَا حَدِّثْنَا : أَصْلَحَكَ اللَّهُ بِحَدِيثٍ يَنْفَعُ اللَّهُ بِهِ ، سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : دَعَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَبَايَعْنَاهُ ، فَكَانَ فِيمَا أَخَذَ عَلَيْنَا ، " أَنْ بَايَعَنَا عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي مَنْشَطِنَا وَمَكْرَهِنَا ، وَعُسْرِنَا وَيُسْرِنَا ، وَأَثَرَةٍ عَلَيْنَا ..) فيا ايها الاخوة يا حملة الدعوة :  لنأخذ على انفسنا ما اخذه سادتنا من الصحابة على انفسهم بين يدي سيد الخلق فهذا شرط أهلية وشرط للجزاء, فحمل الدعوة وطاعة الله فوق كل ظرف في العسر واليسر والمنشط والمكره لان الحقيقة ان المهمات الجسام لا تؤدى على نفسيات تتكؤ على المعاذير ولا تخضع للظروف وعندما يداخلها ذالك فهو نذير لدخول النقص والتقصير فمن كثرت اعذاره كثر تقصيره فتكثر سقطاته وهو في اقرب نقطة على الحمى بل الهمة الهمة والقوة القوة  فعلى هذا الامر الجامع تلتقي نفسية الاولين ممن حملوا هم الدين معنا نحن الاخرين ونحن نحمل همه مرة ثانية لنعيد الخلافة كما بشر بها نبينا صلى الله عليه وسلم (ثم تكون خلافة راشدة على منهاج النبوة ). وان علاج ذلك هو ان طلب من الشاب اتصال بواحد فليسارع للثان وثالث وان يبحث عن اكثر من الدراسة في حلقة وان يوزع اكثر من كميته وان يسابق في كل مقام تقتضيه من التبعية في حمل الدعوة . بهذا الحال نري الله عز وجل الناصر من انفسنا خيرا فيرضى عنا وهو يرى منا كل مسارعة في جنبه ورضاه  عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل، قال: ((إذا تقرب العبد إلي شبراً تقربت إليه ذراعاً، وإذا تقرب إلي ذراعاً تقربت منه باعاً، وإذا أتاني يمشي أتيته هرولة)) رواه البخاري. ۞ وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133)ال عمران ((سَابِقُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ۚ ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ)) الحديد واننا كم يطيب لنا ان ذكر ونكون على نفسية ذاك الصحابي الجليل عمير بن الحمام حيث شهد عمير غزوة بدر وفي بداية المعركة وقف الرسول (خطيبا في الناس يحثهم على الجهاد، ويحرضهم عليه وعلى بذل النفس في سبيل الله فقال: لا يتقدمن أحد منكم إلى شيء حتى أكون أنا دونه). فلما اقترب المشركون قال قوموا إلى جنة عرضها السموات والأرض، فقال عمير يا رسول الله جنة عرضها السموات والأرض فقال الرسول نعم فقال عمير: بخٍ بخ، فقال الرسول ما يحملك على قولك بخٍ بخٍ فقال عمير لا والله يا رسول الله إلا رجاء أن أكون من أهلها، فقال له الرسول فإنك من أهلها، فأخرج عمير من جعبة سهامه بعض التمرات، وأخذ يأكل ثم قال لنفسه لئن أنا حييت حتى آكل تمراتي هذه، إنها لحياة طويلة، فقام ورمى ما كان معه من التمر، ثم قاتلهم حتى قتل. فلنسارع في التكاليف مهما ثقلت على النفوس ومها كبر حجمها وزاد تعبها ومشقتها فما هي الا ظروف قصيرة جدا نقضيها لقاء ما عند الله من أجر عظيم وجنة عرضا السماوات والارض .ونكون ممن وعدهم الله عزو جل قائلا :
((وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ۚ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ )) (72)التوبة

اللهم استعملنا ولا تستبدلنا ودبر لنا وارحم ضعفنا وقوي عزائمنا واجعل هممنا عالية واجعل كل همنا ما يرضيك عنا وأجعنا اهلا لتحقيق وعدك بالاستخلاف والتمكين واجعل اللهم ذلك قريبا قريبا والحمد لله رب العالمين.