السبت، 24 مارس 2012


 نصرة المسلمين لبعضهم بعض فريضة وأمانة تقطع الطريق أمام التدخل الدولي في شأنهم

       إن المسلمين امة واحدة بكلمة الله, تتكافأ دماؤهم وأموالهم وأعراضهم, وهم يد على من سواهم, ويسعى بذمتهم أدناهم ويجير أدناهم على أعلاهم, هكذا هو حكم الله, وقد تحقق واقعا عندما قامت أول دولة للإسلام على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت هي وصيته  عن أبي حازم قال قاعدت أبا هريرة خمس سنين فسمعته يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء كلما هلك نبي خلفه نبي وإنه لا نبي بعدي وستكون خلفاء تكثر قالوا فما تأمرنا قال فوا ببيعة الأول فالأول وأعطوهم حقهم فإن الله سائلهم عما استرعاهم و عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إنما الإمام جنة يقاتل من ورائه ويتقى به فالإمام والخلافة هي حقيقة شرعية وحقيقة تاريخية وهي حاضر الأمة القريب ومستقبلها المشرق إن شاء الله فهي معصم وحدتها وعزتها ونهضتها بها تكون الكلمة واحدة والصفوف مرصوصة والعدو مرعوب مدحور مذموم لا يلوي أمامها على شيء.  ففي وثيقة المدنية  وهي تبدأ هكذابسم الله الرحمن الرحيم، هذا كتاب محمد النبي، رسول الله بين المؤمنين، والمسلمين من قريش، وأهل يثرب، ومن تبعهم، ولحق بهم، وجاهد معهم، أنهم أمة واحدة، من دون الناس (9).  / سيرة بن هشام .       ولقد ظل المسلمون أولوا الصول والطول يدهم العليا ينصر بعضهم بعضا بكل معاني النصرة في كل الظروف ورغم الصعاب دون النظر إلى النتيجة.

     
  إننا وإذ نحمد الله عز وجلّ أننا أبناء خير امة أخرجت للناس ندرك بان مقومات الأمة وأصالتها تنبع من كونها صاحبة رسالة بها كانت وعليها توحد بالخلافة كيانها وقوتها حيث كانت مرهوبة الجانب تستجير بها فرنسا في تحرير ملكها وتدفع لها أمريكا الجزية وكذلك روسيا ... يتحطم تحد أقدام خيولها عنفوان الصليبين وتقهر التتار وتدحر نابليون وتؤدب الغائرين على الأطراف, ولا نقول: إن الأمة بمجموعها كانت تلزم في أي من هذه المهام بل إن منها ما كان يكفيه الشام لوحده أو مصر لوحدها أو الشام ومصر دون الحاجة لسائر جيوش المسلمين أن تستنفر .. ولقد شهد التاريخ أن امتنا قاتلت الدولتان الكبرى فارس والروم في جيشين في جبهتين في آن واحد ...ليس في حرب دفاع عن الأوطان والأعراض بل كنا نغير عليهم ونغزوهم في عقر دارهم نحمل لهم مشعل الهداية  برسالة امة ودولة هي السر في عجبها العجاب ...
       إننا امة لسنا عالة بل ولسنا في كفاية فحسب بل نحن امة فيها مقومات الغني والكرم والعطاء والفضل من رب العباد  وإننا ونحن نبحث في أحكام النصرة ننظر في زمان ترجلنا فيه عن صهوة جوادنا وتنازلنا فيه عن مكانتنا حتى أضحينا كأيتام على مآدب اللئام بعد أن انهارت دولتنا ومعصم قوتنا بألتامر على ضياعنا بهدمها فذهب ريحنا وقسمت بلادنا ونهبت خيراتنا,و إننا والحالة هذه ننطلق في بلورة الرأي العام حول نصرة المسلمين لبعضهم بعضا من تلك الحقائق التي ملأت الدنيا وعبرت القارات وتحدث بها الركبان حتى نستشعر بمرهف إحساسنا وننظر بمنطق إحساسنا مدى شدة الحاجة إلى أن نعود عودا حميدا نرسم للعالم سياسته وللأرض خرائطها وللتاريخ فصوله أبوابه ......

       صور النصرة ومراتبها :
     النَّصر:إِعانة المظلوم؛ نصَره على عدوّه ينصُره ونصَره ينصُره نصْراً كما في لسان العرب", وفي القاموس المحيط:  النُّصْرَةُ: حُسْنُ المَعونَةِ.والاسْتِنْصارُ: اسْتِمْدادُ النَّصْرِ"
 وأما أشكال النصرة فتكون بحسب الوضع والحاجة من جهة المستنصر- بخفض الصاد- وتكون بحسب القدرة والطاقة من جهة الناصر والمستنصر-بفتح الصاد-.,ورغم أن الوضع الطبيعي للأمة وما علية من واجب في وحدة كيانها ولاسيما قوتها المادية والمعنوية فإننا ننظر لهذا المبحث على انه ضمن ظروف وأحوال المسلمين الحالية وما تعيشه شعوب المسلمين بعد أن قسمت إلى دويلات وقوى مشتتة وجيوش متفرقة وأحيانا متناحرة بحسب أجندات عدوها . وقد استغل حكامها حالة الضعف والشتات هذه فيستعملوا قبضتهم الحديدية ضد الأمة, ومن خلال النظر في تركيبة الجيوش المعقّدة والعصيّة على الاستجابة الطبيعية لنداءات الاستغاثة على هذا النحو فان الاتصال بهم يكلف جهودا فوق عاديّة ويقتضي الحيلة الواسعة الذكيّة وتوسيع دائرة البحث والاستقصاء عن كل مجسّات الاتصال الممكنة وترتيب أولوياتها شرعا لاستنهاض الجهود ورفع الهمم ووضع علماء المسلمين على وجه الخصوص أمام واجباتهم وأماناتهم في هذا الباب كي يكون النفير للنصرة تحت طائلة المسئولية من قبل الجميع ولكي نصل إلى مراد التغيير وفق ما يرضي الله عز وجل.
 1-النصرة بالقوة المادية وهي أعلى صور النصرة :
 وتتمثل بالجيوش وإرادة تحريكها وكل من أدلى لتحريكها بسبب عائليا وعشائريا أو وجاهة أو صداقة أو أي علاقة تثمر أو تؤثر في أي مفصل هام من مفاصل القوّة  ...., والحديث عن النصرة يحضر بقوة عندما يقع المسلمون في قبضة استضعاف عدوهم لا سيما في بعض أطراف الدولة أو خارج مجالها كما حصل في اعتداء بكر حلفاء قريش على خزاعة حلف رسول الله فما كان ردّه إلا حاسما قاطعا بالنصرة المادّية لهم قال ابن إسحاق : فلما تظاهرت بنو بكر وقريش على خزاعة ، وأصابوا منهم ما أصابوا ، ونقضوا ما كان بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم من العهد والميثاق بما استحلوا من خزاعة ، وكان في عقده وعهده ، خرج عمرو بن سالم الخزاعي ثم أحد بني كعب ، حتى قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ، وكان ذلك مما هاج فتح مكة ، فوقف عليه وهو جالس في المسجد بين ظهراني الناس ، فقال:
" يا رب إني ناشد محمدا     حلف أبينا وأبيه الأتلدا
قد كنتم ولدا وكنا والدا     ثمت أسلمنا فلم ننزع يدا
فانصر هداك الله نصرا أعتدا     وادع عباد الله يأتوا مددا
فيهم رسول الله قد تجردا     إن سيم خسفا وجهه تربدا
في فيلق كالبحر يجري مزبدا     إن قريشا أخلفوك الموعدا
ونقضوا ميثاقك الموكدا     وجعلوا لي في كداء رصدا
وزعموا أن لست أدعو أحدا     وهم أذل وأقل عددا
هم بيتونا بالوتير هجدا     وقتلونا ركعا وسجدا
يقول : قتلنا وقد أسلمنا ) قال ابن إسحاق : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلمنصرت يا عمرو بن سالم . ثم عرض لرسول الله صلى الله عليه وسلم عنان من السماء ، فقال : إن هذه السحابة لتستهل بنصر بني كعب (سيرة بن هشام)
ويقول الله عز وجل: ( وان استنصروكم في الدين فعليكم النصر) . يقول القرطبي: الثانية : قوله تعالى وإن استنصروكم في الدين يريد إن دعوا هؤلاء المؤمنون الذين لم يهاجروا من أرض الحرب عونكم بنفير أو مال لاستنقاذهم فأعينوهم ، فذلك فرض عليكم فلا تخذلوهم . إلا أن يستنصروكم على قوم كفار بينكم وبينهم ميثاق فلا تنصروهم عليهم ، ولا تنقضوا العهد حتى تتم مدتهابن العربي إلا أن يكونوا أسراء مستضعفين فإن الولاية معهم قائمة والنصرة لهم واجبة ، حتى لا تبقى منا عين تطرف حتى نخرج إلى استنقاذهم إن كان عددنا يحتمل ذلك ، أو نبذل جميع أموالنا في استخراجهم حتى لا يبقى لأحد درهم . كذلك قال مالك وجميع العلماء ، فإنا لله وإنا إليه راجعون ، على ما حل بالخلق في تركهم إخوانهم في أسر العدو وبأيديهم خزائن الأموال ، وفضول الأحوال والقدرة والعدد والقوة والجلد .. الكتب » الجامع لأحكام القرآن
وصورة أخرى  هي أن يتسلط حاكم عميل مغتصب للسلطة مثل حكام المسلمين على شعوبهم يقتلونهم ويستحيون نساءهم ويذبحون أطفالهم..., وفي هذا السياق لا مجال لقادر أن يعتذر لان إراقة الدماء وانتهاك الأعراض وضياع الأموال يتوقف استمراره على نصرة القادرين على النصرة ومن لم يقم بواجبها مع القدرة فإنما يشارك عدوهم ويظاهره عليهم وذلك أشد وأنكى واظلم وأطغى .
     إن النصرة بالقوة المادية هي أبلغ صور النصرة وافعلها وأعلاها وأولاها إن وجدت, فالغاية من النصرة هي رفع البلاء والظلم والضيم وردّ العدو ردّا قاطعا يشرد بهم من خلفهم . ولقد تجلّت صورة النصرة هذه في نصرة المسلمين لبعضهم البعض ممثلة بالخليفة باعتباره نائبا عن الأمة وباعتباره القائد الأعلى للجيش فكان ناصرا للإفراد كنصرته صلى الله عليه وسلم لعرض امرأة اعتدى عليها يهودي قال ابن هشامفذكر عبد الله بن جعفر بن عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة ، عن أبي عون قال : كان من أمر بني قينقاع أن امرأة من العرب قدمت بجلب لها ، فباعته بسوق بني قينقاع وجلست إلى صائغ هناك منهم ، فجعلوا يريدونها على كشف وجهها ، فأبت ، فعمد الصائغ إلى طرف ثوبها فعقده إلى ظهرها ، فلما قامت انكشفت سوأتها ; فضحكوا بها ، فصاحت ، فوثب رجل من المسلمين على الصائغ فقتله ، وكان يهوديا ، فشدت اليهود على المسلم فقتلوه ، فاستصرخ أهل المسلم المسلمين على اليهود  فأغضب المسلمون ، فوقع الشر بينهم وبين بني قينقاع . قال ابن إسحاقفحدثني عاصم بن عمر بن قتادة قال : فحاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزلوا على حكمه ..ومن هذا القبيل نصرة المعتصم لاستغاثة امرأة في ارض العدو وفي حصن من امنع حصونهم وفي قلعة من اشد قلاع الكفر عمورية ولم يكن يرد في الحسبان الموقف الدولي حيث يتم تحريك الجيوش لمجرد الاستغاثة مهما ستكلف الدولة وخزينتها  والأمة من دمائها, فكان الرد الحاسم وشعاره الدم الدم والهدم الهدم وبأقل الكلام وأشد البأس وأسرع الفعل: (نصرت يا عمر بن سالم ) ...( الجواب ما ترى لا ما تسمع ) وأما دراسة الظروف وبعث لجان تحقيق وتحقق ومفاوضات ومساومات فهذا لم يرد لا في عهد رسول الله ولا فيمن خلفه من بعدة من خلفاء في أيام عز المسلمين وان في هذا لعبرة وبلاغ بان طرف واحد من المسلمين فردا أعزل يستغيث من وقع ظلم ولو في ابعد أصقاع الأرض فان مسئولية نصرته تقع على المسلمين فكيف بنا اليوم وفي زمن الثورات على الظالمين وقد استحر القتل واشتد الهتك للإعراض والاعتداء على الأنفس والثمرات في عقر دار المسلمين وفي القب من بلادهم كما في الشام واليمن فان هذا لهو اشد واوجب وأعظم .
2-النصرة بالمال واللوازم الإنسانية من طبابة ومأوى:
 وهذا يقع في زمن النوازل وجائح السماء . ولقد مرّ بالمسلمين نظير هذا في عام الرمادة وزمن المجاعة في عهد عمر رضي الله عنه قال الشافعي بلغني أن رجلا من العرب قال لعمر حين ترحل الأحياء عن المدينة : لقد انجلت عنك وإنك لابن حرة . أي : واسيت الناس وأنصفتهم وأحسنت إليهم . وقد روينا أن عمر عس المدينة ذات ليلة في عام الرمادة فلم يجد أحدا يضحك ، ولا يتحدث الناس في منازلهم على العادة ، ولم يجد سائلا يسأل ، فسأل عن سبب ذلك ، فقيل له : يا أمير المؤمنين ، إن السؤال سألوا فلم يعطوا فقطعوا السؤال ، والناس في هم وضيق ، فهم لا يتحدثون ولا يضحكون . فكتب عمر إلى أبي موسى بالبصرة : أن يا غوثاه لأمة محمد . وكتب إلى عمرو بن العاص بمصر : أن يا غوثاه لأمة محمدفبعث إليه كل واحد منهما بقافلة عظيمة تحمل البر وسائر الأطعمات ، ووصلت ميرة عمرو في البحر إلى جدة ومن جدة إلى مكة .
3-    النصرة بالرأي والرأي العام .ومنها التخذيل في صفوف العدو:
 وفي هذا القبيل قال ابن إسحاق  ] : وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، فيما وصف الله من الخوف والشدة ، لتظاهر عدوهم عليهم ، وإتيانهم إياهم من فوقهم ومن أسفل منهمقال  : ثم إن نعيم بن مسعود بن عامر ...... ، أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله ، إني قد أسلمت ، وإن قومي لم يعلموا بإسلامي ، فمرني بما شئت ؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلمإنما أنت فينا رجل واحد ، فخذل عنا إن استطعت ، فإن الحرب خدعة . وفي هذا المقام لا بد من الوقوف مليا على ما يصدر من مواقف وتصريحات حول نصرة المسلمين بعضهم لبعض فالواجب أن يشدوا من أزر بعضهم البعض بالإعلان عن الموقف الصريح مع المظلوم ضد الظالم ورفع الصوت عاليا بكل الأساليب والوسائل الممكنة للتعبير عن الرأي من كافة المناطق والمطالبة الجادة لرفع الظلم ما يتطلب المواقف الجادة والصادقة مع الثورات في بلاد المسلمين لإسقاط أنظمة الجور يقول صلى الله عليه وسلم - : " ما من أحد يخذل مسلما في موطن ينتقص فيه من عرضه ، وينتهك فيه من حرمته ، إلا خذله الله في موطن يحب فيه نصرته وما ، من امرئ ينصر مسلما في موطن ينتقص فيه من عرضه ، وينتهك فيه من حرمته ، إلا نصره الله في موطن يحب فيه نصرته " ولقد دل النص بشكل واضح وجوب النصرة ورغم أن القيام بالنصرة يعني تحصيلا حاصلا بانعدام نقيضها وهو الخذلان إلا أن الشرع الحكيم قد أورد النص الصريح القاطع وبتحريم الخذلان, وان من أبشع صور الخذلان هي خذلان المسلمين بالميوعة في التصريحات والمواقف من مثل : نحن لا نريد أن نتدخل بالشأن الداخلي لهم (اعترافا بالحدود التي ما انزل الله بها من سلطان) وهذا هو رضى بالتفرقة والتشرذم أو كما يتذرعون( إن بيننا وبين" قاتل إخواننا" مصالح) !!! ومما هو على غرار هذه المواقف مما يقع في دائرة الخذلان في موطن تجب فيه النصرة,ومن صور الخذلان التهمة بالمؤامرة , وان الثائرين على جلاديهم متآمرون وكأن الرئيس العميل من لدن آبائه وأجداده هو ونظامه يجثمون على صدور المسلمين يحكمونهم بالكفر والجبت والطاغوت يستبيحون دماءهم وأموالهم وأعراضهم خدمة للكافر المستعمر كل هذا ليس بمؤامرة !!!, ثم منذ متى يقال عن من يقول للظالم أنت ظالم متآمر ؟!! بل إن العكس هو الحق فان تقول الأمة للظالم انت ظالم وتخرج عليه بالقول والفعل فهو دلالة خير وعافية وحيوية وأما المتآمر فهو الذي  يتربص بهذه الجهود والثورات المباركة والتي قامت تقول صراحة لا دلالة ( الشعب يريد إسقاط النظام) فسقفها التغير والمتآمر هو من يقف على الحياد أو من هو يحرفها عن جادة الصواب عن وعي وتربص أو عن جهالة ,!!!! وان مما يندى له الجبين أن هذا الصف والصنف من الناس منهم من هو محسوب على الحركات الإسلامية المسماة (معتدلة) ومنهم علماء للسلطان وفريق ممن تبعهم فكل أولئك يتحمل وزر المؤامرة على الثورات المباركة وحرفها عن جادة الحق والصواب من خلال التأثير السلبي على الرأي العام, مما سبق يتبين عظم تأثير النصرة بالرأي إيجابا أو سلبا مما يترتب على ذلك من عدم ذهاب التضحيات العظيمة سدى  أو هدرا أو الضياع بفعل المتآمرين .
4- النصرة بالدعاء:
 إن الدعاء هو بحق مخ العبادة وهو على جانب عظيم, ففيه اللجوء إلى الله مالك الملك ذي الطول  ذو البأس الشديد الفعال لما يريد وهو الركن الشديد الذي نلجأ إليه وبفضلة تتم الصالحات وبمكره تتحطم المؤامرات, والدعاء هو اقل ما ينصر به المؤمن أخيه –رغم عظمه في المقام والأثر- فالدعاء يقدر عليه الفرد والجماعة وجمهرة المسلمين وأئمتهم والقوي والضعيف في كل ظرف وحين إن أحاط بشروطه . ( وقال ربكم ادعوني أستجب لكم).
إن مراتب النصرة هذه تترتب مسئوليتها بحسب المكنة منها  أوالملكة لها أو لمعظمها لأدناها أو أعلاها فلا يكتفا من الجيوش الدعاء والمال ولا يكتفا من علماء المسلمين الدعوة إلى نصرة بعضهم بدون تفصيل أو الدعوة المجزوءة كدعوة العامة بالتبرع بالمال والدواء دون دعوة الجيوش وأهل القوة  للتحرك والحسم فلا يقبل من تركيا مثلا الاكتفاء بإيواء الثكلى والمهجرين دون دعوة الجيش لرفع سبب تلك المعاناة ولا يكتفا من السعودية والخليج ومصر والاردن ولبنان والمغرب جمع المال والدواء دون التحرك الحاسم من قبل الجيوش لتشدخ نافوخ الأسد وجنده أم تراهم لا يتحركون ولا يفتحون السماء والبحار والقواعد ولا يحركون جنديا من مكانه إلا بأمر من أسيادهم وهذه هي الحقيقة؟!! فلا بد لشعوب هذه البلاد أن تقوم على حكامها وان ويحركوا أبناءهم في الجيوش لكي يقتلعوا العملاء وأنظمتهم ممن يحولون بينهم وبين واجبهم من نصرة إخوانهم النصرة الحقيقية ومن قبل هذا ومن بعده نصرة دينهم بوضعه موضع التطبيق والتنفيذ.
      إن الحقيقة القطعية تقوم على أن قيام المسلمين بنصرة بعضهم بعضا تغنيهم عن أي حاجة في أي شكل من أشكال الاستعانة بدول الكفر عدا عن حرمة ذلك وجرمه وبشاعة مآله وآثاره ولقد كان هذا عرفا عاما عند المسلمين في كافة عصورهم ولقد كتب التاريخ بان الدول الكبرى هي من كانت تبادر المسلمين بعرض المعونة والتواصل معهم أو طلب الاستعانة منهم فما كان من المسلمين إلا الرد القوي بما يحمله من عزة وما يتقدمه من سخط واستنكار ومن تلك الردود ما يقوله كعب بن مالك :(  فبينا أنا أمشي بالسوق ، إذا نبطي يسأل عني من نبط الشام ، ممن قدم بالطعام يبيعه بالمدينة ، يقول : من يدل علي كعب بن مالك ؟ قال : فجعل الناس يشيرون له إلي ، حتى جاءني ، فدفع إلي كتابا من ملك غسان ، وكتب كتابا في خرقة من حرير ، فإذا فيهأما بعد ، فإنه قد بلغنا أن صاحبك قد جفاك ، ولم يجعلك الله بدار هوان ولا مضيعة ، فالحق بنا نواسك  قال : قلت حين قرأتها : وهذا من البلاء أيضا ، قد بلغ بي ما وقعت فيه أن طمع في رجل من أهل الشرك . قال : فعمدت بها إلى تنور ، فسجرته بها) وفي هذه الحادثة دلالة واضحة على تربص الدول للنفاد إلى بلاد المسلمين باسم الإعانة الإنسانية والتدخل العسكري لحماية المدنيين ومن ثم تتحول البلاد من جديد إلى محمية لهم يتقاسمون النفوذ فيها والشواهد على هذا كثيرة في عدة قضايا ابتدءا من حروب الخليج مرورا بالسودان ومن قبلها غزو أفغانستان وانتهاء بليبيا والتربص بسوريا الشام .
       لقد اوجب الإسلام على المسلمين نصرة بعضهم بعضا واجبا  لا تخيير فيه وقد ربطه بالإيمان وجعله لازما تقتضيه الأخوة فيقول صلى الله عليه وسلم :( المسلم للمسلم كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا) ويقول: لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه) ويقول: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد ...) هذا بشكل عام وقد فصل الإسلام حيث أشار للدماء كيف تتكافأ قيمتها عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في خطبته وهو مسند ظهره إلى الكعبة قالالمسلمون تتكافأ دماؤهم ، يسعى بذمتهم أدناهم ، وهم يد على من سواهم   .
وانه والله لن يسلم شرف هذه الأمة الرفيع من الأذى حتى تراق على جوانبه الدم ولن ينصر الأمة إلا سلطانها الذي حان لها إن تعيده لنفسها من جديد فتعود الجيوش وكلفة مقدرات الأمة لها تنيب عنها من تشاء باختيارها ليحكمها بما انزل الله من جديد فتتحقق اللحمة وتصبح النصرة واقعا حيّا من جديد ونعيد الاعتبار لمعاني النصرة لخير امة أخرجت للناس
وبغير هذه النصرة الحقيقة بكافة أشكالها فلن نصل إلى حلّ يرضي الله ورسوله ويرضينا , وانه لا خيار ثان إلا الاستجداء للشرق والغرب بثمن باهظ على حساب ديننا وعزتنا ومقدراتنا فيعود الكافر المستعمر ليحتل ديارنا من جديد بأسماء جديدة ما أنزل الله بها من سلطان .
يقول الله عز وجلّ:( إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق والله بما تعملون بصير ( 72 ) ) الأنفال.
سعيد الأسعد-فلسطين                                                                                      21 /3/2012م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق