الخميس، 6 سبتمبر 2012


"نداء حار إلى الأمة تجاه الثورات"

أيتها الأمة الكريمة:
       إننا نحمد الله ونشكره حيث أنعم علينا فجعلنا خير امة أخرجت لناس, وجعل صانع امتنا وبانيها هو خير الخلق رسولنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم خير ولد ادم, يتلوا آياته ويعلمنا الكتاب و الحكمة وان كنا من قبل لفي ضلال مبين؛ انحطاطا فكريا وانحلالا خلقيا, وتبعية سياسية, واقتتال وتناحر على سقط من المتاع زائل, فرفع الله شأننا وجعل فينا خاتمة الرسائل, يقول عز وجل :" هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين.الجمعة.  فقام البناء على حدثان عظيمان: الرسالة, وأهلها؛ فالرسالة الخاتمة التامة الشاملة للبشرية جمعاء حدث عظيم, والشعوب التي تكونت منها أمتها لاشك بأنه تكريم وتأريخ لحدث عظيم .
       ولقد صنعت الأمة وفق معيار ثابت على عقيدة الإسلام: عقيدة روحية سياسية, منها نظام حياتها وطراز عيشها فهي أساس فكرتها وطريقتها, تحملها على هذا النحو رسالة للعالمين, فلا تقوم الأمة إلا على فكرتها, ولن تستقيم وتبقى إلا على طريقتها, ولن تكون في مكانتها إلا إذا عاشت واستقامت وحكمت وحملت الإسلام كاملا في كافة مجالات الحياة على كافة الأصعدة داخليا وخارجيا, يقول عز وجل:"  كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله" آية 110 آل عمران  روى الترمذي عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول في قوله تعالى) : كنتم خير أمة أخرجت للناس) قال" : أنتم تتمون سبعين أمة أنتم خيرها وأكرمها عند الله ." وقال : هذا حديث حسن . وقال أبو هريرة:" نحن خير الناس للناس نسوقهم بالسلاسل إلى الإسلام" وقال مجاهد) : كنتم خير أمة أخرجت للناس على الشرائط المذكورة في الآية),وفي تفسير القرطبي قوله تعالى" : وكذلك جعلناكم أمة وسطا" المعنى : وكما أن الكعبة وسط الأرض كذلك جعلناكم أمة وسطا ، أي جعلناكم دون الأنبياء وفوق الأمم . والوسط : العدل ، وأصل هذا أن أحمد الأشياء أوسطها . وروى الترمذي عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالىوكذلك جعلناكم أمة وسطا قال : ( عدلا ) . قال : هذا حديث حسن صحيح . وفي التنزيل ": قال أوسطهمأي أعدلهم وخيرهم  وقال زهير
                         هم وسط يرضى الأنام بحكمهم ------ إذا نزلت إحدى الليالي بمعظم.
       ولو نظرنا فنلاحظ جليا أن الأمة التي صنعت على يد نبيها فأصبحت خير الأمم ولها تاريخ منارة في النهضة والقوة والعزة قد عمرت العالم القديم أو كادت وفتحت وسادت بالإسلام منطلقة من حقائقه الثابتة التي لا تتغير وهي :
1-   الإسلام هو عقيدة وأنظمة شاملة لكل مناحي الحياة, وهو رسالة وقضية لا بد أن تصل إلى مبتغاها في الظهور, مصداقا لقولة عز وجل " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) 3 المائدة وقولة :" ونزلنا عليك الكتاب تبياننا لكل شيء)89النحل . وقوله :(هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله )9 الصف, وقوله( قل أوحي إلي هذا القران لأنذركم به ومن بلغ)19 الأنعام وقوله :( قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون)29 التوبة وقوله صلى الله عليه وسلم:" عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله." كل هذه النصوص وغيرها تدل بوضوح على أن الإسلام فيه حكم لكل شيء ويجب أن يحكم في كافة أنظمة الحياة وهو رسالة خير وهدى للعالمين هي رحمة وبالسيف بين يدي لساعة.
2-   الفهم الصحيح للإسلام بمعناه الشمولي هو الضمانة لحسن تطبيقه من قبل دولة الخلافة وفق معاييره في الفهم والاجتهاد, وبناء الفروع على الأصول, والنظر في الوقائع المتجددة نظرا تشريعيا يقوم فيه العقل بتحديد الواقعة لفهم مناطها وتنزيل الحكم المطابق عليها, ما يضمن عدم الخلط في أحكامه, وتحقيقا لقاعدة الاستغناء في معالجاته, والحيلولة دون إدخال ما ليس من الإسلام إليه.
3-   الإسلام يقوم على عقيدة ومعالجات, ومنه دولة هي الضمانة والطريقة لتطبيقه, وإيجاده في الحياة, ومن خلالها تحمل الأمة الإسلامية رسالته للعالمين. ولا يجوز اخذ حكم واحد مهما قل أو كثر من غير الإسلام ويعد هذا جرما وإدخال على الإسلام ما ليس منه, عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" : من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردرواه البخاري ومسلم ، وفي رواية لمسلم" : من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد" .
4-   الدولة الإسلامية هي: رئاسة عامة لجميع المسلمين في الدنيا تقوم على تنفيذ أحكام الإسلام داخليا وتحدد على أساس الإسلام علاقتها بغيرها من منطلق حمل الدعوة الإسلامية, فهي إمارة عامة لجميع المسلمين تحكمهم بالإسلام ليس غير.
5-   الحكم في الإسلام له قواعده الشرعية, وله شكله الخاص والذي يتميز فيه عن غيره, حيث لا يكون الحكم إسلاميا إلا وفق قواعده وأحكامه.
6-   قواعد الحكم في الإسلام أربع: السيادة للشرع, السلطان للأمة, نصب خليفة واحد فرض على المسلمين, للخليفة وحده حق تبني الأحكام الشرعية للدستور والقوانين؛ فالحكم إن كانت السيادة فيه مشتركة بين الشرع وغيره من أحكام وضعيه تتهدم فيه قاعدة من قواعده, فيتهدم كله حيث جعل الشرع الحكم بالكفر الصراح في دولة الإسلام قضية مصيريه, تستوجب الخروج على الحاكم بالقوة إن أصر على تطبيق حكم واحد من غير الإسلام ؛ وفي حديث عبادة بن الصامت :"  وأن لا ننازع الأمر أهله إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان" , وهذه القاعدة القطعية تتناقض مع ما تقوم عليه الديمقراطية من جعل السيادة للشعب فتجعل حق التشريع للبشر من دون الله وما يشاع من دولة مدنية لا دينية تستبعد شرع الله من أن يكون له وجود أو أثر في التشريع والقضاء فكل الأمر فيه للبشر!!!!. وإننا نستهجن اشد الاستهجان وننكر على القائلين بالشراكة مع الأنظمة الوضعية الطاغوتية ممن يطرحون أو يدعون أنهم يطرحون الإسلام, فهل قصرت أحكام الله على استيعاب الحلول لكافة المشكلات أم أنكم تجدون في الطاغوت شفاء للعي أو السؤال؟؟!! فما لكم كيف تحكمون؟؟!!! بل إنكم أتيتم شيئا إدّا تكاد السماوات يتفطرن منه وتخر الجبال له هدا أن دعوتم لحكم الله شريكا وادعيتم غير الحق باطلا وزورا !!!!!!!!
        وأما  كون السلطان للأمة فقد جعل الشرع البيعة للإمام تكون من الأمة تعطيه عقدها باختيارها فيصبح بذلك أميرا للمؤمنين وبغير هذا فلا تنعقد له ولاية الأمر ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم :"ومن بايع إماما" وقوله :" فو ببيعة الأول فالأول.." فقد جعل الشرع البيعة حق للأمة, فيه سلطانها, تعطيه لمن تشاء, وأما ما يحصل اليوم من انتخابات لا يكون فيها الترشح والانتخاب على شرط البيعة للرئاسة لتطبيق الكتاب والسنة فهي ليست ولاية شرعية ولا تخلو بها أعناق المسلمين من البيعة الشرعية الواجبة تلك الأمانة في الأعناق وهي أمانة سلطانكم أيها المسلمون  وقد جعلها الله لكم حقا فأكرمكم وجعل لكم قدرا لتعطوا السلطان لمن يرضي الله فيكم يحكمكم بكتاب الله وسنة نبيه. إن من ثمار الثورات أيها المسلمون هي أن يعود لكم سلطانكم تنتزعونه ممن اغتصبه منكم على أن تؤدونه في حقه وابتغاء مرضاة الله وثباتا على الحق في كل الظروف, وان معية الله مالك الملك ونازع السطان ومانحه هي التي يجب أن تظل في قلوبكم, وعليها اعتمادكم واليها ترفعون أبصاركم فلتروا الله من أنفسكم خيرا وصدقا وحقا فتقيمون في سلطانه أحكامه, وتعيدون السيادة والبيعة على شريعته, ولا تخافوا في الله لومة لائم ولا تخافوا من ذي العرش إقلالا, بل إن نصركم لله يورثكم نصرا وعزا في الدنيا والآخرة إن كنتم توقنون.
        وأما كون الإمام واحدا فلما روي عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما " وفي ذلك دلالة على وحدة البلاد وجريمة تقسيمها إلى دول مستقلة بل عليكم أيها المسلمون الحرص على تطبيق هذا الحكم حرصكم على سلامة صفحات أعناقكم, فتعيدوا به الاعتبار لوحدتكم, وتعودون جسدا واحدا وأمة واحدة سياسيا واقتصاديا وعسكريا فتعودون مرهوبي الجانب أعزاء أقوياء بربكم كما كنتم.
        وكذلك فقد جعل الشرع الدولة في الإسلام تسير على دستور واحد في التبني يكون للإمام وحده- بعد نقاشه من قبل مجلس الأمة وعرض الأدلة واستشارة أهل العلم- فيكون القرار للإمام وحده؛ وذلك من مقتضى الإمارة في الشرع ومما وقع في إجماع الصحابة (أمر الإمام يرفع الخلاف) (للإمام أن يحدث من الاقضية بقدر ما يحصل من مشكلات).
 بهذه القواعد تنتظم أركان الحكم في الإسلام: من وحدة المرجعية والسيادة, ووحدة الحكم, وحسم الدستور وحفظه من التناقض والتموج, كل هذا مع حفظ حق الأمة في السلطان. وبغير هذه القواعد أو بنقصانها لواحدة فان الحكم يختل فيختل انتظام عيش الأمة بالإسلام. ولله الحمد أن جعلنا على شريعة منه نتبعها, ومحجة بيضاء مغنية مستغنية نحملها, فيها حكم ما بيننا بالقسط والعدل, فعار وشنار وجرم واستكبار على آيات الله أن يخرج نفر من المسلمين من بينهم يجعلون الشرع احد مصادر الدستور!!!!!! فهل لهذا الحد هانت عليكم أحكام ربكم فساويتم بين الطهر والنجاسة؟!! والزواج والمثلية والزنا؟؟!! والربا والبيع؟؟!! والستر والعري ؟؟!! فاتقوا الله وتوبوا إلى ربكم توبة نصوحا عسى أن يغفر لكم إن كنتم تعقون ولاياته تذعنون.
        وأما من جهة شكل الحكم وتفاصيل جهازه فقد جعل الشرع كل ذلك وفق أحكام شرعية غاية في الدقة والنظم لكي يظل الإسلام صافيا نقيا لا يختلط بغيره في الحكم, فلا يشابهه غيره, ولا تشوبه شائبة,  فشكل الحكم خلافة بالبيعة, وليس ملكيا ولا إمبراطوريا ولا وراثيا ولا جمهوريا برلمانيا ولا رئاسيا ولا ديمقراطيا ولا اتحاديا بل هو نظام خلافة الحكم فيه مركزي والإدارة لا مركزيه, وللخليفة معاونون وللبلاد وولاة وعمال وقضاة وجيش ومجلس للأمة تشارك من خلاله بالرأي وتحاسب وتنتخب وتستشار وترفع الشكوى, وهكذا فكل هذه التفاصيل قد جاءت الأحكام الشرعية بادلتها محددة لها تحديدا يجعلها طرازا خاصا لم تعرف البشرية له مثيلا في الانتظام والتنسيق والانسجام, وعلى نحو يحقق الحكم الراشد المعمّر, يعمر البلاد بالخير والعدل والفضل, ليس فيه حصانة لأحد فوق احد, بل الجميع سواسية القوي هو الضعيف أمام القضاء حتى يؤخذ الحق منه, والضعيف هو القوي حتى يؤخذ الحق له, والخليفة لا يأخذ إلا كفافا من الرزق يحول بينه وبين سؤال الناس من الحاف, فهل تجد هذا في غير الإسلام ؟!! يجلس رأس الدولة بين يد القاضي هو وخصمه ليس له ميزة عنه ينادى باسمه مجردا عن الألقاب والمفاخر فهل  تجد هذا في غير الإسلام ؟ وهكذا وغيره مما قل أو كثر من مميزات عندما يراها الناس واقعا عيانا يدخلون في الإسلام أفواجا.  وعليه فان الإسلام في استغناء عن دولة مدنية علمانية, وديمقراطية كافرة كاذبة, بل إن أنظمته وأحكامه- أي الإسلام- تعلوا على كل ذلك علوّ الطهر عن النجاسات, وعلوّ الكرم عن البخل, وعلو الحرام على السحت, فشتان ما بين الحق والضلال, والنور والظلمات, وهيهات أن تدنو الظلمات من النور, أو تختلط بها ما دامت السماوات ..!!!!
أيتها الأمة الكريمة:
       لقد حبانا الله برسالة السماء عشنا بها -والعالم يشهد- ردحا طويلا من الزمن , تاريخ طويل وقرون عديدة بتراث تشريعي لا نظير له, ضرب أمثلة غاية في الروعة, تحققت بتطبيقه الأهداف العليا لصيانة المجتمع, مع حفظ حقوق الفرد بما ينسجم مع حق الجماعة من غير حيف أو تجاوز, فكان حفظ الدين والعقل والنسل والنفس والمال في كافة عصور الخلافة وأيامها التي  تميزت بكل معاني الرفعة والنهضة حكما وأنظمة وعلاقات, وعفت الحكام فعفت الرعية, وحصل الرخاء الاقتصادي في فترة وجيزة من عمر الأمة الإسلامية, في ظل حكم الإسلام, حتى أن أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز يأمر بالبحث عن الفقراء فلا يجد, ويأمر بوضع القمح على رؤوس الجبال حتى لا يجوع طائر في بلاد المسلمين, وهذا عمر بن الخطاب لا يأكل حتى يشبع آخر مسلم في المدينة, ويخشى الله ويتقه في بغلة قد تتعثر في ارض العراق إن  لم تمهد لها الطريق . ألم يخاطب خليفة المسلمين السحاب ليحط بالخيرات أنى شاء بأمر الله ليعود الخراج إلى أيد تعدل بوضعه مواضع الحق؟ فهل سمع العالم بهذا من قبل ؟ ثم ألم تكن دولتا وامتنا تتقدم العالم في العلم والطب والفلك والصناعات في الوقت الذي تعاني منه أوروبا من فيضانات النجاسات والظلمات ؟ ويخاف ملك من ملوكهم من الساعة التي صنعها المسلمون فظن أن بها جني؟!!  وتستجير فرنسا بخليفة المسلمين ليحرر ملكها فيوفّى لها, وتدفع أمريكا الجزية وكذلك روسيا؟ نعم هذا هو تاريخ امتنا الطويل الزاخر المشرق فهل إلى عود حميد من جديد؟
أيتها الأمة الكريمة:
        لم يكن تاريخ امتنا زاخرا عقودا وقرونا صدفة ولا مجرد طفرة, بل هي أسباب ومسببات, واستجابة لأمر الله وعيشا وحكما وحملا لرسالته عن تفان وإقدام, نصرنا الله فخضعت لنا أعناق الجبابرة, واتتنا الدنيا صاغرة ونحن عنها راغبون, نطلب الآخرة برضا الله ونسعى لها سعيها فنحوز خيري الدنيا والآخرة, فالقضية هي حقائق ثابتة تخلوا من استجداء الشرق والغرب, ويستحيل معها اخذ أي حكم أو نظام من غير نظام الله تحت أي ظرف, هي حقائق يتمايز فيها الإسلام بفكره ووجهة نظره ومقياس أعماله وأهدافه وقضيته ومثله الأعلى عن كل ما هو غيره . فلا نقبل شفاعة في حد من حدود الله, بل نقطع الشريف كما الضعيف, ويغضب نبينا عندما يرى احد أصحابه يتصفح بصحائف من التوراة فيقول)  : أمتهوكون فيها يا ابن الخطاب ، فو الذي نفسي بيده ، لقد جئتكم بها بيضاء نقية .. ، والذي نفسي بيده ، لو كان موسى حيا ما وسعه إلا أن يتبعني.(  فكيف بمن يدعو اليوم من بين أظهرنا للعيش بأنظمة وضعية ديمقراطية ومدنية علمانية...؟!!! لقد كان خليفة المسلمين يجهز جيشا عرمرما يقوده بنفسه ليحرر امرأة من اسر العدو لان قدوته رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نصر عرض امرأة فأجلى يهود بني قينقاع عن بكرة أبيهم من المدينة, وكذلك نصر خزاعة على بكر وكان من بركاتها فتح مكة. نعم هي امة تنتصر لبعضها, وينفر إمامها لصرخة بعيدة تستغيث به, فنعمت أعرافها, و لقد كنا يجير أدنانا على أعلانا, وتتكافؤ دماؤنا وأموالنا وأعراضنا, لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى, وسلمان من آل بيت نبينا, كل ذلك  بالإسلام العظيم. إننا وايم الله ننظر لهذه الأيام بحقائقها فننكر عيشنا بعد أن تنكبت امتنا عن شرائط خيريتها, وتفرقت إلى شعوب بقوميات ووطنيات ما انزل الله بها من سلطان, فولي أمرنا حكام وكلاء بل عملاء وعبيد لعدونا, يحكمون امتنا بالجبت والكفر والطاغوت, يسرقون الأموال ويقترفون المحرمات ويضعون لها قوانين ودساتير, فاحلوا الربا والخمور والزنا والعري والاختلاط, ومنعوا السياسة في الدين, يسجنون عباد الله ممن يقولون ربنا الله, فيضعون الأغلال والإصر عليهم..حكام تجتمع قممهم العربية وما تسمى إسلامية لبيع البلاد وخيانة عباد الله, فمكنوا يهود من بلاد المسرى, وسمحوا بل تآمروا على احتلال العراق وتدميره, وأفغانستان وتدميره, والشيشان وذبحه, الم تعش الأسر في بعض بلادنا في المراحيض العامة ؟! ألم تفرض على المصلين من كبار السن بطاقات خاصة للمساجد وتمنع منها الشباب؟!ألم تجوع الناس وتحفى وتعرى في القرن العشرين ومطلع واحد وعشرين في الصومال وغيرها ؟؟ ألم تقتل الحدود المصطنعة فرحة البدء بالصوم والفطر عند المسلمين؟ وتحيل الحج إلى جحيم؟ كما تقتل وتمنع تلك الحدود الناس- ظلما وعدوانا وحرمانا- من أدنى الحقوق في السفر والتنقل إلى سائر بلاد المسلمين من أقربها لأقربها وأقصاها إلى أقصاها؟ حتى صدق في حالنا قول ربنا :( ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار ) وقول نبينا:(يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها فقال قائل ومن قلة نحن يومئذ قال بل أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم).
أيتها الأمة الكريمة:
      لقد كان انهيار حضارتنا وانحطاطنا وتمزقنا هو ضالة عدونا, فكان الصراع عنيفا وجولاته طويلة بيننا كأمة ودولة وحضارة وبين الكفر بشتى ألوانه من جهة, وقد أدرك الكافر أن سر قوة المسلمين هو في ثروتهم المبدئية, والتي اشتملت على ثروة تشريعية, فصنعت ثروة تاريخية ونهضة مميزة, فانقض الكافر بخيله ورجله وخبرائه بغزوه الفكري والثقافي لبلاد الإسلام, للقضاء على الإسلام كحضارة ورسالة وسياسة وأنظمة, لتفقد الأمة نور العقيدة من القلوب, وأثرها في العيش وبناء الأجيال, وتزول من كونها عقيدة سياسية وقيادة فكرية للعالم, وبفعل فترة الضعف التي مرت بالمسلمين لا سيما الضعف في فهم الإسلام, إضافة لبعض الغشاوات فقد تأثر المسلمون بالغزو الثقافي والفكري, حيث أنشئت أحزاب ومدارس, وظهرت دعاوات للقومية والمذهبية وللفكر الغربي, تأثرا بالثورة الصناعية وخلطا بين الحضارة والمدنية, ما ادي إلى التراجع الفكري والثقافي عند المسلمين, إضافة إلى المكر السياسي والتحالفات الأوروبية ضد الدولة الإسلامية ,باعتبارها معصم الوحدة والقوة في المسلمين, ما أدى إلى القضاء عليها تزامنا مع حالة الانهيار الفكري والثقافي في المسلمين, ففقد المسلمون بذلك وحدتهم ونهضتهم وحتى سيادتهم على بلادهم, وتحولت بلادهم إلى مستعمرات للكافر ,فقسمت ونهبت خيراتها, ودنست مقدساتها, وأصبحت شذر مذر,  انتقصت من أطرافها بل من قلبها وأحشائها.
        وللحقيقة والتأريخ فقد ظلت الأمة في دياجير الفوضى والتخبط ومحكومة بالتسلط عشرات السنين, وفي منتصف القرن العشرين كان بفضل من الله ونعمته أن قيض لهذه الأمة مجموعة من علماء فلسطين, تحركوا بمرهف إحساسهم ليدرسوا الحال الذي وصات له الأمة, فتوصلوا لأسبابه, واجمعوا على أن لا حل ولا مخرج إلا بجهد طلائعي يقودون أمتهم من خلاله إلى بر الأمان, والى العود الحميد للإسلام وفق حكمه وأمره, وبناءا على الدراسات والتشخيص الدقيق والتمحيص والبحث الدقيق العميق للإسلام ومعالجاته و لما آلت إليه ظروف المسلمين, تبين لهذه الثلة أن قضية المسلمين هي إلغاء الحكم بالإسلام وإنشاء أنظمة على ما يشتهي الغرب وحسب وجهة نظره وضمن سياساته في تمزيق البلاد وإذلال العباد ونهب الخيرات , وتبين لهؤلاء العلماء أن لا مناص لهم شرعا من إنشاء حزب ليقوم بهذه التبعات كجهد جماعي لا يتم الواجب إلا به, والتزاما بما أوجبه الله في قوله (ولتكن منكم امة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون) 104 آل عمران, فقاموا بإنشاء حزب التحرير, وقد كان هذا الحدث مفصليا وتاريخيا في واقع التحول والحيوية التي دبت في المسلمين, وقد تركزت أعمال الحزب على تثقيف الأمة فرديا وجماعيا ومخاطبتها بما أنيط بها للدخول في عملية فهم مبدئها للعيش به وتطبيقه, ومن خلال كشف خطط الكافر المستعمر وما يحيكه ضد المسلمين, وتبني مصالح المسلمين في عدة قضايا استطاع الحزب أن يصنع رأيا عاما في المسلمين على ضرورة إسقاط الأنظمة الحالية, وإعادة نظام الإسلام للحكم واستئناف الحياة الإسلامية بإقامة الخلافة من جديد و بمفهومه الشمولي الجذري, والذي يتمايز عن غيره من الأنظمة, ولا يقبل الخلط مع أحكامها وأنظمتها ودساتيرها, وحتى في شكل الحكم وطريقة نشر المبدأ , ولقد أدركت الأمة بهذا الجهد ألطلائعي المبارك بان لا مناص لها مما هي فيه, ولا مخرج إلا بإعادة الاعتبار للإسلام كمبدأ ومنه الدولة, فيجب أن تسقط الأنظمة التي أقصت الإسلام ليعود الإسلام للوجود من جديد, فتعود للعقيدة حرارتها في عيش الناس وعلاقاتهم باعتبارها أساس الدستور, وتنسج مواده منبثقة من أحكامها, في كافة مجالات الحياة فتصوغ المجتمع والجيل من جديد, وترسم للعالم خرائطه, وللتاريخ أبوابه وفصوله, كما كانت من عهد قريب .
أيتها الأمة الكريمة:
        إن الحقيقة الناطقة تقول: بان الإسلام هو الأصل والفصل والحكم به, والعيش في ظلال أنظمته والعيش لحمله هو سبب وجودنا كأمة, وسبب بقائنا وسر سعادتنا, فهل لعاقل مبصر أن يتجاوز الحقيقة ويقبل باستبدال الذي هو أدنى بالذي هو خير ؟!!!
       إننا ندرك الحقيقة بان شدّة الظلم ومرّ العذاب والقهر وضياع الأموال والأنفس والثمرات, وشدة المصائب على تنوعها, والتي حلت بالمسلمين بعد ضياع الحكم بالإسلام, وتسلط الأنظمة الجبرية على رقاب المسلمين, هذه الحقيقة تنتج وتوجب حقيقة التغيير الحتمي, فمهما قلبنا أبصارنا في السماء, وفكرنا في المخارج, فلن نجد إلى خروج من سبيل إلا سبيل التغيير الحقيقي الحتمي الجذري الشامل, وما الثورة المباركة التي تشهدها امة الإسلام في مشرقها ومغربها, وفي مصرها وشامها ويمنها, وما يغلي في دمائها, إلا هي ثورة على الواقع وأسبابه, وهي رصيد مما جمعته الثلة الواعية الطلائعية من جهد الأمة المباركة, والتي نشأت أواسط القرن العشرين لتقود الأمة إلى التحرير, ولقد بذلت الأمة ولا زالت من الدماء والأموال للخروج من هذا الواقع وأسبابه ومسبباته للعودة إلى العيش الكريم, وانه لن يكون إلا بما صلح به أمر هذه الأمة من أولها, وهذا والله لهو قدرها المحتوم, مهما ضللها المضللون, من علمانيين أو علمانيين في الوسط ( الإسلاميون المعتدلون), وعلماء السلاطين, ونفر من الظالمين المرتهنين للغرب, فلن تصل الأمة إلى غاية مسعاها إلا برفع الصوت عاليا في كل جنباتها (أن لا مشروع لنا ولا هدف لنا إلا استئناف  الحياة الإسلامية وعلى طريق رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم) وتجدون هذا صريحا في دعوة حزب التحرير منشورة في معظم بقاع الأرض وعلى كل لسان, فهو الرائد الصادق الذي لا يكذب أهله, وهو من أول يوم- قام فيه قائمه منذ ستين عاما قيام النذير العريان- ينادي: أن يا امة الإسلام: لا حل ولا أمل إلا بإسقاط النظام, والحكم بالإسلام, ولقد -والله- ,- ويشهد الله -انه قد بذل فيكم الجهد وصدقكم النصح؛ فثقف الملايين ولا يزال, وأجمل وفصًل للجماهير ولا يزال, وسيظل إن شاء الله قائما بالحق حتى يصل بأمه إلى خير الدنيا والآخرة وسعادة الدارين . واعلموا أن لا خيار لثورتكم المباركة إلا خيارين اثنين لا ثالث لهما: فإما أن تقطفون ثمرتها انتم, أو تكون الثمرة لعدوكم وانتم وإياهم على فرسي رهان . فأما ثمرتكم فهي والله واضحة قد جلّاها الشرع وملأت الدنيا وزخر بها التاريخ ووعد بها الله, وبشّر بها رسول الله, وهي أمانة في الأعناق وهي اسئيناف الحياة الإسلامية من جديد بإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة بالطريق الانقلابي الشامل على طريقة رسول الله,  بإعطاء النصرة من قبل القوى في قطر أو أكثر بما يوفر المنعة الشرعية لحزب التحرير, ليباشر وفق مخطوط شرعي واضح المعالم وبخطوات شرعية لتمام الأمر وقطف الثمرة . وأما ثمرة عدوكم فهي ترقيعات من دساتير غربية طاغوتية في أشكال الدولة المدنية العلمانية من فتات الغرب وقاذوراته تهلك الحرث والنسل, وتفسد الأجيال والمجتمعات, كما هو حاصل لدي الغرب وماثل للعيان, وتئن منه المجتمعات الغربية وتثور عليه, وما ثورة   (ول ستريت) وأصداؤها العالمية إلا خير دليل .
أيتها الأمة الكريمة:
نناديكم بحرارة تنبع من أعماق ثلاثة:
    * من عمق العقيدة وحرارتها: والتي حولت العبيد إلى سادة والأوغاد إلى قادة والجاهلية إلى نهضة .. العقيدة التي رفعت ذكر الأمة في العالمين, وجعلتها امة كريمة وسطا بين الأمم, وخير امة أخرجت للناس, حرارة العقيدة التي فتحنا بها آفاق الأرض نعمرها بعدل الإسلام, وبنور أنظمته واستقامة حكمه, تلك العقيدة ونورها الذي ملآ القلوب راحة والعقول قناعة والنفوس اطمئنانا بتفسيرها لمعنى الوجود, وجوابها عما قبل الحياة وعما بعدها, وتنظيم علاقات الإنسان جميعها تنظيما كفيلا بسعادة  الدنيا والآخرة برحمة الله وفضله, وإنه والله قد أوتيتم بذلك أيها المسلمون كنوز الأرض وعز الدنيا وحكم العالم حتى قال قائلهم : (حكمت فعدلت فأمنت فنمت يا عمر) ...أبالجاهلية أم بالإسلام ؟؟؟؟ وحتى قال ربعي بن عامر لمن حكموا العالم قبل جولة الإسلام: (جئنا لنخرج العباد من عبادة العباد لعبادة رب العباد ...) كل ذلك يوم أخذنا بميثاق الكتاب, وحركتنا عقيدة الإسلام بحرارتنا الصاهرة الدافعة الرافعة, نعم تلك العقيدة التي صهرت الشعوب وحررتهم من نزاعات الوطنية وطينها, والقومية وعصبيتها, واختلاف الألسن والألوان وعنصريتها, والنزوات وشياطينها, وجعلتهم أخوة ووحدة ولحمة وجسدا واحدا, واحدة مشاعرهم وأفكارهم ونظامهم وقضيتهم, ورسالتهم وغاية غاياتهم واحدة, يؤثر الأخ أخاه ولا يبيت أهل عرصة وفيهم امرئ جائع, يجير بعضهم على بعض, يهتم أقصاهم بوجع أقصاهم, ويجير أدناهم على أعلاهم, يسيرون في بلادهم المترامية الإطراف لا تخاف ظعينهم إلا الله .
     *  نناديكم بحرارة تاريخ مشرق بالنور تاريخ عز وانتصارات, تاريخ تحول فيه الناس من الضياع واليتم والمذلة, إلى القوة والاستقرار والعزة, ومن تبع إلى علماء ورجال دولة, ومن كيانات هزيلة إلى دولة عظمى تشتبك مع قطبي العالم الفرس والروم في آن واحد فتهزم كليهما, وتنتزع الصدارة لوحدها ..., جيوش الفتح تصل الصين شرقا وأسوار فينا في قلب أوروبا غربا, ولم تكلفهم اندونيسيا إلا جهد التجار لتفتح على مصراعيها. نعم حق لها أن يكون تاريخها مشرق, فلا يكلف تأديب المتربصين بخيلهم ورجلهم إلا جهد من الشام ؛ الشام الذي يشهد ثورة جامحة ليعود كما كان قلب الأمة النابض, وعرينا للإسلام شامخ وقطب الرحى في المسلمين من جديد ومنطلق العزة ومحطم المآمرات وهازم الأعداء بإذن الله, أو جهد الشام ومصر الكنانة لتحصل الكفاية لتحرير فلسطين من الصليبين كما كان, وتسحق التتار في عين جالوت, وتذل نابليون فيرجع خائبا هاربا ذليلا في ثياب امرأة ...  وتستجير فرنسا بخليفة المسلمين لتحرير ملكها وتدفع أمريكا وروسيا للمسلمين الجزية, بلادنا تضاء بمصابيح الزيت وأوروبا مظلمة, بلادنا تتوزع فيها المياه بطرق علمية, وأوروبا تغرق شوارعها مياه عادمة, بلادنا تعيس وحدة العقيدة ونور العلم وتقدما وازدهارا, وأوروبا تعيش صراعاتها القومية وتسلط رجال الدين وترهاتهم التي ملأت الدنيا ..نعم و الله انه تاريخ يفوح بالحرارة التي يجب أن تنبعث فيكم أيها المسلمون من جديد, فتتحركوا وتندفوا وتزمجروا وتطردوا عدوكم وأدواته وعماله وعملائه وكل خيلهم ورجلهم وأفكارهم, ولتعيدوا الاعتبار لدينكم وتعيدوا الاتصال بتاريخكم المجيد من جديد .
     * نناديكم بحرارة وعد الله وبشرى رسوله بالاستخلاف في الأرض بخلافة راشدة على منهاج النبوة, وبحرارة تاج الفروض وسبب العزة, وطريقة النهضة والسعادة, فرض إعادة الخلافة الإسلامية من جديد, والتي يرتعد منها ولذكرها أعداؤنا, ويبذلون كل البذل مجتمعين ومتفرقين للحيلولة دون عودتها, وهاهم مع تحرك الأمة وثورتها على الأنظمة الجبرية فإنهم يسخرون كل قواهم للحيلولة دون انتقال الأمة إلى عصر الخلافة الراشدة بوضع البدائل عنها لتظل الأمة تحت نيرهم, وفي ظل استعبادهم, فيبثون سموم الدولة المدنية العلمانية, والدعوة الخبيثة للديمقراطية, والعدالة الاجتماعية كل هذا من جهة, و من جهة أخرى يصفون الدعوة لإقامة الخلافة بالرجعية والتطرف, وقد استعملوا لكل هذا أدواتهم وعملائهم بشتى الأطياف والانتماءات الحركية!!!!! فاعلموا أيها المسلمون: بأن كل واحد منكم على ثغرة من ثغور الإسلام فلا يؤتين من قبله, ولا تخذلن أحدكم قضيته من قبله, ولنقم لله قانتين, ونرفع عن كاهلنا كل الدعاوات التآمرية, والتي هي بديل عن مشروع الأمة الحضاري التاريخي, مشروع العصر الجديد والبداية لحقبة تاريخية جديدة من عمر الدنيا ألا وهو عصر الخلافة الراشدة على منهاج النبوة, فكونوا أيها الحاضرون من هذا الجيل حاضر الأمة المشرق, وأصحاب هذه العهدة, وأهل هذه المهمة تؤدونها وتقومون بواجبها بكل جدارة وإصرار, متوكلين على الله رب العالمين, لتكتبوا في صحائف من نور, وعلى منابر من نور, قدام عرش الرحمن. ( لمثل هذا فليعمل العاملون)

  3/جمادى الآخر 1433ه الموافق 24/4/2012م.  سعيد الأسعد – فلسطين.                                                                           







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق