الاثنين، 10 أغسطس 2009

ضرورة تتبع الاعمال حتى تخقق غاياتها

                                بسم الله الرحمن الرحيم
"تتبع الأعمال حتى تحقق ثمارها بالملاحقة و التقويم و المراجعات من أهم الأخذ بالأسباب لا يحققه إلا جاد مجد ".




"إن بلوغ الغاية بإقامة الخلافة يتوقف على تحقيق الأخذ بكل أسبابها و من أهمها تتبع الثمار أولا بأول للأعمال الجزئية بالمتابعات و المراجعات و تقويم الأداء ".
يقول الله عز وجل :"أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا و إنكم إلينا لا ترجعون ".لقد نطقت الحقيقة و لا زالت بأن خلق الحياة و الإنسان إنما كان جَدّا لا هزلا و لا لعبا فكانت الجدية صنو الرقي و الكمال و الهزل و اللعب آية للنقص ، و كانت العشوائية وعدم النظر مليّا و انعدام التقويم للأداء و الإعراض عن المراجعات في أي عمل ترجى منه ثمرة هو آية للهزل و العبث فكان خروجا عن جادة الحق و الصواب و تركا للجدية بما تقتضيه ضرورة الوصول و بلوغ الأهداف و جني الثمار .



هذا على الإجمال و أما تفصيلا فإنه لابد من إدراك ما قد غاب عن أذهان الكثير مما أوقعهم في شراك العبث و الهزل ما أخرجهم عن البديهة الصحيحة و الهبوط إلى دركات النقض يستبدلونها بأعلى درجات الرقي و الكمال الانساني ما أدى إلى قصر النظر ،..... والتقصير في المتابعة للأعمال حتى تصل الى ثمارها وتحقق غاياتها وما يقتضي ذلك من تقويمات ومراجعات ، واضاف على ذلك إقتصار الامر على الاعمال المادية اليومية ، و أما الأعمال الأخرى أو كثير من الأعمال الأخرى المتعلقة بالغايات الكبرى و القضايا المصيرية المتعلقة بالجماعة ففيها الخلل و التقصير و هذه آية النقص من جهة العبث و الغش للنفس و الناس بقصد أو بدون قصد .و هذا زهد في اقتعاد ذرى المجد و في طلب رضوان الله و استهتار بعذابه و تفصيل ذلك يكون بما يلي :
1.لقد أجمع البشر نظرا و سلوكا على أن العامل إذا أراد أن يحقق الأجر لابد له أن يلتزم بتفصيلات العمل الذي أنيط به من قبل رب العمل فلا يقبل منه فقط بذل الجهد كيفما أتفق و تفريغ نفسه أو تضييع وقته مدعيا وضع نفسه وتصرفه لصاحب رب العمل لذلك فإنه يحاسب على العمل بتفصيلاته و بحسب ما رسم له و كذلك هو يثبت و يدافع و يطالب بناء على ذلك ما يدل على الإجماع على التقويم للتفصيلات و الإقرار في المراجعات و فحص مصداقية الأداء و هذا مدرك محسوس لا يختلف عليه عاقلان . وقد وصلت المغالاة في الماديات أن حاسب أرباب العمل عمالهم على الإطالة في الصلاة المكتوبة ما ينقص وقت العمل ، وبالمقابل لا يكون من العامل إلا الانتباه الى ما لفت نظره اليه ، وفي ذلك دلالة واضحة على الدقة المتناهية في المتابعة والتقويم والمراجعة ولكن في الأمور الفردية والمصالح الشخصية .
2.إن اقتصار ذلك على المصالح الفردية دون الجماعة هو من قصر النظر لأن الفرد هو جزء من الجماعة و عنصر من عناصر المجتمع و قوة الجماعة وصلابة المجتمع و نهضته و رقيه هي قوة للفرد و مصلحة ضرورية و حيوية له على الدوام . فلو خيّر المرء أن يعيش في مجتمع راق وافر يأتيه الخير رغدا من كل جانب أو مجتمع متخلف لا يدري من أي أصناف العذاب والامراض والضنك يذوق فإنه قطعا سيختار الأعلى على الأدنى بل و يفر له قطعا فرارا يفر فيه من المجتمع المتخلف فراره من السم الزعاف على الرغم من ذلك فإن بلوغ هذا لا يكون إلا ضمن أعمال جزئية و طاقات قوية منتظمة و مدروسة لابد لها من أن تقيّم باستمرار و أن تحاط بمراجعات و محاسبات حتى تتصل ببعضها لتتظافر و تحقق الوصول لهذه الغاية . وما هروب الأفراد من المجتمعات التي تعاني الفقر والبطالة والتخلف نحو الدول الأكثر أموالا وازدهارا إلا دلالة واضحة على حاجة الفرد لعيش كريم في الجماعة والمجتمع ولو كانت منقوصة مثل اوروبا أو أمريكا وكندا أو استراليا. فكيف بدولة تكون فيها الطمأنينة والكفاية، مجنمعة كدولة الخلافة المنشودة !.
3.إن من البداهة عند المساومة بين منفعتين كبيرة و الأخرى صغيرة اختيار الكبيرة و الكثيرة على الصغيرة القليلة و إن هذا مدرك و محقق في الماديات الآنية و مدرك و غير محقق لدى الكثيرين ما بين نعيم الآخرة الدائم و نعيم الدنيا القليل الزائل و الذي وصل حد التناقض ما أوقعهم في الخروج عن البداهة والى الشذوذ دفعة واحدة .و كيف إذا كانت الحقيقة تنطق بأن العيش في مجتمع راق نظيف و مطمئن تغمره نهضة صحيحة و سعادة و طمأنينة و الوصول إلى ذلك يتوقف على التحقق من القيام بالأعمال الجزئية الكثيرة و التي تخرج عن أنانية الفرد لتسير سيرا جماعيا تقدم فيها الآخرة على الدنيا لتأتي الدنيا ترقد راغمة تجثو لطلاب الآخرة مصداقا لقوله عز وجل :".. إِنَّ الأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ " (128) / الاعراف و قوله : " تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ " (83) / القصص . لتنطق بذلك الحقيقة بأن كل الخيرات و الفضل تلتقي أعمالها على أمر منتظم قد قدر و هذه دلالة قطعية على أن الجدية تقتضي الدقة و الانتظام بكل ما تقتضيه من متابعات و تقويمات و مراجعات لكافة الجزئيات و التفصيلات لأن ارتباط الإنسان بالجماعة هو ضمن منظومة خاصة تجمع من خلالها خيري الدنيا و الآخر و سعادة الدنيا والآخرة . ولن يتحقق العيش الكريم والطمأنينة إلا إذا طلبت الآخرة وكانت هي ثمرة الأعمال في الدنيا وهذا غاية في التنسيق والتنظيم في ارتباط السعادة بكل الأعمال الجزئية والقيام بها على وجهها وما تقتضيه من ملاحقة وتقويم وإصرار .
4.إن المسؤولية الملقاة على عاتق من توصل إلى هذه الحقائق توجب عليه أن يبذل كل البذل و أن يأخذ بجميع الأسباب الموجبة و المؤدية إلى أن تنتظم حياة الفرد و المجتمع انتظاما يوصل إلى خير الدنيا و الآخرة و تحقق الطمأنينية و السعادة للبشر و كما قيل فإن واجب الجاهل على العالم هو أمانة في رقبته تقول له ضيعك الله إن ضيعتني وفي المحصلة يكون خائن خاسر .و عليه فإن النظرة الواعية المستنيرة ترى أن حقيقة الحال في الدنيا و المآل في الآخرة مرتبطة في كل دقائقيها و تفصيلاتها في منظومة يجسد تحقيقها نظام الإسلام عند التطبيق و على من يسيرون عليه معتقدين بأن رضوان الله عز وجل و بلوغ ذري المجد و السعادة في الدنيا و الآخرة لا يتحقق إلا بالأخذ بنظام الإسلام و السعي بكل أسباب ذلك سعيا جادا بعيدا عن العشوائية و الهزل . وأخذا بكل ما يقتضي ذلك من تحديد للفكرة والطريقة وربطا صحيحا بينهما ، وإعداد للرجال على نحو يهتمون به في الجزئيات اهتمامهم بالكليات ، ومراعاتهم و ملاحقاتهم وتقويمهم لأعمالهم على نحو يرون فيها أنها هي أهم لبنة في الصرح وبها وحدها يشاد البناء .
5.يقتضي بلوغ هذه الغايات العظيمة في قدرها و قيمتها و التي تبذل النفس لها رخيصة التحقق من قضية في غاية الأهمية و هي تعتبر بمثابة الروح في تحقيق الثمار للأعمال الجزئية و التي يترتب عليها تحقيق الكليات و بلوغ الغايات اعتمادا حتميا ، وهذه القضية هي دوام إدراك اتصال الأعمال الجزئية بثمارها الجزئية و غاياتها الكلية ، و هذا يظهر في أعمال حمل الدعوة و القيام بالأعمال اليومية و المهمات الدائمة و لا بد لحاملها من أن من يظل يقظا باستمرار ليكون العمل محققا لكونه جزء من كل و سبب يرتبط بمسبب فالاتصال بالناس مثلا لا بد أن يراعى فيه أنه لكسب الدماء للتكتل أم لبناء الرأي العام و بناء القاعدة الشعبية فيراعي المتصل في حديثه الدقة ويراعي في الحديث التقويم و دراسة الجرعات و فحص الأداء و تقدير مدى استجابة السامع أو تأثر الرأي العام أو نضج المتصل به أو عدم ذلك للاستمرار أو الانعطاف لعمل آخر أما أن يظل الحديث كيفما اتفق فصحيح أنه حق و خير إلا أنه إذا لم يكن مدروسا و مرتبطا بتحقيق الثمار فإنه يكون خبط عشواء فينقلب رأسا على عقب ويكون حامل الدعوة فارسا في مضيعة الوقت ؛ لأنه هدر جهدا لا بد للضرورة من استثماره لأننا لسنا في سعة من الجهود و الوقت بل نحن بحاجة إلى كل رمق و حرف و حنجرة و كل وقت لأننا في زمن قضاء الفائت وفقدان الغائب والبحث عن من ضاع وأضاع بضياعة ملايين البشر وبلادا كانت زاخرة بالخير والنهضة والسؤدد . فترى قطاعا لا باس به من الشباب يمضون الأيام و الشهور بل و منهم من وصل سنة وهو يتصل بأناس غايته كسبهم لجسم التكتل أو أن هناك من يجلس مجالس عامة يتحدث فيها حديثا لا يتحقق من تاثيره من عدمه والمهم انه قد تحدث أو اتصل ظنا منه انه قد تحدث أو اتصل فلا يراعي خفة ظله أو طيب حديثه أو تقدير مقامه أو اختيار ألفاظه أو عرض حججه أو تفاعله أو رفض الناس أو قبولهم له. وهكذا يحصل في تقديري في كثير من الأعمال و التي سنسال عنها يوم يشق على المسؤول السؤال وهي من قبيل الإشراف على الحلقات أو من يدرسون في الحلقات فمن أول يوم يدرك الدارس أنه إنما يدرس كي يبني شخصيته على حمل الدعوة و هكذا المشرف فانه يُدرّس على أساس هذه الثمرة و إذا بالدارس يقضي السنين الطوال يكتفي بالدراسة دون أن يرجو ثمرة فلماذا هذا الزهد و التقصير فهل يقبل الواحد منا إن يعمل شهرا في الدنيا من غير أن يتقاضى الأجر فانه والله يغضب غضبا يسمع فيه القاصي والداني ولو طبقة على عمله في حقل الدعوة لما قبل من نفسه أن يكون بأقل من ثورة جامحة تشعل الأعمال همة ونشاطا ومراجعة وتقيما حتى تحقق الثمار والأهداف ولنسأل أنفسنا سؤالا هل حددنا أسقف الوعي والاستعدادات في أنفسنا كدارسين أو من ندرسهم كمشرفين وهل راعينا اخذ كل أسباب النجاح لنصبح حمله دعوة أو نجعل من الدارسين ، كمشرفين حملة دعوة صالحين يعيدون سيرة مصعب بن عمير و أبو بكر و علي و سيرة تقي الدين و عبد القديم و الدّاعور . . . أو من هم فمن هم على طريقهم و منهجهم في أخذ أسباب حمل الدعوة بكل دقائقها . إن تحديد أسقف الوعي في الدارسين ومراعاة السمو في نفسياتهم بالملاحقة والتقويم يقتضي عدم الاكتفاء بالحلقة الاسبوعية ورعاية الدارس بالاعمال خارجها وايجاد سجية العيش بالدعوة باستمداد الحياة بأجوائها علما وعملا ، وهذا يقتضي الاهتمام بالناحيتين : الأولى داخل الحلقة بالتحضير المسبق وإعطاء العقل والقلب للحلقة وربط كل مادة من الثقافة ببناء العقلية والنفسية في آن واحد لإيجاد الشخصية الإسلامية التي تعيش بالاسلام وللإسلام . وهذا يقتضي أخذ المعنى العام في الشرح في البيان المؤدي لهذه الغاية ، وعدم تضييع الوقت في الخروج عن هذا السياق والناحية الثانية هي بناء الشاب على الروح الجماعية والأعمال اليومية في حمل الدعوة بكافة أشكالها .
و أمر آخر فان الوضع الطبيعي في البشر أنهم يطمحوا نحو الأحسن ويتجهوا لتحسين أوضاعهم أو بعبارة أخرى أن يكونوا ارتقائيين أو طموحين و هذا أظهر ما يظهر في الماديات فيظل العامل أو الموظف أو التاجر أو المزارع يبحث باستمرار في الظروف و الأحوال يقلبها و يقيمها و يراجعها ليحسن وضعه على نحو يتناقض مع الخمول و البلادة و كثير ما يوصف فلان بالخمول و البلادة و قلة الحيلة وانعدام الإدارة و ضعف الجرأة و الإرادة إذا ما قصر في هذا المجال دنيويا فلماذا لا تذكى هذه العادة في كل واحد على نفسه و لماذا لا يحاسب الأخ أخيه في وضعه و تعاطيه في حقل الدعوة فإلى متى سيظل الواحد يقبل على نفسه ترك الارتقائية أو البذل و الاستعداد مهما أوتي من قوة و بغض النظر عن القصور الفطري – فهذا يؤخذ بعين الاعتبار – فحامل الدعوة لا بد أن يكون سياسيا بارعا يتصف بالمسؤولية و البحث في كل ثنايا الخير في الناس و المجتمع و تنبهه على ما يحيط بالناس من مؤامرات على كافة الأصعد .
6. بقيت مسألة لا بد من تسليط الضوء عليها لمعالجتها جذريا ألا وهي بناء العقلية على الخلط بين ما يحصله المرء من أجر و ثواب في الآخرة و بين ما يجب أن يراعيه من ثمار عاجله وما يقتضيه من متابعة وتقويمات جادة للوصول وهذا ما يقتضيه ثواب الآخرة ، فالصلاة و الصيام و الحج و الدعاء وكل العبادات يرجو المؤمن من القيام بها الثواب من الله و هو ثمرتها بينما هناك أعمال و عبادات إضافة للثواب فإن المؤمن يطلب من و رائها ثمارا مادية يجب أن يسعى لها ويرقبها و أن يبحث عن كل ما يكون له حساب بتحصيلها من مثل الجهاد و الاتصال بالناس و إعطاء الحلقة و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و توزيع النشرة و الحديث الجماهيري و هكذا . فللجهاد لابد أن ترسم الخطط و الأساليب على نحو يحقق الغلبة وكسر الحواجز المادية أمام الدعوة أو قهر العدو أو إرهاب مَن خلفه وهذه الخطط و الأساليب يقتضيها تحقيق الثواب فالتقصير بها جد خطير وقد يمنع الثواب لأنه ترك للقيام بالواجب على أكمل مطلوب و كذلك الاتصال بقصد الكسب ،فإما أن يدخله العبث من عدم الاعتراف في أخذ الأسباب و الخطط الموجبة على نحو يحقق الغرض منه على أكمل وجهه فمثلا قضاء الوقت الطويل بحجة تحقيق الثواب و رفع العتاب هو تفريط في سد ثغره و إهمال لرعاية تحقيق الثمرة و الحرص على ذلك بالأخذ بالأسباب و المراجعات و التقويمات و هكذا أخذ الحلقة أو إعطاؤها فالروتين بمجرد إعطاء المادة ليس هو المطلوب ولم يحدد تحديدا مثل الصلاة في الحركات والسكنات و الأقوال بل هو شرح و بناء لابد أن يراقب فيه رفع الأسقف و بناء العقلية و النفسية القادرة على حمل الدعوة و القيام بمهمة التغير و هذا يقتضي من المشرف أن يراعي في الشرح في كل فكرة علاقتها ببناء العقلية المفكرة و النفسية بناءً ارتقائياً وربط المواضيع بحمل الدعوة و مدى اتصالها وارتباطها و علاقتها في حمل الدعوة و بناء المجتمع الإسلامي و إقامة الدولة فكل فكرة وفقرة في ثقافتنا لها مساس في بناء العقلية والنفسية ابتداءا من طريق الايمان وصولا الى حرمة اقتناء التماثيل وبعدها فلا بد للمشرف أن يرقب ذلك ، وهذا يندرج على ملاحقة كل عمل أو قول له مساس بالدعوة وحملها ، و بغير هذا فلا يعد الأمر قياما بالواجب و لو قضى الوقت الطويل و النقاش العريض ما يهدد بحرمان الأجر و الثواب و كذلك الأمر في توزيع النشرة فلا بد أن يلاحق بالتفاعل مع الناس لتقدير مدى التأثير في رفع درجة الوعي و بناء الرأي العام من خلال الاضطلاع على رد الفعل و هكذا في الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر فالأمر ليس مجرد كلام غير محسوب وثورة عن مشاعر غير محسوبة أو ردة فعل عابرة بل القضية هي فكرة لابد أن تتجذر و تنبت و تورق و تثمر و لا يكون ذلك إلا بالمتابعة و الرقابة و التقويم و المراجعات و هكذا كل عمل لا يقتصر على الثواب في الآخرة فقط بل لا يتحقق الثواب إلا إذا كان هناك قياما بالعمل على نحو يحقق فيه مراد الشاع منه وهو بحقه الغلبة و فتح الحصن و إرهاب العدو و كسب الناس و التأثير على الرأي العام و بناء الشخصية الإسلامية و صناعة رجال الدولة و بناء العقلية و النفسية على المسؤولية عن الغير لا مجرد تلقي الأوامر ومطأطأة الرأس و الاقتصار على الروتين .
ان حامل الدعوة لا بد أن يكون مضطلعا بأعباء ما قد أخذ على عاتقه فلا بد له من الثراء والاثراء في إيجاد سجية المتابعة والتقويم والمراجعة والتمحيص في كل ما أنبط به من أعمال وان يظل يلاحظ تاثيره على الناس من حوله وتأثرهم بخطابه ولابد له من ديمومة التقويم إلى أي حد وصلت قدرته على التأثير والقيادة ابتداء من نفسه ومرواً بمن يتولى أمانة رعايتهم وصناعتهم ومروراً بمن حوله ومجتمعه ووصولا إًلى العالم اجمع . هذه هي سياسة الإسلام العظيم بل هكذا تتحقيق قصته في الظهور على الدين كله وهذه الأمور هي مقتضياتها والتي لن تكون إلا بها ولن نكون أهلاً لهذا التكليف أو أهلا ًلتحقيق موعود الله على ايدينا إلا به وإلا فلنترك الأمانة لمن يؤديها بحقها وحسابنا وحسابهم على الله فالأمر جد خطير وكل واحد منا بفرديته جزء من جماعة بيده طرف فليسد ثغرته ولا يفرط بطرفه فان بالتفريط مخاطرة وندامة وخسران مبين في الدنيا والآخرة وأن بالاستقامة على الطريق الوصول والفلاح والتمكين والنصر المبين ولو بعد حين .
قال تعالى : (قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) (108)/ يوسف ((فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْاْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ )) (112) / هود
والله نسأل أن يحفظنا من التفريط وأن يجعلنا أهلا للأمانة والتكليف ، وأن يحيطنا برعاية من عنده ، وأن يفتح على أيدينا إنه نعم المولى ونعم النصير .
2 / ربيع ثاني 1430 هجري
29-3-2009م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق