السبت، 7 مارس 2009

حقيقة أعمال المقاومة وموقعها من الأعمال الضخمة لمشروع التغيير الكبير

بسم الله الرحمن الرحيم
حقيقة أعمال المقاومة وموقعها من الأعمال الضخمة لمشروع التغيير الكبير

إن الحقيقة الغائبة أو التي أريد لها أن تطمس وتغيب هي إن ما تعانيه أمة الإسلام من إحتلالات عسكرية في كثير من البلاد إنما هي ثمرة أو قل عرض لما تعانيه من إحتلالات فكرية وثقافية وسياسية واقتصادية في كل بلادها دون استثناء وهذا وكله كان ثمرة جهود مضنية جبارة طيلة عشرات العقود واصل بها مفكرو الكافر المستعمر وأحزابهم وحملاتهم التبشيرية والفكرية والسياسية وباستخدام أبناء من المسلمين ضبعوا بثقافتهم في الفترة الأشد من الضعف الفكري الذي عانت منه أمة الإسلام فوصلوا ليلهم بنهارهم لينالوا من عنوان هذه الأمة وعزها وشرفها ويستأصلا شافتها وذلك بقضائهم على سبب وحدتها وقوتها بالقضاء على دولة الخلافة.



لقد عانى الكفار طويلا وسهروا ليالي طويلة قبل أن يدركوا السر الحقيقي والوحيد وراء غلبة هذه الأمة ردحاً طويلا من الزمن سيما بعد محاولات النيل منها عسكريا وبالحملات الصليبية المتوالية وكذلك الحملات المغولية والتي وصلت ذروتها باحتلال بغداد عاصمة الخلافة إلا أن الواقع العملي والتجارب المريرة الطويلة أوصلتهم إلى حقيقة أن هناك ماردا عظيما يكمن في هذه الأمة سرعان ما يقيلها من عثرتها لتعود أقوى من ذي قبل تصرع عدوها ليتقهقر طريدا هزيلا مهانا بما تبقى له من نزر يسير من رجالاته وبقية من جيوشه التي التحق سوادها الأعظم بالأمة التي أريد لها أن تفنى فإذا بها تزداد حيوية وعزة ونصرا نعم هذا هو السر لذلك أيقنت ملة الكفر انه لابد أن تقتل هذا المارد العظيم وهو الإسلام كفكرة وثقافة وحضارة وحكم وسياسة ورابطة وقيادة فكرية باعتبارها الروح لسعادة البشرية بطريقتها التي من جنس فكرتها والتي لوحظ أنها امتلكت على أمة الإسلام عقلها ونفسها لتحيا من اجلها تبذل خيرة أبنائها وأموالها رخيصة في سبيلها إعلاء لكلمة الله.

لقد أصيب المسلمين بمقتلين اثنين جرّاء غزوهم فكريا وسياسيا واقتصاديا حتى تقادم عليهم العهد خلال عشرات السنين حتى اختلفت عقلية حكمهم على الأحداث واختلط سلوكهم اختلاطا افقده الخضوع الصحيح للقيادة الفكرية الإسلامية والمقتلان هما أولا إعتياد الالتزام المجزوء بشيء قليل من أحكام الإسلام وخصوصا على مستوى الأمة بأفرادها وحركاتها التزاما لا يشمل بالطبع الدول القائمة لكونها تقوم عماله على الحكم بغير ما انزل الله و كإفراز لما آلت له ظروف غلبة الكفر على المسلمين نعم لقد أضحى الفرد يرى أن التزامه ببعض العبادات و الأخلاق وبعض الأمور الشخصية فحسب هو الذي يقوده إلى بلوغ رضوان الله والجنة كذلك الحركات فأصبحت ترى أن مجرد قيامها ببعض أحكام الفضائل أو المقاومة هنا أو هناك هي وحدها إحياء للإسلام كمبدأ ورسالة، مما أدى لما أريد له أن يؤدي وهو التفكير والسلوك على أسس غير شرعية في جل مجالات الحياة فلا يرى المرء خروج النساء كاسيات عاريات في أمهات مدن المسلمين خروج عن قواعد الحياة وحيث أصبح الاختلاط في كافة مجالات الحيات العامة بين الرجال والنساء طبيعيا والتشدق والمناداة بالحريات الفاجرة والديموقراطية الخربة على منابر رسول الله وبصوت الإسلام الذي يعلو ولا يعلى طبيعيا وأصبح اللهث وراء زخرف الحياة الدنيا بالليل والنهار كجهاد اكبر أصالة وان الغنى والفقر والعلم والشهادات هي مقياس الاحترام اجتماعياً والعيش الفردي مقدسا والأنانية نموذجا والأخوة و الجماعة مهلكة والكفاح السياسي والسياسة ُسبة وكأني بالإسلام قد ظهر في أول دولة على يد المصطفى صلى الله عليه واله وسلم وصحابته الكرام الأطهار بغير عمل سياسي مرير وبغير صراع فكري طويل وكان وصول الإسلام مسافات طويلة يطوي أعراقا وأعرافا واديانا يصهرها في بوتقة واحدة بغير جماعة الدولة صراعا فكريا ودمويا .و عليه فإن من اشد الأخطاء التي وقع فيها المسلمون أفرادا وحركات أخذا للإسلام مجزوء هي النظرة لأعمال المقاومة على اعتبار أنها قيام بأحكام الجهاد كله حيث أصبح يرى الاعتماد على إعمال المقاومة على أنها الكفيلة بتحرير البلاد وإصلاح الأوضاع برمتها وبناء المجتمع الإسلامي بل وهي جهة صالحة لإقامة الحدود وغير ذلك في خلط كبير لا يؤدي إلى أن يعبد الله في الأرض على نحو يرضيه عز وجل القائل ( وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ )

إن الإسلام كمبدأ كامل متكامل فيه حل لمشاكل الحياة معالجة كفيلة أن تسعد البشرية جمعاء فالإسلام كما يوجب أن تكون الفكرة فكرته يوجب أن تكون الطريقة طريقته و أن يكون الربط بينهما ربطا تشريعيا وفق أحكامه وكما يوجب كل هذا فانه يوجب وجوبا حتميا أن يؤخذ كاملا غير منقوص وان يؤخذ في ذات الوقت أخذا دفعة واحدة من غير تدرج مصداقا لقوله عز وجل (أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ)وفي مقام آخر اعتبر الإسلام الحكم المجزوء فتنة وخروجا عن سبيله عز وجل حيث قال (وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ) وفي موضع آخر اعتبره إعراضا مسببا لحياة الضنك و محشرا شنيعا بعمى حيث قال(وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى) والرضا بالحكم بالإسلام مجزوءً والسير على شيء منه وترك شيء ولو بسيط من أحكامه هو إعراض سافر عن الجزء الآخر ويستوي في ذلك الخلط في ربط طريقة من طرق الإسلام في أداء أحكامه أو حتى ربطا مجزوءا وحتى لو كان عن جهل لان من عبد الله على جهل فكأنما عصاه لذلك نقول للمسلمين أفرادا وحركات أن يعضوا على الإسلام فكرة وطريقة وربطا شرعيا بينهما بالنواجذ وأخذه كاملا جملة واحة غير منقوص كما أراد الله لكي يعالجوا هذا المقتل و يبرؤوا منه بإذن الله.

وأما المقتل الثاني فهو في النظرة إلى القضايا فان فقدان المسلمين لمركز قرارهم وسر وحدتهم ومجمع قوتهم وبؤرة إرادتهم ومرضعتهم خلافتهم أصبحوا شذر مذر فتعددت قراراتهم إن بقى لهم قرار وتمزقت بلادهم وتفككت رابطتهم وأضحوا يحاولون رد الضيم عن أنفسهم دون جدوى تمر عليهم السنون والعقود كلما حاولوا أن يخرجوا من فتنة ادخلوا بألعن منها وذلك بسبب نظرتهم إلى قضاياهم من منطلقات قومية ووطنية تأثرا بما آل إليه حالهم من ضيق في النظر وانحطاط بالرأي فعلى سبيل المثال فان قضية فلسطين قد تحولت بفعل النظرة القومية من قضية المسلمين إلى قضية العرب وبعدها أصبحت قضية الفلسطينيين بعد التأثر بالمنظار الوطني وأخذت منظمة التحرير تكرس هذه النظرة ولتصفية القضية على هذا الأساس المسخ حيث مزقت القضية من كامل التراب المبارك إلى فلسطين 48 وغير اسمها بإقرار واعتراف المنظمة باسم(إسرائيل) و فلسطين غزة و فلسطين الضفة يقتطع منها ما يسمى بالمستوطنات الكبرى يلحق بما يسمى اسرائيل نعم هكذا يكتب التاريخ بكل نزاهة وموضوعية.وقضية أخرى السودان الذي اقتطع أصلا من مصر فبدل أن يرجع إلى أمه وأبيه أصبح بفعل النظرة الوطنية المسخ أبناء ممسوخين عاقين فهوى إلى شذوذ التقسيمات ليصبح السودان سودانيات سودان الخرطوم وسودان الجنوب وسودان دار فور والحبل على الجرار وعلى غاربه فانا لله وأنا إليه راجعون.وهكذا قبرص قبرصان والعراق عراق الشيعة والسنة والأكراد وهكذا صارت النظرة للقضايا في تاريخ حقبة مظلمة يصدق فيها قول رسولنا:[ستكون فتن كقطع الليل المظلم] وفي قوله[قال الله بي حلفت لأتيحن لهم فتنة يكون الحليم فيها حيران]فهذه الفتنة في نظرة المسلمين لقضاياهم قد جعلتهم نهبا لكل طامع وضيع من الأيتام على مأدبة اللئام وللأسف قد أصيب بهذين المقتلين كل المسلمين إلا من رحم ربك ذلك أن الفتنة العظيمة والحفرة الكبيرة التي وقعوا بها بفعل الغزو الثقافي والفكري بأشكاله الكثيرة قد أصاب فيهم مركز تنبههم فبلاء الفتنة وبال على العقول والألباب فلا تبقي رجاحة ولا رشدا و إننا في هذا المقام لا نريد أن نندب حظا ولا لا نذرف دمعا بل نريد أن نظهر جرحا ونكشف مقتلا فالمقام مقام مصارحة تاريخية واني لأسأل الله رب الأرباب أن نكون ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله أولئك هم أولو الألباب ولكي نضع الإصبع على الجرح لابد أن نظهر للمسلمين الصورة على حقيقتها لنضع الجميع أمام المسؤولية الكبرى التي بحملها بحق عز الدنيا والآخرة فقد كثر الكلام وكثر في بعض الأحيان اللغط حول أعمال المقاومة باعتبارها الطريق إلى الأمل في تحرير البلاد المحتلة عسكريا وانتهاء بكامل التحرير من نير الكافر بل والعودة كأمة ودولة عظمى فلنخضع الأمر للمقياس الشرعي والتاريخي ففي الشرع الحل والاستقامة وفي التاريخ خير وعبرة لعل فينا من يلقي السمع وهو شهيد فتثبت أقدام بعد أن زلت وتستقيم أعمال بعد أن انحرفت فتحيا خير أمة بعد أن خضعت وخنعت وذلت.
إن الحقيقة التاريخية التي صنعها الإسلام تقوم على أن الجهاد على مدى حوالي ثلاثة عشر قرنا كان يعلن باسم الأمة وبجيوشها لا باسم شعب ولا باسم حركة هنا أو هناك و إن أعلن من قبل أفراد هنا أو حركة هناك فلم يكن ولم يقبل احد البتة أن يكون بديلا عن جهاد جيوش الأمة أو ملهاة عنها لذلك كان إجماع الأمة بكافة عصورها على مسلمة واحدة لا بديل عنها و هي أن الجهاد الواجب هو جهاد الأمة بقيادة فعلية تعلن باسم خليفتها حتى غيرت على أساسها مجرى التاريخ والموقف الدولي برمته و لا ننسى في هذا المقام كيف جرد معتصم بني العباس جيشا من بغداد الإسلام ومنطلق الفتوحات جيشا باسم الأمة يجوس خلال الديار ويفتح بلادا لم يطأها المسلمون من قبل بسبب استغاثة امرأة نعم لقد انقلبت موازين عمورية بحصنها العصي على رؤوس أهلها لمجرد محاولة الاعتداء على عرض امرأة شرفها وشرف أمتها وراءهما من يعلن الثأر والنجدة والجهاد والفتح والتأديب باسمها وبجيوشها وأمام كل هذا المجد فإننا نرى بعين سلفنا وأجدادنا حقيقة ملأت الدنيا وهي أن لا شرف لأمة بدون كلمة واحدة تحت أمير واحد يحمي بيضتها ويدافع عن شرفها وعلى ضوء ذلك نسال بكل أم أليس من العار أن يقاتل الشيشان لوحدهم كمقاومة وبدون جيوش تركيا والشام وان يقاتل أطفال ومستضعفي فلسطين بدون نصرة جيوش الكنانة قاهرة الغزاة وان يقاوم أهل كشمير بدون جيوش باكستان وان يقاوم العراق والأفغان بدون جيوش تركيا والشام وباكستان وإيران ؟ او ليس الأشد عارا وشنارا أن تكون هناك بلاد محتلة لأمة المليار ونصف؟ ليس ذالك غريبا إذا كانت النظرة الجذرية معدومة لأنها تري أن أعمال المقاومة يجب أن توضع في مقامها وهي أنها لا تسقط واجبا ولا تحرر بلادا وعبادا تحريرا كاملا فهي دون المطلوب بكثير ولا يصح أن يتغنى بها المسلمون كألهيات عن المطالبة بالنصرة الحقيقية الجذرية ولا كبديل عن جحافل جيوش التحرير تسير باسم الأمة وبأمر أميرها الراشد وكحل أوحد طال الزمن أم قصر وانه وان كانت بعض أعمال المقاومة تسري عن شيء بسيط من مخزون حقد وغضب الأمة إلا أنها لا تغني عن الحق شيئا وهوان يفرغ مخزون غضب الأمة في عظمة واحدة تلتف حول من يعملون للحل الجذري التاريخي والذي سيعيد للمسلمين دولتهم ليعود لهم القرار المركزي الصادر عن خليفتهم رمز وحدتهم فهو وحده صاحب القرار المركزي الذي يعلن باسم الأمة النفير العام باسم كل الجيوش الرابضة ليقودها للتحرير الحقيقي لسائر بلاد الإسلام من دنس الكفر.

وان الحقيقة الكبرى التي يجب على المسلمين التعامل معها بعزمات الرجال هي أن ما يعانونه من احتلال عسكري هو عرض من أعراض المرض الحقيقي الإحتلالات الفكرية والثقافية والسياسية التي أجهزت على كيانهم كأمة ودوله وان إشعال البؤر الحساسة على امتداد بلاد المسلمين ابتداء من احتلال فلسطين وانتهاء باحتلال بغداد الرشيد والمعتصم وغيرها إنما هو لإشغال الرأي العام بما هو ظاهر لإخفاء جوهر ومكمن الداء ومحل الصراع الواجب ووجهة التحرير الحقيقي نعم لابد للأمة أن تعرف وجه عدوها الحقيقي وان لا تقبل أن يصنع لها مجدا ولا أن تحرر تحريرا منقوصا على حساب التحرير الحقيقي الكامل وان تدرك أيضا أن جرعات المقاومة لا تذكر أمام ما هو واجب عليها لان المقاومة تصب في محاولة العمل للتحرير العسكري انشغالا سافرا عن التحرير الشامل وجرائم الإحتلالات العسكرية هي إثم من آثام الإحتلالات الفكرية والثقافية فهذه هي الحفرة التي وقعت بها كل بلاد المسلين وان حقيقة المسعى للتحرير العسكري بدون التحرير الفكي والثقافي والسياسي والاقتصادي لا يقبل لان ما يحرر عسكريا سيبقى في كيد حفرة كانت هي السب في كل احتلال عسكري فمثلا:أعمال المقاومة في لبنان أعلن أنها السبب في تحرير الجنوب ولكن الحقيقة تقول أن الجنوب قد تحول من الاحتلال العسكري ليبقى تحت حكم بغير ما انزل الله في ظل احتلال سياسي وفكري وثقافي ما يظهر انه لم يؤدى الواجب والمطلوب ولم يذهب بعد سبب الشر والمصائب ، بل فالواجب والمطلوب هو القيام بالأعمال التي من شانها أن لا تنقل الدار من دار كفر إلى دار كفر بل من دار كفر إلى دار إسلام. قد يقول قائل:هل هذا يعني أن أعمال المقاومة على هذا النحو محرمة؟ نجيب لم يقل احد بذلك بل القضية هي أن الإسلام الذي يجب أن نسير على أساسه ومن منطلقاته يعلمنا رسوله صلى الله عليه وسلم أن لا نقبل حلا مجزوءا وان لا نعمل أو نرضى بتطبيقه مجزوءا؛ الم يعرض عليه صلى الله عليه وسلم الحكم كاملا ولكن مشروطا بشرط واحد من بني عامر بن صعصعة عندما أعطوه النصرة على أن يكون لهم الأمر من بعده ؟فلم يقل صلى الله عليه وسلم ذلك البتة ولم يروى عنه انه فاوضهم بل قال لهم بملء فيه الشريف الذي ينطق وحيا:أن الأمر لله يضعه حيث يشاء فهل يجرؤ احد بعد أن يقول أن الرسول اخطأ بعد أن وصل الأمر بين يديه فيأخذ ما تيسر والباقي والمستقبل يحكم فيه الله؟ لنلاحظ حقائق الإسلام في عدم القبول أن يحيا المسلمون بجزء من الإسلام دون البقية عن تقصير أو مساومة مباشرة او غير مباشرة أو بالعمل للتحرير المجزوء ولله در القاتل باسم الأمة وتاريخها:نحن قوم لا توسط بيننا لنا الصدر دون العالمين أو القبر. لذلك فإننا ندعوا كل الأخوة في المقاومة دعوة حق وصدق وأخوة أن يضيفوا إلى أعمالهم أعمالا واجبة عليهم ليضعوا ثمرة جهودهم في مشروع التحرير الكبير وان لا يقدموا ثمرة جهودهم المبرورة ان شاء الله لتستظل بحكم بغير ما انزل الله كما حصل في لبنان وليبيا والجزائر.

قد يقول قائل أيضا: أن هذه الأعمال هي مرحلة من مراحل التحرير الكامل وهي مرحة التحرير العسكري أولا ومن ثم نكمل المشوار أقول إن ربط التحرير الكامل ربطا مرحليا بالتحرير العسكري أولا ومن ثم التحرير السياسي فالثقافي فالاقتصادي فالصناعي وهكذا أقول أن هذا خطا من وجهين الأول وهو أن واقع الاحتلال العسكري في كافة مواقعه على الإطلاق هو ثمرة للاحتلال الفكري والثقافي والدليل على ذلك إضافة لواقع ما حصل إن محاولات الكافر المستعمر وإثمهم اليهود المستميتة لأخذ فلسطين من دولة الخلافة لم تنجح فلم يستطيعوا ذلك على الرغم من ضعفها وهزالها الأمر الذي تحقق لهم حال هدمها بسبب الاحتلال الفكري والثقافي ليدل ذلك دلالة قطعية على أن الانشغال بالعرض عن سبب المرض هو التيه والضياع والأصل الحق هو المباشرة بالمعالجة التاريخية لسب الداء واس البلاء وهو القضاء على الاحتلال الفكري والثقافي في الأمة باسمها وبها ومعها. وأما الوجه الثاني هو عدم الأخذ بالاعتبار أن لنا برسول الله أسوة حسنة وواجبة حيث لم يجعل التحرير لمكة أم القرى عسكريا ابتداء في ظل عدم وجود بقعة على الأرض تعيش تحريرا كاملا من الكفر وتحكم بالإسلام كاملا بل أصر تشريعيا على أن المرحلة الأولى تقتضى إيجاد دار الإسلام كنقطة ارتكاز بالطريق الفكري السياسي الخالي من أي صدام مادي بل بالحجة والموعظة الحسنة تبنى نقطة الارتكاز للإسلام في دولة لتكون المرحلة الثانية وهي الانطلاق نحو التحرير لبقية دار الكفر بالصراع الفكري مضافا إليه الصراع الدموي للحسم العسكري ويضاف لذلك اليوم التحرير العسكري لكل بلاد المسلمين التي احتلت عسكريا لتضم لنواتها التي تكون قد وجدت.انه عندما تحجر مجتمع مكة أمام دعوة النبي صلى الله عليه وسلم إذن له الله أن يبحث عن دار صالحة ونصرة مخلصة ليقيم بها دار الإسلام لتكون نواة يضم إليها كل شبر يحرر من بلاد العالم وفق سنة التحويل وهذا ما كان صريحا في حديث سليمان بن بريدة عن أبيه حيث قال:[ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين ] وعليه فان الإسلام لم يرسم طريقا للتحرير الشامل والتغير الانقلابي الجذري بالإعمال العسكرية وعليه فلم نلاحظ البتة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقدم على تشكيل ميليشيات مسلحة لتحرير مكة في ظل عدم وجود دار إسلام في الوجود بل على العكس ظل يبحث في الأرض حتى أوجد دار إسلام وكانت على بعد مئات الأميال عن مكة وبعدها كان التحرير لمكة من قبل دار الإسلام لنرى بوضوح أن التحرير المطلوب كأولوية مرحليا هو التحرير الشامل والذي يبدأ فكريا سياسيا بغية إيجاد نواة دار الإسلام لتكون نقطة ارتكاز وانطلاق لتحرير الدنيا بأسرها بالصراع الفكري وبجانبه الصراع الدموي وهذا لا يعني البتة تأجيل القيام بواجب التحرير لما اغتصب من بلاد المسلمين عسكريا بل إن الواجب الحتمي أن تقوم جيوش المسلمين بتحرير ما اغتصب ولكن لا يقبل هذا مغنيا عن إيجاد نواة الدار التي تضم أي بلاد يراد تحريرها عسكريا كي لا تبقى يتيمة في الواقع أو منقوصة التحرير وفي ظل الظروف الراهنة من ضعف المقاومة وقلة حيلتها للاضطلاع بالتحرير حيث قامت طيلة حوالي سبعة عقود تقريبا ولم تلوي على شيء ليتضح أن التحرير على الصعيد العسكري يحتاج إلى التحرير الشامل لتقوم الجيوش المحيطة بفلسطين بواجبها في ذلك بعد أن تصبح تحت إمرة خليفة راشد بدلا من الاستعانة بحكام لم يزيدوا القضية إلا استهانة والمستنصرين إلا خذلانا وخبالا ونقصانا وما دور ملوك الأردن وحكام سوريا ولبنان ومصر الأخير شاهد وما دور ما تسمى بجامعة الدول العربية ومنظمة التحرير الخائنة الخانعة إلا مثالا ومظهرا واضحا على من يسير في ركاب أولئك الحكام الأغيار وما تنازلات المنظمة ومن ورائها الحكام وعن كل ما اعتبرته ثوابت ومقدسات زعمت أنها قامت عليها فلم تبقي لها شيئا ثابتا ولا مقدسا إلا خير مثال على أن أي حسم عسكري لا بد أن يكون عمقه دولة الخلافة الراشدة و بإرادة الأمة و جيوشها .

إن أي مقاومة لا تسند ولا تُمد فإنها لا تلبث إلا أن تستسلم وتسير في ركاب عدوها وعدو أمتها لان أي عمل يقوم للتحرير من الاحتلال لابد له أن يكون قائما مستقيما بأسبابه ومن ذلك إن أي استعانة بعميل المحتل من حكام وسوقة إن هو إلا قتل لأي جدية وإحباط للعمل تماما كما حصل مع المنظمة ومن يسير على ركابها ومن يعلق آمالا عليها أو على صلاحها بعد كل ما حصل بسببها.

وان في دعم إيران وسوريا للمقاومة في لبنان دلالة واضحة على أن هذه الدول لا تريد تحرير ما اغتصب من جهة ومن جهة أخرى تعمل على صرف الأنظار عن سؤال هذه الدول عن تحريك جيوشها الرابضة في ثكناتها لا ترتفع حرارة قطاعاتها العسكرية إلا من حرارة الشمس حيث لا حرارة ولا مروءة في أركانها وآلا فالسؤال الصغير لحكام سوريا كيف بالله عليكم تدعمون المقاومة لتحرير جنوب لبنان ولا تقومون لتحرير الجولان ؟ او ليس من يحتل جنوب لبنان هو نفسه من يحتل الجولان ويا للصدفة؟؟ وسؤال لإيران الم يكن الزحف لتحرير القدس أيها المتآمرون عبر بغداد عندما تذرعتم بحربكم مع العراق آن ذاك؟ فها هي قد وقفت الحرب مع حكامها وها قد احتلت بغداد من قبل من تدعون أنهم أعداؤكم وعلى تواطؤ منكم ومرأى ومسمع فأين جيوشكم إن صدقتم عن تحرير القدس لحد اليوم؟بل لا نريد تحرير القدس نريد منكم تحرير بغداد أولا من الشيطان الأكبر كما تدعون أم أن القدس وبغداد منكم براء ؟

إن هذا يا عقلاء المسلمين لدليل قاطع لا يناقش على إن أي دعم لأي مقاومة من هذه الدول القادرة بجيوشها قطعا على التحرير أي دعم من هؤلاء الحكام لا يراد به وجه الله وإنما يريدون إشغال الأمة والرأي العام عن أي اشتغال بأي خطوة تصب في التحرير الشامل للبلاد والعباد من شر تلك الأنظمة وإقامة الخلافة الراشدة على أنقاضها. نعم أيها الناس إن هذه هي القراءة الحقيقية للتاريخ كما الحاضر.

إن قراءة واضحة لأحكام الإسلام بما يرضي الله عز وجل تري ما يلي:إن معضلات المسلمين كلها بل والعالم اجمع لن تحل إلا بالسير الجاد على طريق الرسول صلى الله عليه وسلم في بناء المجتمع الإسلامي وإقامة الحياة الإسلامية لتتضح لنا بذلك أولى الأولويات لنبدأ بها باعتبارها هي وحدها الأعمال الضخمة التي حددها الإسلام بهذا الاعتبار لتنال بذلك كل اهتمام ودعم من جميع المسلمين على الأرض وعليه فان أي عمل غير هذه الأعمال مهما أثار مشاعر الناس وألهبها وأطربها فانه لا يعد-إن لم يضم القائمون به جهودهم إلى جهود العاملين لإقامة الحياة الإسلامية بالخلافة – انه يعد الهاءً ومضيعة للجهود والطاقات.ويقع في هذا الصعيد أعمال المقاومة ضد الإحتلالات العسكرية.وان نظرة عميقة ومسئولة لهذه الأعمال نرى ما يلي: إن إعمال المقاومة في الواقع مغطاة بحكم شرعي يجب أن يراعى عند القيام به التزامه من خلال سلم الأولويات الشرعي لذلك لابد من شيء من التفصيل فأقول: أعمال المقاومة ضد الكفار وان كانت جهادا إلا أنها يجب أن يظهر حجمها بالنسبة لأحكام الجهاد المطلوب في مقام مناطها وحدود الكفاية والواجب شرعا والمقاومة اليوم في كافة البقع الثائرة من عالمنا الإسلامي المغلوب على أمره تغطي في جميع مستوياتها نزرا يسيرا بالنسبة لحجم إمكانيات الأمة الموجودة والتي يجب أن تستنفر كل الجهود الواعية المخلصة من اجل تجميعها بالطريق الشرعي من خلال العمل التحريري التغيري الكبير الواجب. ومن جهة أخرى فان الجهاد لابد أن يراعى موقعه بالنسبة لأحكام الإسلام باعتباره فكرة وطريقة حتى يكون الالتزام كاملا.وقد فهم المسلمون منذ بداية مسيرة الجهاد على يد المصطفى صلى الله عليه وسلم انه هو الطريق الشرعي لحمل الإسلام رسالة إلى العالم حيث قال صلى الله عليه وسلم [أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا اله إلا الله محمد رسول الله ]واستجابة لقوله عز وجل(قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين اوتو الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون) ليتضح أن الجهاد هو قتال الكفار قتال قوة وعزة يعلن باسم الأمة بجيوشها لحمل الإسلام حملا يحقق السيادة والسؤدد أو لأجل الذود عن بلاد الإسلام وأعراض المسلين بقوة تنسي المعتدين وساوس الشيطان على نحو يكونوا فيه أذلة صاغرين مهزومين وعبرة للمتربصين حتى يلقي الإسلام بجرانه في الأرض ولا يبقى للكفر أي اثر على الأرض.

إن من انصع بديهيات الإسلام انه نظام شامل لجميع مناحي الحياة في آن واحد.فلم يشهد الإسلام أي تطبيق لأي من أحكامه بالتدرج على خلاف تشريعه. ولا أدل على ذلك من صراحته وحزمه وحسمه صلى الله عليه وسلم في التطبيق والتنفيذ فهذا وفد ثقيف لم يقبل منه مساومة و لا تسويفا عندما فاوضوا رسول الله في إعفائهم من الصلاة وتأجيل هدم الصنم.ما يوجب على المسلمين أن يراعوا ذلك عند التزام الإسلام والسعي لإيجاده في واقع الحياة والدولة والمجتمع.وما يلفت الأنظار أن الإسلام قد غاب عن التطبيق منذ هدم دولة الخلافة وخلال عدة عقود طويلة خلت والى اليوم لتظهر قضية الإسلام الكبرى وهي إعادة العمل بأحكام الإسلام في كافة المجالات وإعادته لواقع الحياة والدولة والمجتمع من جديد.نعم هذه هي قضية الإسلام الكبرى اليوم والتي يجب أن تهز كيان كل مسلم غيور على دينه و امته ليكون على هدى من أمره يقرأ الواقع ليعالجه بالإسلام حتى لا تقوده ردّات الفعل و لا تتقاذفه أمواج الواقع كرهينة للتبريرات والتوقيعات . فمن اراد العزة للإسلام وأمته لابد أن يعلم أن لا مخرج إلا بالإسلام التزاما دقيقا بفكرته وطريقته؛ فالإسلام كفيل بان يحدد قضيته وان يرسم للعاملين طريقته على نحو لا يضل المرء أبدا.وعلى ضوء ذلك لابد أن ننظر لأي مشروع يقام به لأجل حل قضية من قضايا الإسلام بمراعاة اعتبارات الإسلام أحكاما و اولويات؛ فهاهم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما اجتمعت عليهم قضايا يزاحم بعضها البعض ما كان منهم إلا أن قدموا الأولى وفقا لما أملاه عليهم الإسلام فعندما انتقل النبي صلى الله عليه وسلم للرفيق الأعلى وخلا منصب الحاكم ما أوجب عليهم بيعة خليفة وفي الوقت نفسه فان أمامهم واجب إكرام النبي بالتعجيل في دفنه وإمضاء بعث أسامة الواجب وواجب حسم قضية المرتدين ومانعي الزكاة وتطبيق سائر الأحكام فما كان منهم إلا أن قدموا الأولى فالأولى تقديما تشريعيا بكل أمانة ومسؤولية وان واجب السير التشريعي بكل أمانة ومسؤولية يوجب على المسلين اليوم كأمة وإفراد وجماعات أن يحلوا قضاياهم على نفس النهج ما يوجب أن ننظر إلى أعمال المقاومة من نفس الميزان الشرعي و بأولوياته و ليتضح حجمها وحجم أي عمل ومسعى لخير الإسلام التزاما وإيجادا لتتضح الحجج التي يجب السير على أساسها بما يرضي الله ولكي يسير المسلمون جماهيريا وكقاعدة شعبية مع منهم أهل للاضطلاع بمسؤولية القيام بمشروع التغير الكبير في ظل هذا التزاحم في القضايا في ظل ظروف ومصائب لوصبت على الأيام لصرن لياليا.الم يخلو منصب الخلافة؟

بل ألم تهدم الخلافة من أساسها بأكبر مؤامرة عرفها التاريخ؟ الم يستبدل المسلمون النفعية بالحلال والحرام والحريات بالالتزام والقومية والوطنية والمذهبية بأخوة الإسلام و ألم يتبعوا أذناب البقر بدلا من الجهاد يعلن كاملا باسم المليار ونصف مسلم بجيوشهم وأموالهم ألم يشكلوا من أنفسهم اكبر جمهور متفرجين عرفه التاريخ.وغير ذلك من قضايا الفقر والجوع وانعدام الأمن وسرقة الأمراء لأموال الرعايا وغير ذلك من ضياع الاموال وهتك الأعراض فانا لله وإنا إليه راجعون.

إن الوضع الطبيعي الذي يجب أن يكون عليه المسلمون هو أن يكونوا أمة ودولة واحدة تغزوا ولا تغزى لأنه ما غزي قوم في عقر دارهم إلا ذلوا لذلك فإننا نرى بوضوح أن حالة الدفاع التي عاشها المسلمون في المدينة كانت حالة استثنائية ولم تكن هي الحالة الأصلية بل الحالة الأصلية ابتدأت يوم خرجوا يفتحون أرجاء الأرض ابتدءا بحسم أمر قريش واستمرارا على هذا الأمر حتى خضعت القياصرة والأكاسرة والأقباط والتتار والبربر و عليه فإننا لنضع تحت هذا الضوء أعمال المقاومة والتي لم تسقط الواجب عن الأمة حيث لم ولن يستطيع أن يعلنها احد باسم الأمة وبجيوشها إلا الخليفة الذي يقاتل من ورائه فأعلنت أعمال المقاومة على استحياء باسم أفراد ومجموعات لا تشكل إلا نزرا يسيرا على هامش عدد الأمة وجيوشها وثرواتها وعتادها فلم تنكا عدونا بجرح هزيمة ولم تحرر أرضا تحريرا كاملا كما حصل بالجزائر الذي خرجت منه فرنسا بخيلها وجيوشها لتبقى حتى اليوم بفكرها الساقط وعملائها وحتى لغتها ويأخذ حكمها سوريا ولبنان ومصر وليبيا وكل بلد خرج منه الكافر بعسكره ليبقي جيوشا جرارة من العملاء في الفكر والسياسة والاقتصاد والإعلام لتبقى البلاد تحت نيره بنار عملائه.لنرى بكل وضوح أن أعمال المقاومة لا تصلح لمعالجة واقعنا بأسّ دائه وبلائه.قد يقول قائل بان أعمال المقاومة والكفاح المسلح أو الثورة المسلحة هي الطريق لاقامة الحياة الإسلامية والدولة.لا يقل ذلك لان ثبوت الطريق الفكري السياسي الذي يحظر من خلاله استعمال العمل المادي و انه الكفيل وفق أحكام الطريقة شرعا للقيام بمشروع النهضة بالمسلمين وبالتحرير الكامل كان واضحاً جلياً وهذا مثبت بالمرحلة المكية كتشريع للتغير والتحرير بغية إظهار الإسلام في دولة وهذا مثبت بالحجج المسكتة التي لا تدع مجالا لأي كلام.إن الأعمال التي قام بها الرسول صلى الله عليه وسلم وتصب في التغير كانت بالصراع الفكري لصناعة أمة تفكر وتنظر على أساس الإسلام حتى لا يقودها أي فكر من أي ناعق، وبالكفاح السياسي لإحراج وزلزلة الأنظمة القائمة ليسخط الناس عليها ويكشفوا من وراءها ليروا عدوهم الحقيقي فيطردوه شر طردة ما يمهد للإطاحة بتلك الأنظمة وإعلان الحرب على من وراءها بالإضافة لأعمال طلب النصرة لتمكين الدعوة من استلام الحكم. هذه هي الأعمال الشرعية الواجبة والتي تشكل أحكاما تفصيلية لطريقة تغير المجتمع وبناء أمة بعد تحريرها فكريا بالصراع الفكري وسياسيا بالكفاح السياسي.لقد أصبحت هذه الطريقة اليوم هي الجديرة بالثقة والتأييد والسير على خطاها وانقيادا لمن تبنوها خصوصا بعدما أحدثته من صهر للأفكار والآراء والأحكام والمعتقدات التي سادت العالم الإسلامي من قومية ووطنية وديموقراطية ومذهبية و مصلحية ومن الفت ما حصل من تأثير وتغير على أيدي حملتها المجددون أن مخابرات إحدى الدول العربية أو سمها إحدى كيانات سايكس بيكو المسخة أرادت أن تفتن احد شباب هذه الدعوة ما حداهم بوضعه مع مجموعة من أقطاب ومنظري الفكر الشيوعي ليردوه عن دينه ودعوته الخطيرة على تلك الأنظمة وإذا بالمفاجأة الكبرى وهي أن يفاجأ السجانون بمخابراتهم وإذا بالشاب الفرد يصلي بهؤلاء الأقطاب من الحزب الشيوعي صلاة الجماعة ليدل ذلك بوضوح قطعي على اثر هذه الدعوة التغييرية التاريخية الملتزمة بذات الطريق الفكري السياسي الذي سار عليه صاحب القدوة الواجبة صلى الله عليه وسلم نعم لقد أعيد إحياء ذات الطريق منذ مطلع الخمسينات من القرن المنصرم والذي لفت أنظار الكفار وأدركوا خطره الجدي والجذري على كفرهم واستعمارهم حتى قال فيه احد اكبر دهاتهم كلوب باشا[لقد قام حزب خطير سيعيد الحرب الصليبية من جديد إن واصل على طريقه]نعم لقد وصل تأثير الدعوة هذه بلادا بعيدة عن نقطة ابتدائها لتصهر أعراقا وأعرافا وتنشأ رجالا أفذاذا ومن العجم يأخذون بالعزيمة ويتصفون بالنضالية والثبات حتى أعادوا تاريخ دعوة عمار وسمية وخبيب وصهيب و بلال لقد اعادوا تطبيق حديث سيد الشهداء حمزة ورجل قام إلى إمام جائر فنصحه فقتله وذلك عندما كلفت الدعوة هذه وفدا من خيرة شبابها لمحاسبة احد الحكام الكفرة بسبب كفر صدر منه ومن اغرب ما حصل أنهم قد وضعوا أكفانهم في حقائبهم ليعقدوا صفقة رابحة مع خالقهم لينالوا بفضله مرتبة سيد الشهداء بعد أن أعدمهم ذلك الحاكم البعيد ومثل بجثثهم أبشع تمثيل وبعدها فان هذا الحاكم نفسه أصدر إذنا بقتل أي شاب من شباب تلك الدعوة الخطيرة على كفره وأسياده من ورائه وتعد هذه الأمثلة اقل من غيض من فيض ما يعاني حملتها كل ذلك بسبب حربها القوية المؤثرة ضد كل فكر وحركة وكيان عميل للكافر وكل ما دخل على المجتمع الإسلامي فأفسده وقدرة هذه الدعوة وظهور حجتها أدى إلى أن يصرع كل أدران الكفر أمامها ما اثبت جدارتها حتى عادت سيرة الفكر الإسلامي العريق بأصالته القادرة القاهرة هي الظاهرة على كل فكر وما أجواء السؤال عن الحلال والحرام وعن الدليل الشرعي لأي مسالة والتميز بين الكفر والإسلام والديمقراطية والشورى والحريات الفاجرة والالتزام القيم المنضبط والتميز بين الحضارة والمدنية وما يؤخذ وما يرد وبين دار الإسلام ودار الكفر وبين الحربي والذمي والمستأمن وغير هذا من المقاييس إلا ثمرة عظيمة قد حققها الله عز وجل على أيدي حملة الدعوة ولواء التغير وهي عوامل مهمة مرحلة كبرى من مراحل صناعة جيل النهضة والتحرير لتنقية المجتمع وأفكاره من كل ما شوهها.

إن كل هذه الحقائق والثمرات ما كانت لتحصل لو أن هذه الجهود بذلت في أعمال مادية هنا أو هناك وخصوصا ضد جيوش الأمة لان الاصطدام بين أفراد الأمة وحركاتها من جهة وجيوشها من جهة أخرى إن هي إلا غاية من غايات الكافر المستعمر لتشغل الأمة بنفسها عن عدوها وليشغل فكرها و نظرها بالعرض عن المرض ولكي لأتحدث فيها حركة فكرية تكتشف بها الأسباب في انحطاطها وهزائمها والأسباب الموجبة لنهضتها نهضة تقيلها من عثرتها عزيزة تحرك جيوش الفتح من جديد وغاية دهاء مكرهم أن لا تلتف أمة الإسلام حول الحركة الجدية العاملة للتحرير الكامل من نير الكافر المستعمر.وعلى ضوء تلك الحقائق فان التصرف الشرعي الراشد هو أن تتوجه الجهود المخلصة نحو الجيوش بقادتها ونحو أي مظنة للمنعة والقعود على أبوابهم لحين كسبهم لصف الإسلام وأمته كعدة ننصر بها الحركة الجديرة الواعية القادرة على قيادة دفة الحكم القادرة على الكيد بالدول المحاربة والطامعة وردها مهزومة مقهورة وكلنا نعلم من هي هذه الحركة الواعية القادرة بإذن الله على ذلك و التي أخذت بأسباب الوعي السياسي والفكري وبأسباب الدهاء الدولي لتعود كلمة الله هي العليا في ظل خلافة راشدة على منهاج النبوة.

وخلاصة القول خالص النصيحة للمسلمين عامة كأمة تتوق لحياة العزة والكرامة والتحرير الكامل من ربقة الكافر باستعماره الثقافي والفكري والسياسي والاقتصادي والصناعي والإعلامي والعسكري الذي قد أخفى وراءه كل الأشكال الأخرى المسببة له نصحتنا أن تلتف حول قادتها للتحرير الشامل وقادتها من أبنائها للتغير الانقلابي الشامل الذين نذروا أنفسهم لذلك وشدوا عزمهم بعزمة رجل واحد يصلون ليلهم بنهارهم حتى يقضي الله عز وجل لهم الغرض ويبرم الأمر أو تنفرد السالفة.إنكم أيها السلمون لعلى علم بأبنائكم الذين يقودونكم نحو ما تهوي إليه أفئدتكم وترنوا إليه أبصاركم وتتطلع إليه آمالكم ألا وهو إعلان يوم تحريركم وعقد لواء وحدتكم كأمة عزيزة عظيمة بدينها تحت إمارة خليفة يحكمكم بدينكم ويعلن الجهاد باسمكم وبجيوشكم.وانتم أيها المسلمون تعرفونهم بسيماهم من صراحة قولهم وصدق لهجتهم وجدية مخططاتهم وبوضوح ترجمتهم لمشاريعهم لتطبيق أحكام الإسلام عمليا ومنذ اللحظة التي يعلنون فيها قيام دولة التحرير والتمكين دولة الخلافة وذلك على كافة الصعد سواء على صعيد نظام الحكم وتبني مشروع تفصيلي لمشروع دستور كامل بمواد واضحة لدولة خلافة راشدة أو على صعيد النظام الاقتصادي بحشد من الشباب الاقتصاديين البارعين القادرين على إحسان تطبيقه بما يكفل إشباع جميع الحاجات الأساسية لكل فرد من أفراد الرعية إشباعا كاملا وتمكين كل فرد من إشباع حاجاته الكمالية وفق سياسة الإسلام الاقتصادية،وأيضا على صعيد النظام الاجتماعي بما يكفل الاستقرار ونظام العقوبات بما يكفل صيانة الأهداف العليا للمجتمع وسياسة التعليم المفصلة هذا بالإضافة للمفاهيم والنظرات السياسية التي أثبتت جدارة هؤلاء الرجال وسعة إطلاعهم واستنارة وعيهم السياسي واكبر أمثلة على ذلك في الواقع العملي ما شهدته الأمة منهم كشفهم الدقيق لخطط الكافر المستعمر وتبنيهم المسئول لمصالح الأمة ما وسعهم حتى قبل تسلمهم لزمام الحكم ،نعم ما جعلها تكبرهم في نفسها وسرها ترقب يوم يضطلعوا بتسلم زمام تطبيق إسلامها العظيم حتى طالبتهم على استعجال في كثير من الأوقات والمقامات أن يستلموا شيئا من إدارة شؤونها وان كان اقل مرتبة من الحكم ما يدل على عمق معرفتها بهم وطول تجربتها لأهليتهم كيف لا؟ وهم خدامها في مشروع تحريرها الشامل بالتزام مبدئي عقائدي دقيق وفق تفصيلات منهج محمد صلى الله عليه وسلم في التغير والتحرير،فيا أيتها الأمة الكريمة لا تبخلي على أبناء التحير أبناؤك بل ابذلي لهم وللإسلام العظيم كل تحرك مطلوب وكل نصرة ومنعة جدية لعل الله عز وجل يجمعنا عن قريب على قلب رجل واحد وتحت راية واحدة.

وخالص النصيحة لأبناء الحركات الإسلامية إخواننا أبناء امتنا المعطاءة تعالوا بجهودكم ونصرتكم لتساندونا وتضموا جهودكم لمسيرتنا لنطيح كقوة واحة بتلك الأنظمة الجاثمة على صدورنا تمنع جيوشنا من وقفة عز باسمنا جميعا وانه لعين الحق أن مسعانا هذا الذي ندعوكم إليه لهو خير فرج و دعم بالجيوش الرابضة لكل قوى المقاومة التي بحق هي في اشد الحاجة لهذه الجيوش فيا أخوتنا وخير سند لنا تعالوا إلى عمل سواء بيننا وبينكم لنؤدي هذه الأمانة والأعمال الضخمة في مشرع التغير الضروري الكبير والله معنا إن صدقنا ولن يترنا أعمالنا وله الأمر من قبل ومن بعد نسأله أن نكون من خير من وعد وان يفتح لنا وبنا وامتنا ما وعد انه أكرم مسئول وانه نعم مجيب الدعاء.
13 ربيع الأول 1426هـ
22 ابريل 2005 م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق