الخميس، 12 يناير 2012

الدعوة لتدويل قضايا المسلمين انتحار سياسي

الدعوة لتدويل قضايا المسلمين انتحار سياسي
إن الحالة الفريدة التي تمر بالمسلمين من كسرهم لحاجز الخوف والمهابة من حكامهم رغم شدة بأسهم بهم وإراقة دمائهم والاعتداء على كل محرماتهم وحرمات دينهم لهي حالة جديرة لا نمر عليها مرور الكرام فهي حالة حياة بعد طول سبات وسكوت على الضيم والذل والظلم, بل حياة بعد موات وشتان بين الموت والحياة .. ( أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها كذلك زين للكافرين ما كانوا يعملون ( 122 ) )
فلم يرق هذا التحول العظيم في حالة المسلمين للكافرين وعملائهم في بلاد المسلمين ولم نقصد بالعملاء هاهنا الحكام بل جمهرة من الوسط السياسي وبعض الحركات التي تقتات على عمالة الغرب وبعض المفكرين والعلماء والناشطين الحقوقين وبعض المثقفين وبعض المضبوعين المتفرنجين المرتهنين للأجنبي في عقولهم ومرتباتهم وحتى في بعض حركاتهم وسكناتهم وأشكالهم..


وقد مكروا مكر الليل كي لا ينفك ارتهان الأمة الثائرة التي تريد الانفلات من عقال الغرب الكافر وترفع ذل نيره عن رقبتها فبدؤا بالظهور كعناوين للمرحلة ودعاة تغير وإصلاح بظاهر من القول ما لبث الا يسيرا لينكشف منه العذاب والضياع بل والعودة إلى الارتماء تحت ذل النير وبأس العدو الماكر فيضيع الجهد ويحبط العمل فلا تلوي الأمة على شيء بل تعود يلفها اليأس والقنوط والموات من جديد فيعود باس ألأبناء بينهم شديد وتسلط عدوهم وعملائه من جديد.
ولو ذكرنا الدعوات للدولة المدنية العلمانية وإشاعة الديمقراطية واعتبار الدعوة للعود الحميد للإسلام والحكم به كاملا دعوة مستحيلة وتنطلي على مذهبية وعودة للعصور القديمة وغيرها من دعوات كاذبة خاطئة تمكر بالأمة لتحول دون نهضتها النهضة الصحية بالإسلام كي تعود سيرتها الأولى, و يظهر لنا جليا مكر ليل دعاتها والحيلولة دون نهضتها وسعادتها من جديد..
وان من هذا الدعوات الخطيرة هي الدعوة للحماية الدولية والدعوة لتدويل قضايا الأمة الإسلامية كشعوب تائهة هائمة تسأل الناس من يتم والحافا وتستجدي العدو من ضياع ليطعمها من جوع ويؤمنها من خوف !!!! كمن يستجير من الرمضاء بالنار او كما قال الشاعر:
كالعير في البيداءيقتلها الظما.............. والماء فوق ظهورها محمول
إننا يا أيها الدعاة للتسول والوصاية الدولية امة زاخرة بكل الخيرات والطاقات خيرات فوق الأرض وفي باطنها وفي موقعها في القلب من العالم وطاقات فكرية تتجسد بمبدأ الإسلام عقيدة وأنظمة تعالج جميع شؤون الحياة ورسالة للبشرية جمعاء فهي خير غير قاصر بل يتعدى نفعه للعالم إذا ما أحسنا تطبيقه وأداؤه وظهوره على الدين كله ..ولدينا طاقة بشرية وعسكرية وروحية ومعنوية إذا ما جمعت في كنانة واحدة فلن تجد لها نظيرا في العالم اجمع وهذا هو عين ما يخشاه المتربصين وعملاؤهم في بلاد المسلمين ممن هم من أبنائهم وبين أظهرهم...
إن الدعوات للحماية الدولية ورهن قضايانا لمجلس الأمن لهي منكر عظيم وفتنة مهلكة وضياع للقضايا وتشتيت للجهود بعد أن شارفت على الخير العميم, وهي دعوات لقطع الطريق على المخلصين الواعين أصحاب المشروع الريادي النهضوي الحقيقي
إنكم يا دعاة الفتنة المهلكة إن لم تدرسوا تاريخ هيئة الأمم وسبب إنشائها علمناكم أنها إنما قامت لضرب دولة الخلافة الإسلامية بشر مقتل لتمزيقها وتقاسمها إبان ضعفها وهذا عين ما حصل, فبيننا وبين مجلس الأمن ثأر لن يندرس مع الأيام ولن تمحوه السنون .
أليس مجلس الأمن هو الذي تآمر على فلسطين؟ أليست دول مجلس الأمن الكبرى هي المتآمرة على المسلمين منذ وعد بلفور مرورا بقرار التقسيم وتشريد لاجئي فلسطين ودعم يهود وتدمير العراق وتقسيم السودان والتآمر على الشيشان وتدمير أفغانستان وغيرها من مجموع مصائبه التي لا تنسى فكيف يكونون هم الخصم والحكم ؟!!!
أليست الدول صاحبة الكلمة والرسم في مجلس الأمن من أمريكا إلى روسيا وبريطانيا وفرنسا كلها مجتمعة أومتفرقة ,بيننا وبينها دماء وثارات فهم العدو والجلاد والقاتل الكافر فكيف يطلب منهم أن يكونوا هم القاتل و الحكم؟!!!!
إن التحاكم لمجلس الأمن وتسليمه لقضايانا انتحار سياسي وتنازل سيادي وتسليم الرقاب للسفاح و هو تحاكم للطاغوت وترك للتحاكم لكتاب الله وسنة نبيه والله عزوجل يحذر قائلا: )أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيداً( المائدة. كما وان التدويل فيه تبرير للوجود العسكري والسياسي في بلاد المسلمين وفي ذلك جعل سلطانهم هو المتحكم في البلاد والعباد وهذا منكر عظيم وجريمة كبرى تغضب الله رب العالمين حيث يقول: ( وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلا (141 سورة النساء. وان في ذلك جعل الدول الكبرى هي صاحب الوصاية على بلاد المسلمين ومقدراتهم يخططون ويرسمون في مصائر شعوبها في كافة القضايا والمجالات وفي ذلك ارتهان لمقدرات الأمة بيد الكافر المستعمر .
إن قضية حماية المظلوم محسومة في الإسلام بنصرة القادرين للمظلومين، فالواجب واضح في حق الجيش ومن يلونهم من المسلمين حتى تحصل الكفاية وإلا أثموا فالله عز وجل يوجب قائلا:وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ} [الأنفال: 72] وأما تبرير عدم استجابة الجيوش وخنوعها فهو تحريف وتضليل، فرغم ما لحق بالمسلمين من شدة وباس إلا أنهم لم يستعينوا بالمشركين كدول مصداقا لقولة صلى الله عليه وسلم ) إنا لا نستعين بالمشركين على المشركين) وفي السنن والمسند من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله قال) لا تستضيئوا بنار المشركين ولا تنقشوا على خواتيمكم عربيا . كتاب أحكام أهل الذمة، الجزء 1، ... فكيف إذا كانوا هم السبب في خراب البلاد وهم سبب بلاء الحكام وأنظمتهم ؟!! فهل نستجير من أداة الشيطان بالشيطان؟!! ومن رماد النيران بالنيران؟!! إن هذا لهو العجب العجاب والمنكر المزدوج المستقبح وهو فتنة عن الحق ومهلكة عظمى ...
اننا قلناها ونعمل بمقتضاها ونملك مشروعا لها ولتمام مهمتها وهي كلمة الفصل والحل الحاسم الوحيد وهو إعادة الاعتبار للإسلام مرة أخرى ليأخذ حظه ومكانه من سدة الحكم بنصرة تحقق بيعة شرعية, فتجتمع الكلمة على رجل واحد ومعاونين أكفاء يحكمون بالإسلام وينفذون القصاص بكل من يستحقه, وبغير هذا مضيعة الوقت وضياع الجهد وعموم البلاء واستشراء الكافر المستعمر من جديد يحكم بلادنا ومقدراتنا بوجوه جديدة وببريق أنظمة منه ومن جنس قاذوراته التي أهلكت حرثه ونسله هو، وجعلت العالم كله يئن ويصطلي بناره ...
أيها المسلمون لا ترضوا لأنفسكم مذلة الحماية من عدوكم فهو لا يواعدكم إلا شرّا ولا تقبلوا بعروض تمتهن بها كرامتكم وترتهن بها بلادكم وأموالكم وسياستكم وعيشكم بالكافر المستعمر ولا تقبلوا بمن هم سبب بلائكم فلا تقبلوا لهم إلا طردا وإبعادا وحسابا لهم عسيرا.
يقول عز وجل:
) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ (28) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ (29) وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ (30(إبراهيم
بقلم : سعيد الأسعد – فلسطين
18 صفر الخير 1433ه الموافق 12/1/2012م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق