الجمعة، 14 مايو 2010

بسم الله الرحمن الرحيم
لا أمل للأمة بدون خلافة
لقد حق القول بأن آيات الله في كتابه تكفينا (فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى)، وصدّقت الأحوال والشواهد والتجارب المريرة والأثمان الباهظة التي دفعها المسلمون من أرواحهم وأعراضهم وأموالهم وأمنهم وضياع أبنائهم وديارهم، صدّقت ذلك في أسبابها ومراميها،.
فلم يسلم الدين من ان ينال منه حتى تطاول عليه أراذل الناس،، ولم تسلم العقول من التخريب، فترى كثيرا من أبناء المسلمين متفرنجين في تفكيرهم غرباء عن دينهم وأمتهم، حتى أصبح الدين غريبا عنهم ولا اثر له في شخصيتهم التي بنيت شرقية كانت أم غربية، بل لقد وصل التطاول والتخريب حداً وطأت فيه اطهر بقاعهم! ألم تصل الدعوة للديمقراطية إلى منابر رسول الله صلى الله عليه وسلم بما تحمله من تناقض مع عقيدة الإسلام ومحاربة لعبودية الله في الأرض؟! ثم ألم يدعى من علياء شموخها وهيبة عزتها إلى السلام مع يهود والى الدفاع عن أفعال الشياطين من حكام المسلمين؟! ويدعى لهم بطول البقاء رغم حكمهم بالكفر وتمكينهم أعداء الله من رقاب المسلمين وديارهم في فلسطين وأخواتها من بلاد المسلمين العزيزة النازفة الذليلة بالاحتلال ومر القهر والهوان؟! ألا إنه لا يلتقي الطهر مع النجس مادت السموات لا تلتقي مع الأرض وما دامت السماوات والأرض ولكن هؤلاء لا يرعون !!
نعم إن الآجال بأطول الأعمار قصيرة كغض الطرف أو أقصر، وإن الحياة من لدن آدم عليه السلام إلى قيام الساعة مقارنة مع الآخرة لاشيء يذكر، وإنا قد ابتلينا بها لنعلي بها ذكر الله ونعيش حياة إسلامية بالخلافة لا غير فهل من مدّكر؟


عندما هدمت الخلافة وخلت أعناق المسلمين من البيعة ذلت أعناقهم ومرغت كرامتهم وعز عليهم القاصر، حتى مشردي ألفي عام –وهم يهود-كانت لهم جولة في عش النسور، وتطاولوا على عرين الأسود فدنسوا الأرض المقدسة تلك العهدة التي لن تبرأ منها أعناق المسلمين جميعاً حيث ضيعوها يوم أن ضاعت الخلافة التي فتحتها بعمر رضي الله عنه وحررتها بصلاح الدين وحفظتها بعبد الحميد، فسبحان الله أليست هذه هي الخلافة أيها المسلمون؟ أجمعت العصور عليها فسبحان ربها كيف ربطت فلسطين بالخلافة ربط الأب من الابن وربط العقيدة بأعماق القلوب حتى تغلغلت شغافها بشغافها، أجمعت العصور في صورة عجيبة بهية ومهيبة وفي نسق إعجازي أن الخلافة وحدها هي ضالة فلسطين مهوى قلوب المسلمين وقبلتهم الأولى، فبها فتحت وبها حررت وبها حفظت، وبضياعها ضاعت وإن هذا لهو الحق المبين، أبعد هذا دليل على أن حاجة المسلمين وضالتهم وطيب عيشهم وحفظ دينهم ونسلهم وعقولهم وأموالهم ودمائهم وكل آمالهم بالخلافة والخلافة فحسب؟
إن ما جاء من آيات الله كان يكفينا حيث قال عز وجل(فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى.....) ولقد كانت البيعة والخلافة وصية نبينا لمن أتى بعده، عن ‏ ‏فُرَاتٍ الْقَزَّازِ ‏ ‏قَالَ سَمِعْتُ ‏ ‏أَبَا حَازِمٍ ‏ ‏قَالَ قَاعَدْتُ ‏ ‏أَبَا هُرَيْرَةَ ‏ ‏خَمْسَ سِنِينَ ‏ ‏فَسَمِعْتُهُ يُحَدِّثُ عَنْ النَّبِيِّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏قَالَ :(‏ ‏كَانَتْ ‏ ‏ بَنُو إِسْرَائِيلَ ‏ ‏تَسُوسُهُمْ الْأَنْبِيَاءُ كُلَّمَا هَلَكَ نَبِيٌّ خَلَفَهُ نَبِيٌّ وَإِنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي وَسَيَكُونُ خُلَفَاءُ فَيَكْثُرُونَ قَالُوا فَمَا تَأْمُرُنَا قَالَ فُوا بِبَيْعَةِ الْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ أَعْطُوهُمْ حَقَّهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ سَائِلُهُمْ عَمَّا اسْتَرْعَاهُمْ)، إنه والله لم يكن هذا التنسيق والارتباط في السياق بين الخلافة والنبوة في طرفي الحديث إلا لزوم الحامل لأمانة الأنبياء من بعدهم وحفظ الدين وحفظ الدنيا بالدين وهي مهمتهم التي خلقوا لأجلها فأين نحن منهم ومن شرف سياقهم وشرف نسقهم؟
إن الخلافة حاجة أساسية ضرورية يُجمع في طلبها حفظ الدين والدماء والأعراض والأموال والعقول وحتى حيتان البحار ومن يسكنها ممن يسممه عيش الرأسمالية وهوامٌّ الأرض ممن يصطلي بنارها وشرها وبلاد مباركة عزيزة قد احتلت وأخواتها آن لأديمها ان يطهر و لفرسانها ان تترجل.
إن الحقيقة القطعية هي أن آمال المسلمين بل والبشرية تنبع من حاجتهم لعز الدنيا وكرامة العيش، وأن طيب العيش ينبع من تحقق أمور خمسة هي:
أولا: أمل المسلمين في إعزاز دينهم، إن المسلمين اليوم عربهم وعجمهم أبيضهم وأسودهم وأحمرهم كلهم يتوقون ويأملون أن يعود الدين عزيزاً منيعاً فيعيشوا حياةً إسلاميةً في كافة علاقاتهم ومعاملاتهم، وهم اليوم بمنطق إحساسهم يستشعرون شدةَ الحاجة للعيش في ظل تطبيق الإسلام وحمل رسالته، ويدركون أن عودة الحياة الإسلامية سينقذهم من ضنك الرأسمالية وتمزيق الوطنية وخلافات القومية، وما تجربة العيش المرير التي يرزح تحت نيرها المسلمون في ظل الأنظمة الوضعية زهاء التسعة عقود يفتنون عن دينهم فيها في كل عام مرة أو مرتين ويتطاول فيها على دينهم عقيدة ونبوة وجهادا وأنظمة تطاولا تشيب منه الولدان حرقة وغضبا وذلاً إلا شاهد على مدى ما لحق بالأمة جراء غياب الحكم بالاسلام. زهاء تسعة عقود يحيا من يحيا ويموت من يموت على ذل لا أذل منه في ظل تنحية الإسلام عن الحياة والمجتمع وفوق هذا لم يسلم الدين من الاهانة أمام مرأى ومسمع من المسلمين من غير رد يليق بالدين في حقه من أن لا ينال منه أو يتطاول عليه، لأن معنى الرد ان يعاقب أو يقطع دابر المسيء وان يصبح عبرة لمن يعتبر وكل هذا للأسف لم يحصل، ولن يتحقق أمل المسلمين في عودة دينهم واقعا في الحياة والعلاقات ورسالة تجوب القارات إلا بالخلافة، وهذا بإجماع الأدلة الشرعية والتاريخية والواقعية ؛
أما الشرعية فعَنْ ‏ ‏عَرْفَجَةَ ‏ ‏قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏يَقُولُ ‏: ( ‏مَنْ أَتَاكُمْ وَأَمْرُكُمْ جَمِيعٌ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ يُرِيدُ أَنْ ‏ ‏يَشُقَّ عَصَاكُمْ ‏ ‏أَوْ يُفَرِّقَ جَمَاعَتَكُمْ فَاقْتُلُوهُ) فلقد اعتبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن جماعة المسلمين وقوتهم وحياة دينهم وحياتهم أعزاء لا تكون إلا بإمامة وخلافة وفي الحديث الذي يرويه حذيفة بن اليمان عن الخير والشر قال: قُلْتُ فَمَا تَأْمُرُنِي إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ قَالَ " تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ ..." ولا خلاف بأن الخير لا يكون إلا بحفظ الدين وإعزازه وهذا ما أشار إليه الحديث في اللجوء إلى دار الإسلام؛ جماعة المسلمين وإمامهم.
والذي يؤكد ذلك تاريخيا وواقعيا وبشكل قطعي أن التفريط بالدين سواء بعدم تطبيق أحكامه أو بالتطاول عليه لم يكن يوما ودولة الخلافة موجودة وإن ما حصل ويحصل من تفريط ونيل من ديننا مرتبط بغياب الخلافة وغياب الحكم بما انزل الله. لقد مُزق الدين بعد هدم دولة الخلافة ابتدءا من تنحيته عن الحكم والقضاء والعقوبات على يد الخائن الأثيم مصطفى كمال ومرورا باستبدال الأحكام الوضعية بأحكام الإسلام في المحاكم وفي المعاملات والأنظمة فأصبحتَ ترى في أمهات مدن المسلمين الفجور والسفور واقتصر الدين على بعض المناسبات و الطقوس إنعاما في طمسه وإلغائه من الوجود! بل طعنا به، واقتصر على بعض الشعائر كي تتربى الأجيال على قصره واقتصاره عليها وحتى الصلاة في المساجد فهي في بعض أمهات عواصم المسلمين تخضع للهويات الممغنطة كما في تونس وفي البقية الباقية فان من يؤدي الصلاة مرارا وتكرارا فهو موضع تهمة ومحل شبهة.
لقد أهين الإسلام وتطاول عليه القاصي والداني ودخل التفنن في اهانتة سباقا بين من يسمون فنانين وأدباء بين شاتم ولاعن وراسم وافاك، كل هذا أمام أمة تعدادها البشري مليار ونصف مليار مسلم وتمتلك من المقدرات الاقتصادية ما يجعل العالم عالة عليها ومن الرجال والخبرات ما يطوع الجبابرة ولكن ما ينقص كل هذا خليفة يتقى به ويقاتل من ورائه يذود عن الدين ويحفظه ويعيد له موقعه الحقيقي رسالة خالدة ظاهرة على الدين كله.
ثانيا:إن أمل المسلمين في حفظ أنفسهم من القتل بل والحصد في حروب الاقتتال وحروب الاعتداء على الديار من قبل الكافرين كما في فلسطين والعراق وكشمير والشيشان والفلبين وأفغانستان والسودان والصومال وغيرها من ظلم الحكام في قتل من يقولون ربي الله يبرز حاجة الأمة للخلافة....إن كل هذا الاستنزاف للنفس البشرية المحرمة وإزهاق أرواح المسلمين وتهديد أمنهم في كل مكان في العالم لم يحصل إلا في فترة الضعف أو الجزر أو الغياب المطلق للخلافة الإسلامية ابتدءا من محاكم التفتيش ومرورا بمذابح فلسطين ولا تزال والبوسنة والهرسك والشيشان وكشمير ...الخ ولا تزال وستظل إلى ان تقوم الخلافة من جديد كي تعود حصنا وحفظا لأرواح المسلمين لان هذا هو عين ما حصل من دولة الإسلام في حفظ رعاياها في تطبيق أحكام القصاص بما يحفظ الأرواح ويحييها مصداقا لقوله عز وجل (ان لكم في القصاص حياة يا ألي الألباب)179 البقرة.و حيث كانت سيرتها التي سطرت أن أي اعتداء على النفس البريئة وقتلها هو قتل للناس جميعا، فتعود الخلافة لتقيم الحدود الزاجرة وتقطع اليد المتطاولة من قبل أي دولة أو كيان يعتدي أو تسول له نفسه بالاعتداء على أحد من المسلمين، فرسول الله صلى الله عليه وسلم أجلى يهود وقطع دابرهم عندما سولت لهم أنفسهم وحاولوا الاعتداء وكذلك فعل المعتصم وغيره من خلفاء المسلمين ما يدلل بأن حفظ النفس لا أمل بتحققه واقعا إلا بعودة الخلافة من جديد.
ثالثا: إن حفظ عقول أبناء المسلمين وتأمين حرز لها من أن تجتال عن الحق وتسخر كمعاول هدم يستعملها الكفار في المسلمين، لا أمل في تحققه واقعا إلا بالخلافة.
ففوق ما تحيطه دولة الخلافة في منهج التعليم القادر على إنجاب علماء أفذاذ وشخصيات إسلامية متزنة قادرة على فهم ما قبل الحياة وما بعدها و تنظيم علاقتها بما قبلها وما بعدها في اتزان ينقطع نظيره وفي سعادة لا توجد في الدنيا ما يدنو منها وفي كافة المجالات وفتح أبواب الإبداعات فوق هذا كله فإن دولة الخلافة القادمة والأمل الواعد هي على ثأر معلن مع الكافرين من يوم أن اغتالت الوعي الفكري والسياسي في الأمة وأحدثت فتنة في العقول جراء الغزو الفكري والتبشيري وإنشاء جمعيات تمعن في إثارة النعرات القومية والطائفية في حملة لتخريب عقول أبناء المسلمين حيث خربت بها ديارهم ولولا فترة الضعف التي كانت تعيشها الدولة الإسلامية لما حصل كل هذا الوضع الكارثي في عقول المسلمين وما هدد وجودهم على المسرح الدولي مما افقدهم صدارتهم، وأذلهم وحتى استغلهم كل ناعق ومتربص وكافر.
لقد أصبحت ترى من بين أبناء المسلمين من هم حيارى متخبطون كالسكارى يحملون عقيدة الإسلام ويذودون عن أفكار الكفر ويدعون لها في شتى المحافل وكافة المناسبات والانكى من ذلك كله أن تجد كثيرا ممن ينتسبون للعمل الإسلامي يتشدقون بالديمقراطية والحريات والواقعية والميكافيلية والشركات المساهمة والشراكة مع العلمانية والتحالف مع الاشتراكية تميعاً للدين وحيلولةً دون التمايز بل محاولة بائسة لتزويج الحق بالباطل، وتشدقا –بكل أسف- ببريق عيش الكافرين وتكريم البائسين القانطين من رحمة الله وفي ذلك تيئيس للمسلمين من عودتهم هداة مهديين وقادة للعالمين.
إن غربة الإسلام في دياره وبين أهله وحملة لوائه في سنين عجاف لم يسبق لها مثيل وتصلح لعوارها للتمثيل لم تكن إلا بهذه الهجمة الشرسة على عقول المسلمين حيث امتدت إلى مشاعرهم لتقضى على الحمية للدين والعرض وتذهب بالأنفة إلى الذل وتمحق الغيرة ويطرب للهزيمة ويفرح لقتل المسلم أخيه المسلم خدمة لعدوه. إن عودة شباب المسلمين إلى احتضان مبدئهم وحمل رسالتهم التي بها يتميزون، وبها ينعتقون من سلاسل التبعية والاستعباد للشرق والغرب ويعيدون سيرة البطولات ويجددون شخصيات الفاتحين والمحررين من الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان ممن نسج تاريخنا العريق الممتد بطول قرونه وشموخ عزه وعلو نهضته لن يعود الأبناء إلى حضن أمتهم ولن تقر بهم أعين أبائهم إلا إذا عادت لهم أمهم المرضعة الودود وهي دولة الخلافة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:( إنكم ستحرصون على الإمارة وستكون ندامة يوم القيامة فنعمت المرضعة وبئست الفاطمة ) رواه البخاري.. فالأمل معقود على الخلافة في بعث جيل جديد يعيد سيرة أجيال الصحابة والتابعين وتابعيهم ممن حملوا مشعل الهداية والنهضة والسعادة للبشرية جمعاء فهي المرضعة الحاضنة المربية.
رابعا: لا يحفظ الناس نسلهم ولا أمل لهم بذلك إلا بالخلافة، فحفظ النسل يكون بإشاعة العفة وأسبابها والقضاء على الرذيلة وقطع دابر من يشعل نار فتنها. نقول هذا وكلنا حرقة ومرارة من حال ما أوصلنا إليه من يتولون أمور العالم عامة ومن يحملون أنفسهم على رقاب المسلمين غصبا وقهرا فهم من يشيع الفواحش والرذيلة ويرعون المنكرات وأمهاتها ويشرعون القوانين لإفساد المرأة وتحطيم الأسرة وإلغاء القوامة الشرعية للرجل ، مما جعل النساء الفاضلات هن المترجلات، والراقيات هن الكاسيات العاريات، والمستقيمات هن المختلطات بالرجال الجريئات على الوقوع في الحرمات ...هكذا اعتدى الكافر ومن يأتمر بأمره ومن يشرع له ويسوق إماء المسلمين أمهات النشء تلك التربة التي تمتاز بخصائص نادرة هي حرث للإسلام ونسله والرحم المعطاءة للقادة العظماء، نعم هؤلاء هن أمهات الرجال ونواة الأسرة الصالحة فكم من مؤتمرات عقدت وكم من جمعيات أنشئت وكم من وسيلة ينفق عليها لسلب الحرث من عناصره الأصيلة ومعادنه النفيسة وحرف النسل بذلك عن فطرته الحقة القويمة ..؟؟؟ والذريعة القائمة دائما أن المرأة إنسان كالرجل لا يصح ان تذل وتهان أو تمتهن وتنزع كرامتها افتراءا على الإسلام وطعنا في الدين وليس المقام هنا مقام نفي واثبات وحجة ومحاجة بل المقام هو ان نظهر للعيان وللأشهاد ان من هم وراء هذه الدعوات هم أعداؤنا ومن في خنادقهم من حكام وحركات ومفكرين وإعلاميين وحركات وجمعيات ولولا ما يغتصبونه من مكنة وسلطان لما ظهرت كلمتهم ولما نعق لهم ناعق سيما وان المسلمين وبحمد الله كلهم أمواج عاتية ضد ما يكيده الكفار وأذنابهم ضد المرأة والأسرة والنسل والذرية والنشا وكلهم أمل وتوق إلى ان يعود أب العيال وحافظ الأسرة وحامي المرأة وعاصمها من ان ينظر لها احد أو ان يمس لها طرف وهوعاصمها معتصمها خليفتها ومن على شاكلته ، فكلٌ يعمل على شاكلته وان العاقبة للمتقين .
إن ثورة الفساد عبر الفضائيات والاتصالات والشبكة العنكبوتية تلك الساحة الفاتنة والهالة الإعلامية جلها أو كلها مسخرة لإشاعة الفاحشة وهدم الأسرة واستساغة الرذيلة وهذا هو الهلاك المحقق بعينه وهو الهبوط بالبشرية إلى أرذل دركات الحيوان، والحق والحقيقة أن لا أمل للنسل بالحفظ ولن يقضى على الفساد ولن تقطع الرذيلة وتحصن الأسرة إلا بالعودة لأسبابها والأخذ بتلابيبها ومركزها دولة الخلافة ودار الإسلام دار العفة والأمان والحرز من الشيطان.
خامسا: أمل المسلمين في حفظ أموالهم بل واستردادها ابتداء لن يكون إلا بالخلافة. ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (من بات آمنا في سربه معافى في جسده عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها) ، نتحدث اليوم ونحن نقرأ واقعنا المرير ونستشرف مستقبلنا الزاهر الموعود بالخلافة والخير من رب العالمين ونحن أمة تعدادها زهاء مليار ونصف وقد امتدت حدود دار إسلامها يوم ان كانت دولة الخلافة راعية الحمى ومرضعة السخاء، قد امتدت رقعتها على بقعة من الأرض هي مركزها وهي وسطها ومجمع خيراتها وأغناها من غير منازع، وفوق هذا فإن الناس عالة على خيرات المسلمين يطمعون بها ويستعمرون بلادهم لأجلها ولم يكن للكافرين صول ولا وطول فيها إلا بعد ان هدمت دولتهم واستبيحت بذلك حياضهم فنهبت أموالهم واحتلت بلادهم استعملوا عليها خداما للكفار جعلوا المسلمين فقراء وهم الأغنياء، عالة وهم المعيلون، عبيدا في أموالهم وهم الأسياد طوال مدة وجود دولتهم. كيف لا واضرب مثالا واحدا فقط صغيراً في حجمه أعظم من السماوات والأرض في حجته وهو أن خليفة المسلمين وأبو عيالهم والمسئول الأول عن أموالهم ومليارات ملياراتهم لا يأخذ منها إلا ما يغنيه عن السؤال فقط فراتبه هو من متوسط رواتب الرعية وعيون المسلمين ترقبه فهو ولي أمرهم ولكن ليس له من دونهم ان يمتلك ضياعا ومصانع ومتاجر وشركات لأنه لا يسمح له ان يزيد راتبه عن مأكله وملبسه ومسكنه وعياله وبعض حاجياته فهو اقرب على الفقر منه على اقل الأثرياء. وان ظهر عليه شيء من الثراء تحاسبه الأمة من أين لك هذا..؟ فلا يهدى له ولا يضع يده على ما يحلو له من المال أو كيفما اتفق، فهو والولاة والعمال وكل صاحب صلاحية لا يهدى له ولا يقبل الهدية وهو في منصبه بل يأخذ ما يغنيه عن المسالة. ولا أدل على ذلك مما حصل مع ابن اللتبية. عنْ ‏ ‏أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ ‏ ‏قَالَ ":‏اسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏رَجُلًا عَلَى صَدَقَاتِ ‏ ‏بَنِي سُلَيْمٍ ‏ ‏يُدْعَى ‏ ‏ابْنَ الْلَّتَبِيَّةِ ‏ ‏فَلَمَّا جَاءَ حَاسَبَهُ قَالَ هَذَا مَالُكُمْ وَهَذَا هَدِيَّةٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏فَهَلَّا جَلَسْتَ فِي بَيْتِ أَبِيكَ وَأُمِّكَ حَتَّى تَأْتِيَكَ هَدِيَّتُكَ إِنْ كُنْتَ صَادِقًا ثُمَّ خَطَبَنَا فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أَسْتَعْمِلُ الرَّجُلَ مِنْكُمْ عَلَى الْعَمَلِ مِمَّا وَلَّانِي اللَّهُ فَيَأْتِي فَيَقُولُ هَذَا مَالُكُمْ وَهَذَا هَدِيَّةٌ أُهْدِيَتْ لِي أَفَلَا جَلَسَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ حَتَّى تَأْتِيَهُ هَدِيَّتُهُ وَاللَّهِ لَا يَأْخُذُ أَحَدٌ مِنْكُمْ شَيْئًا بِغَيْرِ حَقِّهِ إِلَّا لَقِيَ اللَّهَ يَحْمِلُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَلَأَعْرِفَنَّ أَحَدًا مِنْكُمْ لَقِيَ اللَّهَ يَحْمِلُ بَعِيرًا لَهُ رُغَاءٌ أَوْ بَقَرَةً لَهَا خُوَارٌ أَوْ شَاةً تَيْعَرُ ثُمَّ رَفَعَ يَدَهُ حَتَّى رُئِيَ بَيَاضُ إِبْطِهِ يَقُولُ اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ بَصْرَ عَيْنِي وَسَمْعَ أُذُنِي". نعم إذا كان هذا هو حال من هم مظنة نهب ثروات الأمة وحصر ثرواتها فيهم وفي ذويهم وذريتهم ومعارفهم إضافة إلى الامتيازات التجارية والصناعية والاستيراد والتوريد والاقتطاع وغيرها.
هذا إضافة إلى سياسة الإسلام في الاقتصاد والتي تقوم على تأمين الحاجات الأساسية لكل فرد من أفراد الرعية وتمكينه من تحصيل حاجاته الكمالية وجوبا على الدولة، ومنع تداول الأموال بين الأغنياء وحصره فيهم دون الرعية، كل هذا إضافة إلى ما توزعه الدولة سنويا من العطايا وغيره مما يكون من حسن التواصل بين الدولة و الرعية إضافة إلى منع المكوس وكف أذى الضرائب وبطش نارها مما يعيشه المسلمون والعالم اليوم من أصناف شتى من الضرائب ما يفقر الأغنياء ويعدم الفقراء ويقهر الناس ويجبرهم على مر السجن أو النفي أو ذل الفقر يفني الواحد نفسه يلهث وراء الرغيف لا يعلم إلا الله كم من مراحل الذل والمرارة والقهر حتى يدركه وقد يدركه الموت قبل ذلك! حتى أصبح الأحياء يمرون على من في القبور يقولون لهم ليتنا مكانكم فبطن الأرض خير من ظهرها!!
ان ثروات المسلمين من نفط ومعادن وثروات حيوانية وزراعية وتجارية ، وتربعهم على أهم الممرات والمضائق في العالم، والثروة البشرية وحشود العلماء كل هذا يشكل في مجموعه عجبا عجابا يؤهل المسلمين كدولة وأمة ليتسنموا ذرى المجد، فالثورة الصناعية في مكنتهم وهي من اليسر أيسره، ولولا ما تعانيه الأمة من ضياع الخلافة لقفزت البشرية ماديا وتقنيا وتكنولوجيا وصحيا واقتصاديا مئات الأضعاف مما هي عليه اليوم ، فالقضية هي ليست حفظ المال بل من سيحفظه ومن سيدبر أمره، فلو كان للمسلمين دولة خلافة لما نهبت أمولهم ولما استنزف نفطهم ومعادنهم ولما تربع عليها عدوها يستخرجها وينهبها إمام ناظرهم وليذيقهم بها الذل والهوان.
ولو كان للمسلمين دولة خلافة لما حصل كل هذا ولما احتلت درة بلادهم وممراتهم ومضائقهم، ولو كانت للمسلمين دولة خلافة لما تخطف علماؤهم ولما ذبحوا بسبب علمهم ذبح النعاج في العراق وغيره، ولما تخلفت زراعة سودانهم وشامهم، ولما نهبت تجارة نجدهم وحاجزهم، ولما أعيا الفقر مصرهم وأذل صومالهم، ولما كتب التاريخ عيش أبنائهم في القبور والمراحيض في مغربهم، أو في قوارب في النيل تحملهم هروبا مما يصطلي به من على الأرض من ساكنيها.،
إننا فقراء ليس من قلة بل نحن أغنياء بما حبانا الله وديارنا من ثروات اغتصبت من أيدينا، فأصبحنا عالة ونحن أبناء المعيلين الأكرمين ولكن قد اغتيلت كرامتنا وفقدنا قوامتنا ولا أمل لنا في عودتنا لرحالنا معيلين كرماء أيدينا هي العليا إلا إذا عزمنا أمرنا ووحدنا إرادتنا وأقمنا دولتنا فنحن اليوم في اشد الحاجة لها من أي وقت مضى، فقد والله ضاقت على المسلمين معيشتهم وأهينت مقدساتهم ودينهم واعتدي على شرفهم وسلبت عقول أبنائهم يستغلها أعداؤهم في شره ضدهم، وهم فلذات الأكباد، وفقد المسلمون أمنهم وعم القتل والترويع كافة بلادهم فأين من يقول والله لن تروع بكافر أو ظالم بعد اليوم مسلمة؟ وقد –والله- فقد المسلمون أموالهم وأرضهم ومكامن قوتهم من مواقعهم!! فما لهم والله الذي لا يحلف إلا به إلا ان يتشبثوا بضالتهم في كل هذه الحاجيات الضروريات ألا وهي دولة الخلافة بطريقة الوصول إليها وهي واضحة المعالم مستقيمة الخط موصلة إلى الهدف معلومة القادة، وهم منكم وانتم منهم تعرفونهم بسيماهم فكرهم المستنير تصدقهم لهجتهم وتميزهم في الحق جرأتهم وصراحتهم، وآية ذلك ثباتهم وتفانيهم برغم ما بدل المبدلون وزلت أقدام بعد ثبوتها ممن اخذوا على عاتقهم حمل بعض قضايا المسلمين، وقد امتدت دعوتهم بتوفيق الله من أقصى بلاد المسلمين تعبر بلادهم وتستقر من الأفئدة فيهم إلى أقصاها، وقد صنعوا رأيا عام عن وعي عام بعد ان وحدوا هدف الأمة وأوصلوها إلى ضالتها حتى أيقن المسلمون أن كل آمالهم بحفظ دينهم وعزه وحفظ أنفسهم وحرمة دمائهم والذود عن حياضهم وعودة عقول أبنائهم لتصنع مجدهم من جديد وسبيل اعمار الكون بأموالهم وصناعاتهم واختراعاتهم لن يكون إلا بها وحدها وهي دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة. وآخر الكلام وآخر الخنادق التي يقف عليها حملة لواء الخلافة في المسلمين بهم ومعهم لإعلانها اليوم هي أبواب وعقول وقلوب أبنائهم من أهل القوة والمنعة في جيوش المسلمين وأهل الرأي والوجاهة والتأثير وأي مظنة للوصول لهم قائلين:
يا ضباط وأركان وألوية جيوش المسلمين وكل من أدلى لهم بسبب أو اثر عليهم ولو بشطر كلمة: إن ما على أديم الأرض مما خلقه الله وأظلته السماء يقف شاخصا يرقب الخلافة ويسألكم سلطانها فاشتاقت الأرض ومن عليها لحكم ربها وحق لها، وهي تهتف بكم وتناديكم لحدّ يقام عليها خير من أن تمطر أربعين خريفا!، فعيش المسلمين والعالم هو اشد من الموت عطشا والفناء طيلة أربعين عاما. وان الحياة يا ابنانا في من أهل القوة والمنعة من جيوش المسلمين بأطول الأعمار واقصرها لهي لحظة تطيعون فيها فتعطون القوة والنصرة والسلطان لتقوم بها الخلافة فتسعدوا وتسعدوا وتغيروا مجرى العالم وتفوزون بما يستحق أغلى من أرواحكم ومهجكم عليكم وهو حكم الله في أرضه وتعبيد الناس لربهم. أو لحظة المعصية والتخندق في خنادق أعدائكم والتسربل بلباس الشيطان وبما يوجب لعنات المسلمين ودعوتهم عليكم بالليل والنهار والحل والترحال وبتعاقب العقود والقرون والعصور ان ضيعكم الله كما ضيعتمونا. فقفوا عند أماناتكم وابكوا على ما فاتكم وعلى خطاياكم، وبدلوا سيئاتكم بالحسنات ولتنعم بعد أمتكم بالفضل والكرامة بعد الضيق والشح والهلاك، ألا تحبون ان يغفر الله لكم ألا تستجيبون لصرخات الصبايا اليتم ألم تلامس أسماعكم؟ فمتى تصيبكم نخوة المعتصم؟! واعلموا ان من سمع مسلما ينادي يا للمسلمين ولم يجبه فليس بمسلم بل وليس بإنسان فكم من ملهوف عينه عليكم؟ وكم من هالك بسبب تأخركم؟ وكم من فقير يستصرخكم؟ وكم من مظلوم يدعو؟ وكم وكم وكم؟ ..ألا تريدون ان يأتي زمان تستشرفونه بأيديكم وتدفعون للوصول إليه بأرواحكم ورتبكم وأموالكم رخيصة لقائه؟، ذلك الزمان الذي هو أمل كل مسبح بحمد ربه القائل فيه صلى الله عليه وسلم (ثم تكون خلافة راشدة على منهاج النبوة فلا تبقي السماء من قطرها إلا وأنزلته ولا تبقي ارض من خيراتها إلا وأخرجته ثم يلقي الإسلام يجرانه في الأرض)
10/5/2010م سعيد الأسعد-فلسطين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق