السبت، 7 مارس 2009

الإرهاب مفهومٌ مضلل ضد الإسلام و حملته

بسم الله الرحمن الرحيم
الإرهاب مفهومٌ مضلل ضد الإسلام و حملته

الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده و على آله و صحابته و من تبعهم، اللهم و جعلنا ممن تبعهم، و بعد:
أيها الأخوة إننا نؤمن يقيناً بأن الله هو أصدق القائلين و أن قوله الحق، و أنه قد حذرنا ملة من الكفر تحذيراً يوجب الحيطة، وجوباً يديم اليقظة و يشد العزيمة للرد على كيد الكافرين لحراسة هذا الدين و أهله، يقول الله عز و جل } وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا ْ{ فهذه هي الحقيقة، فالكفار لا يعترضون على غزونا لعقر دارهم حاملين لهم الإسلام رسالة خير فحسب، و لا يعترضون على أن نطبق أحكام الإسلام على أنفسنا فحسب، بل غاية مكرهم هي أن ترتد أمة الإسلام بجملتها عن الإسلام، قال الله عز و جل } وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ْ{ْ إننا نقرأ آيات الله تترى و هي تحذرنا و تشد ذاكرتنا على مكرهم و تربصهم بالإسلام و أهله، حيث قال عز وجل } وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ْ{ ْ و قال } وَقَدْ مَكَرُواْ مَكْرَهُمْ وَعِندَ اللّهِ مَكْرُهُمْ وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ ْ{ْ و قد نطق التاريخ كما الحاضر الأليم عن دفع أمة الإسلام أثماناً باهظة بدمائها و مهج أرواح أبنائها و أعراضهم، بدءاً باعتدائهم على شخص الرسول الكريم r و مروراً بإيجاد رأي عام ضد دعوة الإسلام فقد ادعوا بأن الرسول ساحر و كاهن و شاعر و أجمعوا زوراً على أنه يفرق بين المرء و زوجه و أجمعوا على وصفه و صحابته بأنهم صابئة و بعدها عملوا على تأليب الرأي العام ضد الدولة و جيوشها و ضد الجهاد تارةً باستحلال الدم في الأشهر الحرم، و تارةً بأنه همجية و اعتداء على الغير و الآن يخرجون علينا بفرية الإرهاب و التطرف ليحولوا بين الإسلام و التطبيق و بين الأمة و النهوض و لكي يحولوا بين العالم و التحرر من الرأسمالية البغيضة اللعينة، و مثاله ما تحيكه دول الكفر الآن، أمريكا و بريطانيا و فرنسا.



و من أجل وضع النقاط على الحروف و من أجل أن نقوم بواجبنا يقظة و حيطة لنردع كيدهم إلى نحورهم و لنجعل الرأي العالمي سلاحاً مسلطاً على رقابهم ما أمكن و من أجل أن ندينهم و نفضح تضليلهم و لأجل أن نري العالم عدالة مسعانا و قضايانا، و لنصنع رأياً عاماً ضد إرهابهم و نرميهم عن قوس واحد كما رمونا، نقول و بالله التوفيق:

إن الإرهاب لغة: مصدر مشتق من الفعل (أرهبَ) بمعنى خاف أو فزع. قال تعالى } تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ ْ{ ْ أي تخيفون به العدو. إلا أن هذا المعنى تم صرفه إلى معنى اصطلاحي جديد، فقد اتفقت كل من الاستخبارات الأمريكية و البريطانية في ندوة عقدت لهذا الغرض عام 1979 م على أن الإرهاب هو (استعمال العنف ضد أهداف دولية لتحقيق أهداف سياسية ). و بعدها تم عقد كثير من المؤتمرات و الندوات الدولية، و سنت تشريعات و قوانين، لتحديد الأعمال التي يمكن وصفها بالإرهاب، و تعيين الدول التي تدعم الإرهاب، و ذلك –على حد زعمهم- من أجل اتخاذ الإجراءات اللازمة لمكافحة الإرهاب و للحد منه.

و يتضح من مجمل القوانين و التشريعات المتعلقة بالإرهاب أنها غير دقيقة، و أنها تخضع للاتجاهات السياسية لدى الدول التي سنت هذه القوانين و التشريعات، فعلى سبيل المثال نرى أن أمريكا اعتبرت اغتيال الملك فيصل و مقتل كينيدي ليسا إرهاباً و وصفت تفجير مبنى مكتب التحقيقات الفيدرالي في أوكلاهوما أول الأمر أنه عمل إرهابي و عندما تبين أن الذين وقفوا وراء تفجيره من الميلشيات الأمريكية تحول وصف العمل من عمل إرهابي إلى مجرد عمل إجرامي.

فأمريكا على وجه الخصوص، تصف بعض الحركات بأنها حركات مقاومة شعبية، مثل حركة ثوار "نيكاراغوا" و جيش التحرير الايرلندي، و جيش التحرير الشعبي السوداني و غيرها. و تعتبر هؤلاء في حال اعتقالهم أسرى حرب، حسب بروتوكولات (1) لعام 1977 الملحق باتفاق جنيف، بينما تصف كل حركة تتعرض لمصالح أمريكا، أو مصالح عملاء أمريكا، بأنها حركة إرهابية، و تضع اسمها على قائمة المنظمات الإرهابية، التي تصدرها وزارة الخارجية الأمريكية بشكل دوري، كمعظم الحركات الإسلامية، في مصر و باكستان و فلسطين و الجزائر و غيرها، و كانت أمريكا قد قررت منذ السبعينات أن توجد رأياً عاماً عالمياً و محلياً ضد الإرهاب كما تراه، و ضد من يتصف بالإرهاب، و قد استغلت الأعمال التي تعرضت لأهداف مدنية، سواء أصدرت هذه الأعمال من حركات سياسية أو عسكرية غير المرتبطة بأمريكا، أو صدرت من حركات مرتبطة بالاستخبارات المركزية لأمريكا، حيث دلت كثير من التقارير على أن بعض الأعمال التي وصفت بأنها إرهابية قد كان وراءها رجال الاستخبارات المركزية الأمريكية، كاختطاف طائرة تي دبليو إيه في بيروت بداية الثمانينيات.... و استغلت أمريكا تفجير قاعدة الخبر الأمريكية في السعودية، ففرضت (40) توصية لمكافحة الإرهاب على مؤتمر الدول الصناعية السبع الذي عقد في فرنسا عام 1996 م، ثم استغلت حادث تفجير مركز التجارة العالمي في نيويورك، و مكتب التحقيقات الفيدرالي، قبل معرفة الفاعلين، لاستصدار قانون مكافحة الإرهاب، الذي صادق عليه مجلس الشيوخ الأمريكي عام 1997م. و بموجب هذه التوصيات و هذا القانون تتمكن أمريكا من ملاحقة أي شخص يتهم بالإرهاب في أي مكان و لها الحق باعتقاله أو خطفه أو إنزال العقوبة التي تراها بحقه كالسجن أو مصادرة و سحب الإقامة أو الجنسية و ذلك دون إعطاء المتهم بالحق بالدفاع عن نفسه أو المثول أمام محكمة مدنية أو هيئة محلفين، كما أن أمريكا عمدت إلى تعميم صيغة الإرهاب على بعض الدول التي تتعرض لمصالح أمريكا مثل كوريا و الصين و العراق سابقاً و ليبيا و على كثيرٍ من الحركات الإسلامية مثل الجهاد و حماس و الجماعة الإسلامية في مصر و جبهة الإنقاذ في الجزائر مستغلةً بذلك التفجيرات التي حصلت في فلسطين ضد اليهود و الأعمال التي حصلت في الجزائر عشية إلغاء العسكريين للانتخابات النيابية و بموجب هذه القوانين و القرارات و التوصيات تستطيع أمريكا ملاحقة و ضرب كل من تصفه بالإرهاب سواء أكان فرداً أو منظمة أو حزباً أو دولةً، مستعملةً قواها العسكرية أو نفوذها السياسي بفرض الحصار الاقتصادي كما فعلت في العراق و ليبيا في المرة الأولى و قد عبر وزير خارجيتها الأسبق شولتز حيث قال ( إن الإرهابيين مهما حاولوا الفرار فلن يتمكنوا من الاختباء ).
و بذلك يكون قانون الإرهاب الذي تبنته أمريكا أحد الأسلحة الإستراتيجية التي تستعملها لإحكام قبضتها على العالم خاصة على الجزء الذي فيه قابلية التمرد على السياسة الأمريكية و بما أن الإسلام قد جعلته أمريكا عدواً لها بإعلانها الحرب الصليبية من جديد، فإن البلاد الإسلامية من أهم المناطق التي تستعمل فيها أمريكا قانون الإرهاب لزيادة نفوذها فيها و لإبقائها تحت السيطرة و ذلك لأن المسلمين بدأوا يتحسسون طريق النهضة لإعادة دولة الخلافة التي تدرك أمريكا و غيرها من دول الكفر أنها الدولة الوحيدة القادرة على تحطيم المبدأ الرأسمالي الذي تتزعمه أمريكا، لذلك لا تكاد توجد حركة إسلامية اليوم و إلا فيها قابلية أن توصف بالإرهاب من قبل أمريكا و لا يسلم من هذا الوصف الحركات و الأحزاب السياسية التي لا تستعمل الأعمال المادية لتحقيق أهدافها، فأمريكا تعتبر كل حركة أو حزب أو دولة تنادي بعودة الإسلام عملاً إرهابياً يخالف القانون الدولي و بالتالي تستطيع بهذا المبرر و بما ألزمت به الدول الموقعة على قانون الإرهاب أن تحشد قوى هذه الدول بزعامتها لضرب هذه الحركة أو هذا الحزب أو هذه الدولة.

لقد استغلت أمريكا أحداث الحادي عشر من سبتمبر استغلالاً دنيئاً شكل إهانةً و تطاولاً لافتاً على العالم بشكل فاضح حيث قسمت العالم –و كأنه مزرعة حيوانات أو أقل- باستخفاف و استحقار للبشر ، قسمت العالم إلى قسمين : من لم يكن معها فهو ضدها في سابقة خطيرة تطاولت فيها على هيبة و كرامة كل دولة سمعت بذلك و قد أتبعت القول بالفعل حيث بدأت إنزال جامّ غضبها على شعوب العالم الإسلامي في مسعىً منها لإثبات أنها إله للعالم يجب أن يطاع فأشعلت ملحمة في أفغانستان بحجج لهي أتفه منها و بترسانة عسكرية و بإرهاب عالمي لم يسبق له مثيل ، تهدم البيوت البسيطة و المستشفيات ، تستهدف المدنيين قبل المقاتلين و حتى المرضى و الأسرى في السجون على مرأى و مسمع من العالم و بأعتى قوة عسكرية ، و كذلك في العراق فقد قامت معلنة أنها تقوم بإرهاب دولي مكشوف و بكل صراحة في القول و الفعل حيث أعلنوها قائلين بأن حربهم تقوم على الصدمة و الترويع و ما حدث في سجن أبو غريب و غيره الكثير و ما خفي و لم يكشفوه لهو أعظم و ما هو عن نظر العالم ببعيد خير شاهد على ما نقول.

أين هذا الإرهاب و الترويع من قول ربعي بن عامر لقادة جيوش الفرس نعم لقادة الجيوش المقاتلة قبل المدنيين الآمنيين ( لقد ابتعثنا الله لنخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد و من جور الأديان إلى عدل الإسلام و من ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا و الآخرة ). لقد انكشف سحر أمريكا و كل من حالفها و بطل و أصبح المبدأ الرأسمالي مكشوفاً شره و فساده و ما على العاملين المخلصين و من ورائهم أمة الإسلام إلا أن يستمروا بضرباتهم و في صراعهم الفكري الحضاري لهؤلاء حتى يظل الرأي العام العالمي يزداد احتقاناً عليهم و استحقاراً لإرهابهم و ليدرك العالم أجمع أن كل يوم يمر يكون الناس أشد حاجة للإسلام و دولته و حتى لا تكون فتنة و يكون الدين كله لله.

و من هنا و المسلمون يعملون لإقامة الخلافة قد أصبح لزاماً عليهم بوصفهم هدفاً مباشراً لسياسة ما يُدعى بمقاومة الإرهاب أن يكشفوا للرأي العام الإسلامي و العالمي حقيقة ما يسمى قانون الإرهاب و حقيقة السياسة الأمريكية التي تعمل للهيمنة على العالم من خلال هذا القانون و أن أمريكا هي التي كانت وراء الكثير من الأعمال الإرهابية في العالم و إن نسبت إلى أسماء مسلمين، و على المسلمين أيضاً إن يكونوا إسلاماً في أعمالهم و تصرفاتهم فللإسلام طريقة خاصة في تحقيق الأهداف و الغايات و منها حمل الدعوة لاستئناف الحياة الإسلامية بإعادة دولة الخلافة و الالتزام بهذه الطريقة التي تعتمد الصراع الفكري و الكفاح السياسي و تستبعد الأعمال المادية و الالتزام هو الالتزام بالطريقة الشرعية التي طلبها الإسلام و ليس خوفاً أو هرباً من الوصف بالإرهاب و عليهم أن يبينوا أن عمل الدولة الإسلامية بعد قيامها مقيد بالشرع سواءً أكان في الداخل كرعاية الشؤون و تنفيذ الحدود أو في الخارج كحمل الدعوة بالجهاد إلى كافة الناس و تحطيم الحواجز المادية التي تعترض تطبيق الإسلام ثم بيان أن تطبيق الإسلام من قبل المسلمين على أنفسهم أو على غيرهم ليس بناءً على هوىً في نفوس المسلمين أو لتحقيق مصالح خاصة لهم و إنما هو امتثال لأوامر الله تعالى الذي خلق الكون و الإنسان و الحياة و طلب من الإنسان أن ينظم حياته بأحكام الإسلام الذي أنزله على محمد. فوصف أمريكا و غيرها الإسلام بالإرهاب و المسلمين بالإرهابيين وصف مغرض و هو مخالف للواقع و مخالف لما أراده الله من الإسلام، قال تعالى } وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ْ{ قال تعالى } وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ْ{ ْ و هذه الرحمة تتمثل بتنفيذ أحكام الإسلام لا فرق بين الصلاة و الجهاد و لا بين الدعاء و إرهاب العدو و لا فرق بين الزكاة وقطع يد السارق و لا بين إغاثة الملهوفين و قتل المعتدين على حرمات المسلمين فكلها لها أحكام شرعية ينفذ المسلم أو الدولة كل منها على واقعه و في وقته.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق